تشهد المناطق الحدودية بمدن حلايب وشلاتين وأبورماد، جنوب محافظة البحر الأحمر، وصولا إلى توشكي  هجومًا لأسراب الجراد الصحراوي الأصفر، بأعداد هائلة امتدت عشرات الكيلومترات، قادمة من اتجاه السودان، بحسب شهادة الأهالي المقيمين في هذه المناطق والذين أشار البعض منهم إلى أن الجراد ألحق اضرارا كبيرة بالأشجار والزراعات الجبلية في تلك المناطق .

ولا تزال السلطات في مصر،  تعمل على مكافحة أسراب الجراد التي تصل إلى الحدود الجنوبية من دولة السودان، وتواصل فرق مكافحة الجراد بجنوب البحر الأحمر أعمالها المستمرة للمكافحة لليلا.

أسباب زيادة أعداد الجراد

ووفق شهود عيان، في المناطق المذكورة، فقد تزايدت الأسراب التي عبرت الحدود السودانية إلى مصر وفقاً لمصادر مصرية، بشكل كبير بعد القضاء على الأسراب الأولى،  وهي الآن على مشارف مدينة مرسى علم، وتحديدًا في مناطق حماطة ووادي الجمال جنوب المدينة، وذلك بعد دخولها من الجهة البرية والبحرية، وأرجع الدكتور جمال عبد اللطيف، رئيس قسم بحوث الجراد النطاط بمعهد بحوث وقاية النبات، زيادة الأسراب خلال العام الحالي،  لزيادة الأمطار خلال تلك الفترة على خلفية التغيرات المناخية،  وأيضا لعدم مكافحته في السودان في كل المناطق بسبب الأحداث السياسية الجارية هناك،  وفق تقرير منظمة الأغذية والزراعة الأممية "فاو" مما تسبب في وصول عدد أكبر من الأعوام السابقة.

وكانت فرق المكافحة نجحت خلال الفترة الماضية في القضاء على تدفقات كبيرة لأسراب الجراد الصحراوي، من خلال قواعد المكافحة الموجودة بحلايب وشلاتين وأبو رماد، مع الاستعانة بفرق من محافظتي قنا وأسوان، قبل أن تعبر أسراب جديدة أكبر من الأولى.

50 مليون جرادة في السرب

وهنا يشير الدكتور جمال عبد اللطيف، إلى أن مصر ليست من البلاد المناسبة بيئيا لاستيطان الجراد مشيرا إلى أن فصل الشتاء، في الفترة من شهر أكتوبر وحتى أبريل، هو توقيت انتشار وتكاثر الحشرة.

وتتجاوز أعداد السرب الواحد من الجراد في الكيلومتر مربع حوالي 50 مليون حشرة، إلا أن الدكتور جمال شدد على أن جهود مواجهتها مستمرة في مصر بكثافة، وبكافة الوسائل المتاحة، موضحا أنه تم تشكيل لجان لمتابعة التطورات والمجهودات المشتركة بين الجهات المختلفة لمواجهة هذا التحدي، حيث يتم التنسيق بين السلطات المحلية ووزارة الزراعة والمؤسسات الدولية ذات الاهتمام للتصدي لهذه الأسراب والحد من تأثيرها السلبي على المزارعين والمجتمع المحلي وضمان فعالية الاستجابة لهذا الظاهرة الطبيعية المتغيرة .

الجراد وجبة عالية الفوائد

ومن المعروف أن الجراد، بين بعض الشعوب هو وجبة غذائية، يعامل معاملة اللحوم أو الدجاج، كما في السعودية وبعض الدول الآسيوية، فهل يمكن أن يتصدر الجراد مائدة الطعام المصرية؟!، في هذا الشأن رأى الدكتور جمال عبد اللطيف، الاتجاه إلى أكل الجراد  أمراً غير مستبعد حتي وان كان غير مطروح  في الوقت الحالي في مصر بسبب غياب ثقافة التغذي عليه، مستطردا: إلا أن أكله حلال وفيه فوائد، إضافة لكونه شائع في بعض الدول، شرط أن يكون الجراد نظيفاً وخالياً من المبيدات.

 وأوضح أن الدراسات الحديثة أثبتت أن الجراد "النظيف"،  له قيمة غذائية كبيرة لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين تتعدي الـ62%ونسبة ضئيلة من الدهون فضلاً عن الفسفور والكالسيوم والمغنيسيوم والزنك والحديد والبوتاسيوم والصوديوم بالإضافة إلى أن بعض الدول الأوربية قامت بإدخاله في الصناعات الدوائية لعلاج مشكلة النمو عن الأطفال والضعف الجنسي عند الكبار، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي أقر الجراد من ضمن المواد الغذائية المسموح باستهلاكها، وهو ثاني نوع من الحشرات يقره الاتحاد الأوروبي كغذاء بعد يرقات الخنفساء الصفراء وصرصور الليل كغذاء أيضا، فالعالم يتجه للأغذية المستدامة ووجد في الحشرات ضالته المنشودة بسبب ارتفاع مستويات البروتين فيها .

الحشرات عنصرا مهما في الشوكولاتة

وواصل: وبالفعل "الحشرات تدخل في طعامنا دون أن ندري، فالشوكولاتة على سبيل المثال تحتوي على مكونات من الصراصير، فمنظمة الغذاء والدواء الأميركية "FDA" أظهرت نسبا لوجود الحشرات والصراصير في الكاكاو الذي تصنع منه الشوكولاتة، ومسحوق الكاكاو وبعض الأطعمة الأخرى، وأقرت المنظمة أنه لا يمكن إبعاد الحشرات عن الغذاء بنسبة 100%  مع الحفاظ علي النسب المسموح بها لوجود الحشرات في الغذاء".

وأشار د. جمال عبد اللطيف، إلى أن قسم بحوث الجراد النطاط بمعهد بحوث وقاية النباتات يقوم الان بعمل دراسة بحثية عن إمكانية استخدام الجراد في مصر كمصدر بديل للبروتينات و إمكانية تربيته في صوب، مشددا على أنه فور الانتهاء من هذه الدراسة سيتم عرضها علي الهيئات المختصة لإمكانية طرحها كمشروع اقتصادي يسهم  في التنمية المستدامة .  

الجراد بطلا لطلب إحاطة في البرلمان

وفي صعيد اخر وبرغم جهود وزاره الزراعة لمكافحه الجراد  طالب النائب محمد عبدالله زين الدين عضو مجلس النواب، الحكومة بصفة عامة ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بصفة خاصة، اتخاذ جميع الإجراءات لمواجهة أسراب الجراد القادمة من دولة السودان إلى حدود مصر، متساءلا: «ما هي الاستعدادات التي قامت بها وزارة الزراعة لمنع تسلل أسراب الجراد إلى محافظات الصعيد والوجه البحري».

كما تساءل في طلب إحاطة قدمه للمستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، وموجها إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء والسيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، عن مدى علم الحكومة بدخول الجراد من السودان إلى حدود مصر، وعن جميع الاجراءات التي سوف تتخذها الحكومة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، مؤكدا أن هناك العديد من أضرار الزراعية التي يتسبب فيها الجراد خاصة أنه يتغذى على المحاصيل الزراعية كما أنه يُحطم الأشجار وذلك بفعل الوزن الذي يَنشأ من وجوده في مجموعات كبيرة ويُفسد النباتات وذلك بفعل إفرازاته الضارة كما أن الجراد الصحراوي يدمر المحاصيل والأشجار والمراعي ويُعرض الأمن الغذائي للخطر .