تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : احذر ملابس البالة.. عدوى الجلد تبدأ من خزانة الآخرين
source icon

سبوت

.

احذر ملابس البالة.. عدوى الجلد تبدأ من خزانة الآخرين

كتب:مروة علاء الدين 

في زمن تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية، أصبحت ملابس "البالة" خيارًا شائعًا لدى قطاع واسع، لما توفره من أسعار منخفضة وجودة مقبولة أحيانا، وفي المقابل، يتهاون كثيرون في تجربة الملابس الجديدة داخل المحلات التجارية، ظناً منهم أن كونها جديدة يعني أنها آمنة تماماً، لكن الواقع الذي يكشفه الأطباء والمتخصصون يشير إلى أن هذه الممارسات، سواء استخدام الملابس المستعملة دون تعقيم أو قياس الملابس الجديدة على الجلد مباشرة، قد تكون مدخلاً صامتًا لأمراض جلدية وعدوى لا ترى بالعين المجردة، لكنها تترك آثارا مزعجة، بل وقد تستدعي علاجًا طبيًا طويل الأمد.

في هذا التقرير، نرصد شهادات عدد من الخبراء لشرح المخاطر الصحية الكامنة وراء هذه العادات، وسبل الوقاية منها.

خطر البالة
تؤكد الدكتورة نهى عبد الغني، استشاري الأمراض الجلدية، أن ارتداء الملابس المستعملة دون تعقيم أو تنظيف جيد يمثل خطراً كبيراً على الجلد، وتقول: "القماش قد يحتفظ ببقايا من الجلد الميت، أو العرق، أو بيوض بعض الطفيليات، ما يجعله وسطا ناقلا للعدوى الجلدية".

وتشير إلى أن ملابس البالة تشحن من دول مختلفة، وقد تحتوي على أنواع غير مألوفة من الطفيليات الجلدية مثل الجرب أو التينيا أو فطريات الأظافر، وأضافت: "شهدنا مؤخراً زيادة في حالات الإصابة بالفطريات الجلدية، وغالباً ما يكون السبب ارتداء ملابس مستعملة لم تغسل جيداً".

وتوضح أن الملابس التي تلامس الجلد مباشرة، خصوصًا في المناطق الحساسة كالسراويل والملابس الضيقة، تكون الأعلى خطراً من حيث نقل العدوى، وتختتم تحذيرها بالتأكيد على أن بعض هذه الإصابات تتطلب أشهرًا من العلاج، بسبب تغلغل الفطريات في طبقات الجلد.


ملابس جديدة
أما الدكتور محمد الشاذلي، أستاذ الميكروبيولوجي بكلية الطب، فيشير إلى مفارقة قد يجهلها كثيرون، وهي أن الملابس الجديدة أيضًا قد تكون حاملة لمسببات مرضية، رغم أنها لم تستخدم من قبل.

ويقول: "في أثناء تصنيع الملابس تستخدم مواد كيميائية مثل الفورمالدهيد والأنيلين لتثبيت الألوان ومنع التجعد، وهي مواد قد تسبب التهابات جلدية خاصة لدى أصحاب البشرة الحساسة والحوامل والأطفال".

ويضيف، من خلال فحص عينات من ملابس جاهزة في السوق المحلي، وجدنا بكتيريا مثل المكورات العنقودية الذهبية التي يمكن أن تسبب التهابات جلدية خطيرة في حال وجود خدوش بسيطة في الجلد.

ويشدد د. الشاذلي على أهمية غسل الملابس الجديدة قبل استخدامها، موضحاً أن مرورها بأيدي العاملين في التعبئة والتغليف، وتعرضها لظروف تخزين سيئة، يجعل تعقيمها ضرورة وليس خياراً.

غرف القياس
وتسلط الدكتورة منى حسين، استشاري الصحة العامة، الضوء على أحد أخطر السلوكيات المنتشرة: تجربة الملابس داخل المحلات دون ارتداء طبقة فاصلة بين الجلد والقماش.

وتقول: إن غرف القياس قد تكون بالفعل بيئة محفوفة بالمخاطر إذا لم يتم تهويتها وتنظيفها بشكل جيد، مضيفة أنه حين يتعرق شخص داخل غرفة ضيقة، ثم يدخلها شخص آخر مباشرة، قد ينتقل الفطر أو البكتيريا إلى جلده، خاصة في حال الاحتكاك بملابس غير مغسولة مسبقًا.

وتحذر من تجربة الملابس الداخلية أو ملابس السباحة مباشرة على الجلد، قائلة: "هذه أخطر قطعة يمكن أن تنقل عدوى، خاصة الفطريات أو الالتهابات المهبلية لدى النساء، أو السنط في المناطق الحساسة".

