تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : احتياجات سوق العمل بين "البكالوريا" و"الثانوية"
source icon

سبوت

.

احتياجات سوق العمل بين "البكالوريا" و"الثانوية"

كتب:محمود جودة

تعمل الدولة على معالجة إحدى أهم قضايا العصر الحديث من جذورها، حيث تواجه البطالة بالعلم، مع التركيز على تطوير المسارات التعليمية للطلاب، بما يضمن لهم في النهاية فرص عمل تلائم مؤهلاتهم. الهدف هو أن يصبح هؤلاء الطلاب جزءًا فاعلًا في عجلة التنمية والتطوير الشامل، والمساهمة في نهضة الدولة التي تعتمد بشكل أساسي على العنصر البشري، وقد تم تشكيل مجموعة وزارية للتنمية البشرية للإشراف على هذه المنظومة، تعمل حاليًا على بلورة الخطة بشكل نهائي بعد طرحها للحوار المجتمعي مع جميع الفئات المعنية والخبراء في المجالات المختلفة.

مجالات العمل
اعتمد نظام "البكالوريا" الذي تم طرحته وزارة التربية والتعليم مؤخراً على تم تحديد المسارات التعليمية التي يحتاجها سوق العمل، والتي تشمل الطب وعلوم الحياة، والعلوم الطبيعية، والهندسة والتكنولوجيا، وإدارة الأعمال، والعلوم الاجتماعية، والآداب والعلوم الإنسانية.

تضم هذه المسارات تخصصات تقليدية وأخرى مستحدثة مثل الذكاء الاصطناعي، الطب الجينومي، إنترنت الأشياء، الاقتصاد الرقمي، علوم الفضاء، الطاقة النووية، وغيرها من المجالات التي تواكب متطلبات المستقبل.

التكيف مع التغيرات المستقبلية
أكد الدكتور طلعت عبد الحميد، أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس، على ضرورة وضع رؤية متكاملة تتماشى مع توجهات الدولة، وتأخذ في الاعتبار التغيرات المستمرة في سوق العمل. وأضاف أن ذلك يتطلب إجراء دراسات مستفيضة تمتد لسنوات، لضمان فهم التغيرات المتوقعة والاستعداد لها بشكل كافٍ.

وحذر د. عبد الحميد من اختزال دور التعليم في مجرد إعداد الأفراد لسوق العمل، مؤكدًا أن للتعليم أهدافًا أعمق وأشمل، مثل حماية المجتمع من التطرف والإرهاب، وتعزيز الفكر والإبداع، وتنمية مواطن قادر على المشاركة الفعالة في بناء مجتمعه.

التعليم قضية أمن قومي
كما أشار إلى أن التعليم يمثل قضية أمن قومي، ولا يمكن التعامل معه بشكل عشوائي، ورغم أن المهارات المطلوبة في سوق العمل تتغير باستمرار، إلا أن الهدف الأساسي يجب أن يكون تكوين مواطن قادر على التكيف مع هذه التغيرات، وأداء أدواره بفعالية.

وأكد أن التعليم ليس مجرد وسيلة للحصول على عمل، بل هو ضرورة حتمية للتنمية وبناء المعرفة ودعم البحث العلمي. كما يجب أن يكون محفزًا للإبداع والابتكار، بما يسهم في خلق فرص عمل جديدة بدلًا من الاكتفاء بملء الوظائف المتاحة. ودعا إلى التركيز على بناء مواطن مبدع قادر على قيادة التغيير وابتكار الحلول، مما يعزز استقلالية المجتمع ويبعده عن التبعية.

مهارات العصر
من جانبه، أكد الدكتور محمد صالح الإمام، المستشار الأسبق لوزير التربية والتعليم، أن المسارات التعليمية المتطورة المقترحة ستوفر فرص عمل في مجالات عديدة تندرج تحت كل مسار تعليمي، وأشار إلى أن النظام التعليمي الحالي يخرج شهادات فقط، وهو ما لا يفيد في تحقيق التنمية في عصر الرقمنة.

وشدد على ضرورة البحث عن مهارات إضافية بجانب الشهادات، موضحًا أن المهارات لا تقتصر على مجالات مثل الطب والهندسة فقط. فمثلًا، الطبيب الذي لا يستخدم التكنولوجيا لا يمكن اعتباره طبيبًا عصريًا، والأستاذ الذي لا يستخدم أدوات البحث العلمي الحديثة يفتقر إلى القدرة على الإبداع وحل المشكلات. وأضاف أن العملية التعليمية الحالية تركز على الشهادة بدلًا من المهارة، مما ينتج عنه شهادات ورقية لا تسمن ولا تغني من جوع في سوق العمل.

الشهادات وسوق العمل
وأوضح د. الإمام أن التعليم المصري حاليًا يقتصر على منح شهادة ورقية لا تختلف كثيرًا عن شهادة محو الأمية، ولا تساوي شيئًا في سوق العمل، وأشار إلى أن نظام البكالوريا الجديد قد يكون تمهيدًا لإعداد خريجين متميزين قادرين على تحديد هويتهم المهنية، بدلًا من رؤية مهندسين يعملون في مطاعم، أو محامين يعملون في مواقف سيارات، أو أطباء يعملون في الطوارئ دون مهارات كافية لاستكمال الدراسات العليا، وانقسمت المسارات في نظام البكالوريا المقترح إلى:

1- الطب وعلوم الحياة
 كليات الطب في مصر تتنوع بين حكومية وأهلية وخاصة، بالإضافة إلى برامج ملتحقة بجامعات خارجية، وتسائل عن مدى تعبّر درجات طلاب الثانوية العامة عن قدراتهم الحقيقية، أم أنها نتاج ظروف امتحانية متباينة أدت إلى حصول بعض الطلاب على تقديرات عالية ودخولهم كليات الطب رغم عدم استحقاقهم.

2- العلوم الطبيعية والهندسة والتكنولوجيا
هذا المسار يهدف إلى إعداد شباب مؤهلين للمشاركة في مجالات الهندسة والعلوم الطبيعية، مثل الفيزياء وعلوم الفضاء، بالإضافة إلى التخصصات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، الطب الجينومي، إنترنت الأشياء، الاقتصاد الرقمي، الطاقة النووية.

3- إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية
يهدف هذا المسار إلى تخريج كوادر قادرة على العمل في مجالات إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية، مع قدرات تمكنهم من العمل في أكثر من تخصص، فمثلًا، يمكن للمهندس العمل في مجال الأجهزة الطبية، أو للصيدلي أن يفتح مشروعات صغيرة تتناسب مع مهاراته.

4- الآداب والعلوم الإنسانية
يساعد هذا المسار في دراسة الظواهر المجتمعية وإيجاد حلول لها، مثل مواجهة الشائعات من خلال تقديم حقائق مدعمة بأبحاث علمية، كما يهدف إلى تخريج كوادر قادرة على الرصد والتعبير واستخلاص النتائج العلمية، ورفع توصياتها لصناع القرار.

التعليم الفني
أكد د. الإمام أن التعليم الفني يحتاج إلى انضباط داخلي من الطلاب والمعلمين، وإعداد المعلمين بشكل مهني يتوافق مع المهارات العصرية. وأشار إلى ضرورة إعداد الطالب أخلاقيًا، وإشعاره بأنه قيمة اقتصادية حقيقية له ولأسرته ولمجتمعه.

مراعاة ميول الطالب
أكدت الدكتورة أمل شمس، أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة عين شمس، أن توجيه الطلاب نحو مسارات تتناسب مع سوق العمل هو توجه صحيح، لكنه يجب أن يراعي اكتشاف قدرات الطلاب وميولهم العقلية من خلال اختبارات خاصة، بدلًا من الاعتماد فقط على مجموع الثانوية العامة.

التعامل الاجتماعي والإنساني
وأشارت إلى أن ربط التعليم بسوق العمل هو أمر أساسي في أي دولة متطورة، لكنه لا يجب أن يتم على حساب المواد الأدبية مثل التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع، لأنها تشكل أساسيات مهمة لفهم المجتمع والتعامل مع الآخرين، وأكدت أن التعليم يجب أن يبني شخصية متكاملة قادرة على التعامل مع الحياة العملية والاجتماعية.

تطوير مجالات الحياة
وأخيرًا، أكدت أن تخريج كوادر مؤهلة وقادرة على العمل الجاد سينعكس إيجابيًا على تطوير مجالات الحياة المختلفة، خاصة مع استحداث تخصصات جديدة مثل النانوتكنولوجي، التنمية المستدامة، والذكاء الاصطناعي، وهذا سيسهم في بناء ثروة بشرية قادرة على قيادة التغيير وتحقيق التنمية الشاملة.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية