تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : آخرهم ممرضة حلوان.. هوس إشعال الحرائق اضطراب يهدد الأرواح
source icon

سبوت

.

آخرهم ممرضة حلوان.. هوس إشعال الحرائق اضطراب يهدد الأرواح

كتب:مي هارون 

شهدت مصر واحدة من أغرب القضايا الطبية المرتبطة بالصحة النفسية، بعد اعتراف ممرضة بمستشفى حلوان العام بإشعال أربعة حرائق متتالية داخل غرف مختلفة خلال ساعات قصيرة، في جريمة وُصفت بأنها الأولى من نوعها تقريباً في تاريخ المستشفيات المصرية بسبب ارتباطها باضطراب نادر يُعرف بـ "البيرومانيا" أو هوس إشعال الحرائق.

الحادثة التي كادت أن تودي بحياة 16 مريضًا يرقدون في إحدى غرف المستشفى، وضعت علامات استفهام واسعة حول طبيعة هذا الاضطراب وخطورته، خاصة بعدما أظهرت كاميرات المراقبة أن كل مرة تدخل فيها الممرضة غرفة ما، لم تمر دقائق حتى يتصاعد الدخان من داخلها، وعند مواجهتها بالأدلة، اعترفت بأنها كانت تشعر برغبة داخلية شديدة لإشعال النيران، وأنها تستمتع بمشاهدة ألسنة اللهب والدخان.

ما هو "البيرومانيا"؟
يقول الدكتور محمد طارق، استشاري الطب النفسي إن "البيرومانيا" أو اضطراب إشعال الحرائق، هو أحد أشكال الاضطرابات النفسية النادرة المدرجة في التصنيف الدولي للأمراض النفسية، متابعًا ويُعرف بأنه رغبة ملحة ومتكررة لدى الشخص في إشعال الحرائق بشكل متعمد، دون وجود دوافع عقلانية مثل الانتقام أو التغطية على جريمة أو حتى تحقيق مكاسب مادية.

ويضيف، المريض هنا لا يسعى لإيذاء أشخاص بعينهم، لكنه يجد في إشعال النار نوعًا من الإشباع النفسي والارتياح الداخلي، بعد ارتكاب الفعل، يشعر بنشوة مؤقتة، ثم تتكرر الرغبة مرة أخرى بشكل قهري. 

ويؤكد الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن ما قامت به الممرضة في مستشفى حلوان يتوافق تمامًا مع اضطراب "البيرومانيا" أو هوس إشعال الحرائق، متابعًا أن اعترافاتها بأنها تستمتع برؤية الناس في حالة رعب وخوف، تكشف عن لذة داخلية في إرهاب الآخرين، وهو عرض واضح لهذا الاضطراب.

أسباب الإصابة
ويضيف هذا النوع من الاضطراب النفسي غالبًا ما يكون ناتجًا عن حرمان شديد في سنوات العمر الأولى، خصوصًا مع غياب الأب أو وجوده بشكل سلبي أو عنيف، فالطفل في هذه الحالة يفتقد العاطفة والحنان، مما يؤدي إلى تراكم اضطرابات نفسية لاحقًا، وقد يتفاقم الأمر مع ضغوط أخرى في سنوات العمر الأولى.

الأعراض 
ويشير د.فرويز إلى أن من أبرز الأعراض المصاحبة لهذا الاضطراب؛ القلق والتوتر المستمر، اضطرابات القولون والمعدة، النوم غير المنتظم، المزاج غير الثابت، إضافة إلى شعور بالإحباط أو الدونية، وعدم القدرة على التعبير عن المشاعر، لافتًا إلى أن المريض يجد متنفسًا في إشعال النيران، يبدأ أحيانًا بإيذاء نفسه أو جرحها وهو مستمتع، ثم يتطور الأمر إلى إشعال أعواد الكبريت أو نار البوتاجاز، حيث يحدق في اللهب ويشعر باللذة، على حد وصفه.

مظهر طيبًا ومحبوبًا
المصاب بالبيرومانيا غالبًا ما يبدو أمام الناس شخصًا طيبًا ومحبوبًا وموثوقًا به، والحديث ما زال للدكتور جمال فرويز، لكنه يخفي داخله سلوكيات مضطربة لا تظهر إلا في ظروف معينة، يحاول أن يجذب الناس ويكسب ودهم خوفًا من الرفض، ثم تأتي اللحظة التي يشعر فيها بالقدرة على تنفيذ فعلته والتلذذ بخوف الآخرين أو أذاهم، مشددًا على أن هذا الاضطراب موجود منذ زمن طويل، ورأى بنفسه الكثير من الحالات التي لم تُكتشف إلا بالصدفة.

اكتشاف الاضطراب لا يكون سهلًا
ويؤكد أن اكتشاف الاضطراب لا يكون سهلًا، لأنه لا يظهر بشكل مباشر مثل الأمراض النفسية الأخرى، بل يُلاحظ أثناء متابعة المريض أو عند خضوعه للحديث النفسي العميق، وغالبًا ما يأتي المريض بشكاوى من أرق وآلام في المعدة وتوتر دائم، ثم يعترف بأنه عندما يتعرض لضغوط شديدة يلجأ لإشعال النار للشعور بالراحة.

العلاج 
وعن العلاج، يرى د.فرويز أن الجلسات النفسية لها دور كبير في علاج هذه الحالات، خاصة إذا تزامنت مع الأدوية التي تقلل من حدة التوتر والاكتئاب، مؤكدًا أن نسب الشفاء أو السيطرة على الاضطراب عالية جدًا متى التزم المريض بالعلاج.

جناة مسئولون عن تصرفاتهم
لكنه يشدد في الوقت نفسه على ضرورة التعامل مع هؤلاء على أنهم جناة مسئولون عن تصرفاتهم، لأن البيرومانيا لا يُصنف كمرض عقلي يُفقد صاحبه الإدراك، وإنما كاضطراب سلوكي، موضحًا المرضى النفسيون يسهل اكتشافهم وتشخيصهم، لكن المضطربين نفسيًا أصعب بكثير، ولا نتمكن من تشخيصهم إلا بعد وقوع مواقف معينة، لهذا السبب نحتاج إلى متابعة دقيقة ووسائل فحص أكثر تقدمًا داخل المؤسسات الحساسة مثل المستشفيات. 

الفحص النفسي للعاملين في المستشفيات
ومن جهته قال الدكتور هاني جابر استشاري الصحة النفسية والعلاج السلوكي، الواقعة مؤلمة وتطرح أسئلة عميقة حول ضرورة الفحص النفسي للعاملين في المستشفيات، خصوصًا في الأقسام الحساسة مثل العناية المركزة والطوارئ، حيث تكون المسئولية عن أرواح المرضى مضاعفة، كما تبرز أهمية توعية المجتمع بوجود أمراض نفسية نادرة قد تبدو غريبة، لكنها حقيقة علمية يجب التعامل معها بجدية.

وتابع المرض النفسي ليس وصمة، لكن إهمال التشخيص والعلاج هو الخطر الحقيقي، علينا أن ندمج الصحة النفسية في جميع قطاعات العمل، تمامًا كما نهتم بالكشف الدوري على القلب أو الضغط.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية