هاتفتني صديقتي، وطلبت مني بلهجة متوسلة الحضور إليها دون أسئلة، وقد بدا على صوتها الانزعاج، بعد دقائق قليلة كنت استقل سيارتي في الطريق إليها.

بعد نحو نصف ساعة، كنت إلى جوار صديقتي، التي استقبلتني بترحاب مقتضب وهي تعتذر لي عما سببته من إزعاج، واسترسلت: "لكن الأمر خطير، رحاب ابنة خادمتي فاطمة، التي لم تبلغ بعد عامها السادس عشر، يصر والدها ووالدتها على تزويجها دون أن يدركا مخاطر تلك الخطوة، على حياة البنت، ولأني أعرف أن لكِ باعا طويلا في التعامل مع الأطباء، أرجو أن تحاولي اللجوء لأحدهم وبرفقتنا فاطمة ليشرح لها الطبيب تلك المخاطر، فقد حدد الوالدان بعد ثلاثة أيام موعدا لاستقبال العريس وبدء إجراءات الزواج".

 لم أكذب خبرا، وحددت موعدا مع د. حسام الشنوفي أستاذ النساء والتوليد بكلية الطب بجامعة القاهرة، بعد أن شرحت له الحالة، قبل أن أذهب له في الموعد ومعي فاطمة وابنتها.

استقبلنا د. حسام بترحاب، وبعد مقدمة مقتضبة من الكلمات الودية، بدأ حيثه قائلا: "نظريًا تستطيع المرأة الحمل والولادة منذ بداية سن البلوغ ووجود الدورة الشهرية، ولكنه ليس السن المناسب لتحمل إنجاب طفل سواء جسديا أو نفسيا، وقد يختلف السن المناسب للحمل من امرأة لأخرى، فهي تعتمد على الاستعداد الجسدي والنفسي للفتاة".


د.حسام الشنوفي

 وأضاف:" تبدأ معدلات الخصوبة في الظهور منذ بداية سن البلوغ، ثم تزداد تدريجيًا لعدة سنوات، مما يجعل فترة العشرينيات هي أعلى فترات الخصوبة للمرأة، وتقل خصوبة المرأة بشكل طبيعي مع التقدم في العمر، مما يرفع من صعوبة حدوث الحمل ويزيد من خطر الإصابة بالمضاعفات، يحدث انخفاض في خصوبة المرأة مع بداية الثلاثينات، ويستمر في النقصان تدريجيًا خاصة ما بين عمر 35 و45 عامًا".

وحذر  د. حسام، من تعرض المرأة للعديد من المخاطر النفسية والجسدية، أثناء الحمل  في سن المراهقة، أو قبل سن العشرين،  موضحا أنه من الناحية النفسية، يجعل المرأة تصاب  بضغط نفسي يستمر معها  باقي حياتها ، وقد يهدد استقرار زواجها.

وتابع: "أما جسديا، فنظرا لعدم اكتمال نموها، فإنها تتعرض للكثير من المشاكل الصحية كسوء التغذية وضعف البدن،  بالإضافة لأمراض مصاحبة للحمل ومشاكل اثناء الولادة سواء طبيعية أو قيصرية،  نتيجة عدم اكتمال الحوض" .

توجهت بالشكر للدكتور حسام، وغادرناه، وسألت فاطمة إذ كانت اقتنعت بما قاله، فوجدتها مترددة، بينما كانت رحاب الابنة، تنظر إلى متوسلة، أن اقنع والدتها بالرفض.

فكرت قليلاً، واصطحبت الفتاة وأمها، إلى د. محمد أنور هارون استشاري أمراض النساء والتوليد و العقم، وشرحت له الحالة، وسألته عن رأيه في زواج رحاب في هذا السن، فقال إن عدة دراسات أظهرت أن أفضل سن للحمل الأمن و المستقر لدى السيدات هو ما بين سن 20 إلى 35 عامًا،  ويعد عمر المرأة ما بين 20 سنة إلى 24 سنة، هو الفترة الأكثر خصوبة للمرأة.

واستطرد:  "ولكن نسبه ليست بالقليلة من السيدات في هذا العمر لا يكون لديهن الاستعداد النفسي و البدني  للتعامل مع مسؤولية الحمل والولادة و الرضاعة،   ويعد عمر المرأة ما بين الـ 25 عامًا إلى 35 عامًا مثاليًا للحمل و الولادة، حيث تكون المرأة لديها الاستعداد النفسي و البدني لتحمل أعباء الحمل و آلام الولادة ومشاق الرضاعة، وتصبح المرأة ناضجة بالقدر الكافي، للتعامل مع مسؤولية الطفل".   


د. محمد أنور

وعن المخاطر الذي يسببها الحمل في سن المراهقة،  أوضح  محمد أنور أن قبل سن العشرين قد يشكل الحمل خطراً على صحة الأم والجنين، وحددها في نقاط تضمنت:

-    ارتفاع ضغط الدم وحدوث تسمم الحمل ( pre-eclampsia/ eclampsia )
-    انيميا ( فقر الدم ) نتيجة عدم تناول الغذاء المناسب للحمل
-    زياده نسبة الإجهاض في الأشهر الاولي من الحمل .
-    زيادة احتمالية وفاة الجنين اثناء النصف الثاني من الحمل و اثناء الولادة .
-    وفاة الأمهات نتيجة مضاعفات تحدث أثناء فترتي الحمل والولادة  وبعدهما مثل
-    النزيف الحاد (نزيف يحدث في الغالب بعد الولادة)
-    حالات العدوى (تحدث في العادة بعد الولادة)
-    الإجهاض غير المأمون
-     زيادة فرص حدوث الولادة المبكرة، نزول طفل منخفض الوزن عند الولادة.
-    الإصابة باكتئاب الحمل أو اكتئاب ما بعد الولادة.