تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : أسرار الجلسات العرفية.. "حلال العُقد" يحل القضايا في دقائق
source icon

سبوت

.

أسرار الجلسات العرفية.. "حلال العُقد" يحل القضايا في دقائق

كتب:هايدي شتات 

في البدء كانت قضية ميراث قتل فيها صاحب الحق أثناء تنفيذ الحكم، عرضت أمام المحاكم لمدة 23 سنة لم تتوقف خلالها معارك الثأر المتبادلة، وفى لحظة عقل حلها المجلس العرفي في قعدة عرب خلال نصف ساعة على جلستين وعادت "قرية ريم لسلامها القديم"، فما سر الحكم العرفي "حلال العقد"؟ وما علاقته بالمحاكم العادية؟ وماهي قصة الدية وقضايا الشرف؟ ومتى تكون جلساته مفتوحة؟ ومتى تكون مغلقة؟ وما السر الذي يجعل القضاة يفضلونه في حل القضايا المستعصية؟
خلال هذا التقرير نفتح الحوار مع كبار "قضاة الجلسات العرفية " في المحافظات وموقف القضاء المصري من القضاء العرفي.

مواصفات القاضي العرفي 
الحاج عبد الهادي خليل رئيس الجلسات العرفية في" المنوفية"، يعمل في مجال استصلاح الأراضي الصحراوية وتحويلها الزراعة، كما يعمل أيضًا رئيسًا للجنة فض المنازعات على مستوى الجمهورية، وتحويل قضايا الدم العويصة إلى علاقات مودة وإخاء وسلام، عن سر هذا النوع من التقاضي ومسئولياته وضوابطه وشروطه يقول: يشترط فيمن يعمل بهذا بالقضاء العرفي أن يكون أكبر الأعضاء سنًا، متمرسًا في فض النزاعات ومشهودًا له باحترام أهل القرية التي ينتمي إليها، ويضيف المستشار محمد مبارك الرشيدي لهذه الشروط القدرة على فهم أبعاد القضية والثقافة العامة، وأن يتحلى بالصبر وقوة الشخصية والأمانة والنزاهة، وأن يقوم بعمله مجانًا لأنه لو تقاضى مبالغ مالية يصبح كمحام يدافع عن باطل. 
 
تبدأ الجلسة العرفية بالقسم ثم تقييم أخطاء كل طرف بمبالغ مالية لصالح المجني عليه أو أسرته.

ويقول محمد مبارك الرشيدي المستشار القانوني ومحكم جلسات عرفية، وأحد رجال قبيلة الرشايدة في محافظات أسوان وقنا وسوهاج والوادي الجديد ومحامي بالنقض، أن الجلسة العرفية لا تقل عن ثلاثة أفراد، وتشمل: الرئيس أو القاضي، واثنين من الوكلاء للقاضي العرفي سماعة حق، بالإضافة إلى إثنين من الكفلاء، أحدهما كفيل طالب الجلسة والثاني كفيل الخصم.

إضافة إلى اثنين (لسان) أي محامي يتحدث كل منهما باسم كل طرف، فلو تحدث شخص مكان اللسان المحامي المحدد لكل طرف يتم فرض غرامة مقدارها خمسة آلاف جنية على المخالف. 
 
أحداث الجلسة 
يبدأ الحديث طالب الجلسة العرفية، من خلال المحامي (اللسان) الخاص به؛ ويسمع الطرف الثاني ولا يحق له مقاطعة الطرف الأول، ثم يتحدث الطرف الثاني من خلال اللسان الخاص به، وبالتالي للطرف الأول فقط فرصة للتعقيب بعد سماع أقوال الطرف الثاني مرة واحدة فقط، ثم سماع آراء الشهود وأهل الخبرة، وفي الغالب يحضر الجلسة ممثلين من القبيلة وأهل القرية.

ولا يختلف القضاء العرفي في الشرقية عن المنوفية، يقول الحاج مهدي مكاوي فرج رئيس لجنة عرفية في مركز ديرب نجم الشرقية، عدد ممثلي الجلسة العرفية رقم فردي بين 3 - 7 أفراد مثلًا، ليكون هناك رأي مرجح للقرار النهائي، إذا اختلفت الآراء، وتعقد الجلسة في مجلس بمنزل كبير المدينة والذي تتوافر فيه شروط الحكمة والخبرة بانتخاب أهل القرية.

تبدأ الجلسة بتوقيع الطرفين على "إيصالات أمانة" تقدر بمبلغ تقديري يبدأ بـ 200 ألف جنيه كضمان لعدم مقاطعة الطرف الآخر، ثم يفتح محضر الجلسة بواسطة كاتب المحضر الذي يضمن توقيع كل أطراف الجلسة عليه ويسلم المحضر للمحكمة والقضاء.
                 
القضاء المصري والعرف
ويقول الحاج عبد الهادي رئيس الجلسات العرفية في محافظة المنوفية، منذ فترة طويلة تقدر بالعقود كان القضاء المصري يتبع الجلسات العرفية في فض الخلافات لدوره في تحقيق السلم الاجتماعي والصلح بين الأطراف، وهناك العديد من قضايا الدم التي استند فيها القضاء الرسمي إلى القضاء العرفي بسبب المماطلة، وإنكار الجاني وعدم كفاية الأدلة، ثم لجأ للقضاء العرفي الذي أطلق حكمه على المتهم بكل ثقة، فقبله الجميع ودُفعت الدية وانتهى النزاع.
 
كيف تقدر الدية؟ 
تقدير الدية وفقًا لطبيعة الجرم والظروف الاقتصادية للبلاد، وقدرات الجاني المادية وممتلكاته، حتى يستطيع الجاني تجميع المبلغ ويستفيد أهل المجني عليه، وإرضاء الأطراف (أهل القرية وأهل المتوفين) لتحل الأزمات بين العائلات والأسر.
 
القتل الخطأ والعمد 
يقول الحاج عبد الهادي، القتل العمد مع الإصرار والترصد، قد تصل ديته إلى 100 ناقة أو ما يعادلها بالتقدير النقدي بالعملة أو الذهب أو الفضة، وتقدر سعر الناقة الواحدة ما يعادل بين 50-60 ألف جنيه، كما جرى في أحد الجلسات العرفية بالفعل، وبالنسبة للقتل الخطأ أو الحوادث التي نتج عنها فقدان المجني عليه أحد أعضائه سواء رجل أو ذراع، أو بإصابته بعاهة مستديمة، قد تصل فيها الدية الى ما يعادل نصف دية القتل العمد أي ما يقدر بـ 50 ناقة تقدر بـ 3 ملايين جنيه مصري.
 
النصب والسرقة
ويؤكد الحاج عبد الهادي، أنه لابد من التحري عن الجاني وسمعته في القرية، وهل لصاحب الواقعة وقائع نصب أو سرقة مماثلة؟

وهل صاحب الواقعة قام بإجراء "معاملة "مع صاحب السمعة السيئة رغم علمه وتغافل عن سمعته السيئة سعيًا في المطامع المزعومة من قبل الجاني.
 
قضايا الشرف والعرض 
ويضيف الحاج عبد الهادي، هناك ضوابط تحكم قضايا الشرف، حيث تُشكل لجنة لتقصي الحقائق ومعرفة سمعة كل من الجاني والمجني عليه، وصحة أقوال كل طرف، وحال إثبات القضية على الجاني، يتم فرض غرامة حتى لا يتكرر الفعل المشين سواء بنشر صور أو أخبار تضر بسمعة البنت أو بنات القرية التي ينتمي إليها، وقد تغلظ العقوبة بطرده تمامًا من القرية، وفي حالة الخيانة سواء من قبل أحد الزوجين؛ تحديدًا الزوجة يتم التستر على الجريمة وتقليص عدد الحضور وتكون الجلسات مغلقة، وليست مفتوحة لأهل القرية، ويتم النظر في حالة الزوجة وعمر الحياة الزوجية حرصًا على سمعة الزوجة بين أهالي القرية.
 
ويكمل المستشار الرشيدي، القضايا التي تتعلق بالمرأة يضاء لها اللون الأحمر، وتغلظ فيها العقوبات لأقصى درجة، وإذا ثبتت بالأدلة، يأتي المذنب ولا يسمح له بالحديث نهائيًا ولا يحق له الدفاع عن نفسه، ليتم الحكم عليه ويقبل الحكم وينفذه دون دفاع، وتؤخذ الضمانات لعدم تكرار الواقعة مرة أخرى.

وحال التبرئة لأحد الطرفين في قضايا الشرف، يرفع المذنب الراية البيضاء على منزل المدعى عليه، بعد أن يقوم الجاني بعمل إشهار براءة من أول القرية إلى منزل المجني عليه، ويرفع العلم الأبيض على منزل المشهر به لمدة 40 يوم؛ وحال عدم رفع الراية يقوم الجاني بدفع غرامة 100ألف، بالإضافة الى مبلغ من المال يقدره القاضي العرفي كغرامة على الجاني نظير الجرم.
 
تجارب ناجحة
ويروي الحاج عبد الهادي، من القصص التي ساهمت القضايا العرفية في حلها قضية نزاع على قطعة أرض، وتدخل القضاء في تسليم قطعة الأرض لصاحبها وكانت ضمن ميراث، واعترض المستحوذ على الأرض، وهو أحد أقارب المالك الأصلي، ما جعله يمسك بعصا حديدية، ليضرب بها صاحب الأرض وقت التسليم فأودى بحياة المالك الأصلي على مرأى ومسمع الجميع، وفي حضور الشرطة والأمن، وتربص أهل المجني عليه بالقاتل للقضاء عليه بعد أن قضى عقوبة السجن التي فرضت عليه،
استمرت توابعها أمام المحاكم لمدة تزيد عن23 عامًا، واستطاعت الجلسات العرفية إنهائها بجلسة أو جلستين لم تستغرق أكثر من نصف ساعة.
 
 
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية