تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : احذر.. ضغوط العمل قد تؤدي بك إلى "الاحتراق الوظيفي"
source icon

سبوت

.

احذر.. ضغوط العمل قد تؤدي بك إلى "الاحتراق الوظيفي"

كتب:شيماء مكاوي

ألقيت تحية الصباح على صديقتي وشريكتي في غرفة العمل، ودون أن انتظر ردها رحت أحدثها عن مشاحناتي الصباحية مع منادي السيارات وأنا أبحث عن مكان لأضع فيه سيارتي، وبينما كنت استرسل في حكايتي المتكررة وأنا أفتح جهاز الحاسب لأبدأ عملي، لاحظت أن "رانيا" وهو اسم صديقتي لم تنطق ببنت شفة لتتفاعل معي، بل إنها على الأرجح لم تجب حتى تحية الصباح.

رفعت عيني لأجدها ثبتت عينيها على بعض أوراق أمامها وهي شاردة، يبدو عليها الانطفاء أو الإرهاق، وهي نفس الحالة التي تركتها عليها ونحن نغادر عملنا يوم الخميس، وكنت أتصور أن يومي العطلة الأسبوعية كفيلين أن يعيدا إليها نشاطها ورونقها المفقودين منذ فترة.

تبدل الأحوال
"رانيا" التي عرفتها قبل سنوات وكانت تعمل لساعات طويلة بمنتهى الحماس، وضحكتها وصوتها مفعمان بالحيوية، كانت تشكو مؤخراً من الإنهاك الشديد، لكنها أيضا كانت لا تستطيع أن تتوقف عن العمل لأنها تتحمل مسئوليات ضخمة تقع على عاتقها، كانت أحياناً تجعلها تبكي، فأصبحت لا تستطيع أن تنجز مهام عملها بنجاح، فضلاً على شعورها بعدم التقدير والإحباط.

اقتربت منها ووضعت يدي على كتفها أربت عليها، وهنا انتبهت وتغيرت ملامح وجهها في ابتسامة مصطنعة، فقلت لها إننا اليوم سنذهب بعد انتهاء العمل إلى زيارة قصيرة، ربما ستساعدها على تجاوز ما تعانيه.

شعور باليأس
وبالفعل.. وعقب انتهاء عملنا اصطحبت رانيا إلى صديقتي الدكتورة إيمان عبد الله، استشاري نفسي وأسري، وحكيت لها عن ما تعانيه صديقتي منذ فترة، وأنني أخشى عليها من تلك الحالة، وهي المعروف عنها نشاطها واجتهادها في عملها، وهنا أخبرتنا الدكتورة إيمان أن ما تعانيه رانيا يطلق عليه "الاحتراق الوظيفي".

أدهشنا الوصف في بادئ الأمر، قبل أن تواصل الدكتور إيمان بقولها: " الإنهاك أو الاحتراق الذي يصيب الإنسان في مجال عمله، ينتج عن تعرضه لكافة أنواع الضغوط عليه خاصة عندما يكون متميزا أو مجتهدا، هذا الشعور بالإنهاك أو الإرهاق مؤذي للإنسان جسديا ونفسيا، يجعله يشعر أنه عاجز عن أداء مهامه كما يجب أو أنه بلا فائدة في وظيفته، وعاجز عن التميز والترقي فينال منه الشعور باليأس.

اكتئاب غير ظاهر
ونحن جميعا نعاني من ضغوط في العمل وتحديات وصعوبات، ولكن المصابون بالاحتراق الوظيفي يكون لديهم في الأصل اكتئاب، هذا ما أكدته الاستشاري النفسي، فالاكتئاب يؤدي إلى الاحتراق الوظيفي، والذي يسبب عدم توازن في الحياة بأكملها، موضحة أن هذا الاحتراق أو الإنهاك له تأثير كبير على عقل الإنسان وتفكيره، إذ أن الأشياء المحترقة لا يمكن أن تعود إلى أصلها فإذا كانت لدينا ورقة سوداء واحترقت ففي تلك الحالة لا يمكننا أن نكتب عليها، كذلك حياة الإنسان تتأثر سلبيا بالاحتراق أو الإنهاك في العمل.

والإنسان عندما يتعرض للإنهاك الوظيفي يتأثر بدنياً أيضاً وليس نفسياً وعقلياً فقط، كما أشارت الدكتورة إيمان، ووجهت حديثها إلى رانيا وهي تقول لها: "هنا لابد أن تضعي أمامك إيجابيات العمل مهما كانت ضغوطه، وأن لا تحملي نفسك أكثر من طاقتها، وأن تقنعي نفسك دائما، أن الطبيعي في أي عمل أن نواجه صعوبات".

أعراض الإصابة
وحدثتنا الاستشاري النفسي، عن كيفية معرفة أن الشخص يعاني "الاحتراق الوظيفي"، من خلال ملاحظة هل أصبح يعاني من صعوبات في التركيز في العمل؟، أو أصبح لا يستطيع التعامل مع آخرين في عمله، أو يشك في نفسه وقدراته، كذلك إذا أصيب باضطراب معين مثل القولون العصبي أو اضطراب المعدة أو الصداع المستمر، أو عدم وجود طاقة للذهاب للعمل.

ومن ضمن الأسباب التي تقف خلف الاحتراق الوظيفي أيضا، كما أوضحت عدم فهم العمل المنوط به، إذ يجب أن يكون لدى الموظف التأهيل العلمي والمعرفي الكافي، الذي يسمح لها بالقيام بالمهام الموكلة إليه، وأن يدرك جيدا أن السؤال عن ما يخفى عليه من معلومات متعلقة بالعمل لا ينتقص منه، مؤكدة أن من ضمن الأسباب التي تؤدي للاحتراق الوظيفي، وجود خلاف مع المدير أو الزملاء، أو خلاف مع أحد من العملاء، كذلك أن يوكل إليه أكثر من عمل في نفس الوقت.

فقدان الدعم
من الأسباب التي أسهبت الدكتورة إيمان في شرحها تؤدي للاحتراق الوظيفي أيضا، عدم الحصول على الدعم بشقيه المادي والمعنوي، وإذا لم تحصل من رؤسائك على هذا الدعم من المفيد أن تدعم نفسك، وتقول د. إيمان عبد الله إنه من ضمن الأسباب التي تؤهل المريض للإصابة بالاحتراق الوظيفي هو التركيز بشكل كامل على سلبيات هذا العمل، ولا يقوم باستحضار الإيجابيات، أيضا العمل تحت ضغط مثلا المسئوليات كثيرة للغاية والمرتب غير مجزي، أو عدد ساعات العمل طويلة، كل هذا يجعل الموظف غير قادر على التأقلم مع العمل.

والاحتراق الوظيفي من الممكن أن يتسبب في أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه، ويكون عرضه للإصابة بأمراض كثيرة، حسبما أكدت الاستشاري النفسي والأسري.

ومن هنا يجب أن يتم التواصل مع الطبيب المختص، وأن يتم تقسيم الوقت ما بين الحياة الخاصة والعمل، وأن يعطي لكلا منهما وقتا خاصا، ويجب أن نطلب الدعم من الأصدقاء في العمل أو الزملاء خارج العمل ولديهم خبرة، ونبتعد عن المخاوف، ويجب عمل تمارين الاسترخاء قبل الذهاب إلى العمل، ونصحت د. إيمان أنه يجب ممارسة الرياضة باستمرار لأنها تخرج الضغوط، فصحة العقل تكمن في ممارسة الرياضة، وحتى وإن كانت المشي فقط، لما لها من تأثير قوي على التخلص من التوتر والقلق.

تأثيرات مزدوجة
توجهنا بالشكر للدكتورة إيمان على ما قدمته لنا من معلومات عن حالة رانيا، وبعد مغادرتنا، نصحت صديقتي بأن نتوجه إلى الدكتور محمد القاضي، أستاذ الطب النفسي، لمعرفة ما إذا كان هناك المزيد يمكن أن يضيفه إلينا.

وأكد الطبيب النفسي، أن الاحتراق الوظيفي يتسبب في تأثيرات نفسية تتمثل في نوبات اكتئاب وقلق وهلع شديد، فضلا عن بعض المخاوف، وخلل للبعض في ساعات النوم، وبعض المهارات العقلية مثل ضعف التركيز، موضحا أن له تأثيرات عضوية تشمل ارتفاع في ضغط الدم وخلل في وظائف الجسم ومشاكل في التنفس، وعدم تنظيم ضربات القلب، ومشاكل في النوم وهكذا، وتختلف الأعراض تبعا لطبيعة العمل وطبيعة الشخصية المصابة وعدد ساعات العمل.

تحقق الرضا
ولأن الاحتراق الوظيفي يحدث نتيجة التعرض لعدد ساعات طويلة من العمل دون الحصول على وقت للراحة، كما أشار الدكتور محمد القاضي، فإن القاعدة العلمية تؤكد أنه مع المزيد من التعرض للعمل يجب الحصول على وقت للراحة لتجديد الطاقة والنشاط وتحسين مستوى الأداء المهني، وبالتالي، فإن عدم الحصول على وقت للراحة يؤدي إلى ضعف المهارات العلمية داخل بيئة العمل، لأنه يحدث ما يسمى بالإنهاك العصبي أو التعب العصبي، فيتوقف المخ عن الأداء وكذلك الوظائف الجسمية.

لذا لابد من الحصول على وقت للراحة في العمل لتجديد طاقة الجسم وطاقة الجهاز العصبي لبدء العمل مرة أخرى، حسبما أكد د. القاضي، قبل أن يلفت الانتباه إلى أن بيئة العمل التي تمارس فيها الضغوط، مستوى الأداء فيها يكون أقل كثيرا من بيئة العمل المتعاونة، التي يساعد تكامل فريق العمل فيها على خلق ما يسمى بالرضا الوظيفي، مما يحسن من الأداء المهني لكل أفرادها.

التدخل المبكر                               
وطرق التغلب على الاحتراق الوظيفي متعددة، وعنها قال "القاضي"، إنه يجب الحصول على وقت للراحة، وتؤكد الأبحاث العلمية أنه لا يجوز التعرض لعدد ساعات عمل أكثر من 6 إلى 8 ساعات يوميا، والحصول على أجازات في نهاية كل أسبوع، والتقليل من المشاكل والضغوط داخل بيئة العمل.
أما إذا حدث وأصاب المريض بالاكتئاب والقلق ومشاكل في النوم، فينصح د. القاضي في هذه الحالة بعرضه على أحد المتخصصين في العلاج النفسي للحصول على علاج، والتدخل المبكر حرصا على عدم تفاقم الأعراض.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية