"لكل داء دواء"، ولكن عندما يقل الدواء، تتفاقم حدة الأمراض وتتضاعف آثارها السلبية على جميع المستويات، لذلك، تؤمن الدولة المصرية بأهمية توطين صناعة الدواء باستخدام التكنولوجيات الحديثة، ليس فقط لتوفير علاج للمرضى بمنتجات وطنية تخفض تكلفة الاستيراد، بل لتحويل مصر إلى مركز تصديري للأدوية إلى أفريقيا والوطن العربي والعالم.
تعد صناعة المستحضرات الدوائية أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد المصري، حيث تضم مصر 175 مصنعًا للأدوية و800 خط إنتاج بتقنيات حديثة، تنتج هذه المصانع مجموعة واسعة من المنتجات الدوائية، و90% منها مسجلة محليًا وفقًا للمعايير الدولية، ووصلت الصادرات الدوائية إلى 84 دولة بقيمة مليار دولار، مع توقعات بزيادتها إلى 1.3 مليار دولار، ويبلغ حجم سوق الدواء في مصر 300 مليار جنيه سنويًا.

توطين الصناعة
لتحقيق مكانة مصر على الخريطة العالمية، تبذل الدولة جهودًا كبيرة عبر تعاون جميع الجهات المعنية. وحددنا 5 خطوات رئيسية لتوطين صناعة الدواء في مصر، نستعرضها في السطور التالية:

1-  إطلاق استراتيجية لتوطين صناعة اللقاحات
حيث أبرمت الدولة 21 شراكة استراتيجية مع كبرى الشركات العالمية، تهدف هذه الشراكات إلى إنتاج أكثر من 50% من اللقاحات المطلوبة محليًا بحلول عام 2030، تماشيًا مع قرار الاتحاد الأفريقي بزيادة حصة اللقاحات والأدوية المصنعة محليًا في القارة إلى 60% بحلول عام 2040.
وأشار الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية، إلى أن مصر تحتل المرتبة الأولى في شرق المتوسط والتاسعة عالميًا في تصنيع الأدوية واللقاحات، وفقًا لتقييم منظمة الصحة العالمية، كما تم اعتماد مركز التطوير المهني "ليمون" كمركز تدريب إقليمي للتصنيع الحيوي للأدوية.
2- جلب تكنولوجيات عالمية جديدة لتطوير الصناعة
تعمل الجهات المعنية على استقطاب أحدث التكنولوجيات العالمية لتطوير صناعة الدواء في مصر، بما يضمن تطبيق أعلى معايير الجودة والفاعلية، كما يتم تطوير المناهج الدراسية لخريجي الصيدلة، مع التركيز على العلوم الإكلينيكية بدلًا من النمطية التقليدية، لضمان تأهيلهم لسوق العمل.
وتلعب الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في تطوير الصناعة، حيث يتم تدريب الكوادر وتطوير الأدوات لمواكبة التطورات العالمية في المجال الطبي.
3- صناعة المواد الخام محليًا
تسعى الجهات المعنية إلى إبرام شراكات بين شركات الأدوية الحكومية والخاصة والشركاء الأجانب، لتصنيع المواد الخام الدوائية محليًا، وأوضح الدكتور علي عوف، رئيس شعبة تجارة الأدوية، أن الدولة تعمل على تعديل التشريعات لتشجيع الشركات على التوجه نحو صناعة المواد الخام.
وتم افتتاح مدينة الخامات الدوائية في أوائل عام 2024، والتي تضم 3 مصانع متخصصة في إنتاج الخامات الدوائية من مصادر كيميائية وطبيعية، وتهدف هذه الخطوة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات.

4- إنشاء مدن دواء وأبحاث جديدة
تعمل الدولة على بناء مدن دوائية وبحثية متكاملة، حيث تم افتتاح مدينة الدواء المصرية بالخانكة في أبريل 2021، كأكبر مدينة لتصنيع الأدوية في الشرق الأوسط، وتبلغ مساحتها 180 ألف متر مربع، وتنتج 150 مليون عبوة دواء سنويًا.
كما تقوم شركة "أكديما" بضخ استثمارات كبيرة في تطوير خطوط إنتاج جديدة، بما في ذلك إنتاج الأدوية الحيوية والأورام والمواد الخام.

5-  عقد اتفاقات وشراكات مع جهات دولية
تعقد الدولة شراكات مستمرة مع كبرى الشركات العالمية، مثل الاتفاق مع شركة هندية لتصنيع المكونات الصيدلانية، وشراكة مع شركة أمريكية لإنتاج 6 أصناف دوائية محليًا.
كما وقعت الهيئة العامة للرعاية الصحية برئاسة الدكتور أحمد السبكي بروتوكول تعاون مع شركة لتوطين صناعة المستلزمات الطبية، مما يدعم الإنتاج المحلي بمعايير دولية.