وتوضح أن العدوى لا تظهر بالضرورة فورًا، فقد يبقى الميكروب خامدًا ثم ينشط لاحقاً، وتنبه إلى أن المحلات التي تستهدف الشرائح الاقتصادية المتوسطة غالباً لا تمتلك نظامًا لتعقيم الملابس بعد قياسها، وتختم بنصيحة واضحة: "لا تقيسوا الملابس على الجلد مباشرة، خاصة في المحلات المزدحمة".

عدوى الأطفال
لفت الدكتور همام قسطاوي، إخصائي أمراض الصدر والحساسية والمناعة، الانتباه إلى خطأ شائع بين الأمهات والآباء عند شراء الملابس الجديدة لأطفالهم، وهو قياس الملابس مباشرة على الجلد داخل المحلات التجارية، دون ارتداء طبقة حماية داخلية مثل فانلة قطنية أو شورت خفيف، ويؤكد أن هذا السلوك، رغم انتشاره، يحمل خطورة صحية كبيرة، إذ يعتقد البعض أن الملابس الجديدة بالضرورة تكون نظيفة وخالية من الميكروبات، بينما الحقيقة أن بعض الفيروسات الجلدية – وعلى رأسها فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) – قد تظل حية على أسطح الأقمشة لفترات طويلة، وتنتقل بسهولة بمجرد التلامس المباشر.

ويشرح د. همام أن من أبرز الأمراض التي قد تنتقل بهذه الطريقة هو مرض السنط، الذي يظهر على هيئة زوائد خشنة صغيرة في مناطق اليدين أو القدمين، وقد يحتاج علاجه إلى فترة طويلة باستخدام كريمات موضعية أو من خلال تقنية التجميد بالنيتروجين.

ويشدد على أن الوقاية تبدأ بخطوة بسيطة وأساسية، وهي تجنب قياس أي ملابس جديدة مباشرة على بشرة الطفل، حتى لو بدت نظيفة، واستخدام طبقة حاجزة بين الجلد والملابس أثناء التجربة، كما يوصي بتجنب الملابس ذات الألوان الزاهية جدا أو المعطرة، لأنها قد تحتوي على أصباغ ومواد كيماوية ضارة.

أما عن أول استخدام للملابس، فيوصي د. قسطاوي بغسلها قبل ارتدائها بدرجة حرارة لا تقل عن 60 درجة مئوية، مع إضافة ملعقة من الخل الأبيض إلى ماء الغسيل، لما له من دور فعال في التعقيم، ويفضل استخدام منظفات مخصصة للأطفال، تكون خالية من العطور والمواد الكيميائية، وبعد كل استخدام، ينصح بتجفيف الملابس تحت أشعة الشمس المباشرة، إذ تساعد الأشعة فوق البنفسجية في القضاء على الفطريات والبكتيريا العالقة.

ويحذر من تجاهل أي علامات تظهر على الجلد بعد ارتداء ملابس جديدة أو مستعملة، مثل احمرار مفاجئ، طفح جلدي، حكة، تقشير أو تورم، وينصح بالتوقف عن استخدام تلك الملابس فورا، ومراجعة طبيب جلدية مختص لتقييم الحالة.

تهديد خفي
وتوضح الدكتورة شهيرة الغلبان، استشاري الأمراض الجلدية، أن ملابس البالة قد تحمل طيفاً واسعًا من الميكروبات التي لا ترى بالعين المجردة، لكنها قادرة على التسبب في التهابات وأمراض مزمنة.

وتشير د. شهيرة إلى وجود فطريات تسبب القدم الرياضية والقوباء الحلقية، بالإضافة إلى فيروسات مثل الورم الحليمي البشري، فهذه الكائنات الدقيقة يمكن أن تعيش لفترات طويلة في الملابس، وفقًا لنوع القماش، فالأقمشة الصناعية مثل البوليستر أكثر قدرة على الاحتفاظ بالبكتيريا من القطن.

عوامل مضاعفة
وتحذر من عدة عوامل تضاعف خطر الإصابة:
- عدم غسل الملابس قبل استخدامها.
- تعرض الملابس للرطوبة أو التخزين السيئ.
- ضعف مناعة بعض الأفراد، كالأطفال أو مرضى الحساسية.
- ارتداء الملابس الضيقة التي تحتك بالجلد وتحبس الرطوبة.

وأخيراً، رغم أن ملابس البالة تعد خياراً اقتصادياً وبيئيًا جيدًا في بعض الحالات، إلا أنها لا تخلو من مخاطر صحية قد تتحول إلى أعباء طويلة الأمد، والملابس الجديدة أيضًا، رغم لمعانها، ليست بمنأى عن نقل العدوى، لذا يبقى الحل في التوعية، والوقاية، واتباع سلوكيات نظافة بسيطة لكنها حاسمة في حماية الجلد والصحة العامة.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية