تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : 400 مليار جنيه خسائر سنوية.. ثغرات قانونية تتيح التهرب الضريبي
source icon

سبوت

.

400 مليار جنيه خسائر سنوية.. ثغرات قانونية تتيح التهرب الضريبي

كتب:محمود جودة

تواجه الدولة المصرية تحديا متزايدا، يتمثل في خسائر ضخمة من الإيرادات العامة، بسبب الثغرات القانونية التي تستغلها بعض الشركات والكيانات الكبرى، لتقليل الضرائب المستحقة عليها، ورغم أن هذه الممارسات تعد قانونية من حيث الشكل، فإنها تُفقد الدولة نحو 400 مليار جنيه سنويا، بحسب التقارير الاقتصادية، تُهدر بسبب التهرب الضريبي الجنيهات سنويا، وتضعف قدرتها على تمويل الخدمات العامة، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

اللواء أحمد زغلول، مساعد مدير المخابرات الحربية الأسبق، عضو الهيئة الاستشارية العليا لمركز رع للدراسات الاستراتيجية، أشارإلى أن بعض الشركات وخاصة متعددة الجنسيات، تعتمد على أساليب محاسبية معقدة لتقليل الضرائب المستحقة عليها في مصر، وهذه الممارسات تجعل النشاط الفعلي موجود في مصر، بينما الأرباح تُعلن في دول أخرى ذات ضرائب منخفضة أو معدومة.

أبرز أسليب التهرب
وبحسب اللواء أحمد زغلول، فإن من أبرز أساليب التهرب التي تمارسها الشركات خاصة متعددة الجنسيات:

1- نقل الأرباح:
يتم نقل أرباح بعض الشركات، من خلال البيع بين فروع نفس الشركة بأسعار غير حقيقية، بحيث تقلل الأرباح الخاضعة للضريبة، وهذه الآلية هي الأخطر بين الأدوات المستخدمة، حيث تستغل الشركات فروعها وكياناتها التابعة لإعادة ترتيب أسعار المعاملات الداخلية، حيث تحدد الشركة أسعارا مرتفعة بشكل مصطنع للسلع والخدمات التي تبيعها لفروعها المحلية، بهدف تقليص الأرباح المعلنة في الدولة التي تفرض ضريبة عالية، مما يقلل من الوعاء الضريبي في الدولة الأم، ويزيد الأرباح في ملاذات ضريبية أخرى لا تفرض ضرائب أو تفرضها بنسبة بسيطة، ليتحول الربح إلى مصروف، والتهرب إلى تخطيط لثغرات قانونية، وتكون نتيجة كل ذلك، فقد الدولة لإيراداتها الضريبية المستحقة فعليا.

2- الديون الصورية
يتم تحميل الشركات التابعة، ديوناً مرتفعة الفائدة، لتقليل الأرباح المحققة، من خلال تحميلها ديونا صورية، حيث تقوم الشركة المحلية بالاقتراض من فرعها بالخارج، بدلا من الاقتراض من بنك محلي، ويتم تحديد سعر فائدة مرتفع جداً على هذا القرض، حيث تسجل الفائدة المدفوعة كمصروف ضخم يخصم من الضرائب محلياً، ويتم تحويل الربح الصافي إلى عبء فوائد يذهب إلى الخارج.

وفي هذه الحالة يجب على الدولة تطبيق قواعد الضريبة على الفائدة الزائدة، وتحديد نسبة معقولة من القروض الداخلية المسموح بخصم فوائدها، بحيث لا تخصم أي فائدة زائدة من الضريبة، أسوة بما تفعله الدول الكبرى لمواجهة هذه الظاهرة.

نقاط ضعف
وهناك عدة نقاط ضعف تسهم في استمرار التهرب الضريبي داخل مصر، بحسب اللواء أحمد زغلول، أبرزها ضعف الرقابة على تعاملات الشركات التابعة داخل المجموعات الاستثمارية، وعدم الإفصاح المالي عن الأرباح الحقيقية لبعض الشركات، والإعفاءات الضريبية الكثيرة التي قد تستخدم خارج أهدافها التنموية.

وأضاف: "وهذه الثغرات تؤدي إلى تسرب جزء كبير من الإيرادات المستحقة، وتخل بمبدأ العدالة بين الشركات الصغيرة وكبار المستثمرين".

خطوات إصلاح
وطبقت الحكومة السنوات الأخيرة، عدة خطوات لتقوية المنظومة الضريبية ومكافحة التهرب، بحسب اللواء أحمد زغلول، منها:

1- تعديل قانون ضريبة الدخل، بموجب القانون رقم 30 لسنة 2023، بما يشمل توسيع تعريف المنشأة لتشمل الأنشطة غير المباشرة، وفرض قيود على القروض بين الشركات التابعة، وإلزام الشركات باستخدام الفواتير والإيصالات الإلكترونية، وتقليص الإعفاءات الضريبية غير المبررة.

٢- تطوير التعاون الدولي، لتبادل المعلومات المالية وكشف تحويل الأرباح بين الدول.

٣- تعزيز قدرات مصلحة الضرائب، من خلال التحول الرقمي، والتدريب الفني للعاملين على تحليل البيانات المالية المعقدة.

تحديات أخرى
ورغم هذه الإجراءات الحكومية التي تعمل على الحد من التجنب والتهرب الضريبي، والحديث مازال لـ اللواء أحمد زغلول، عبر الثغرات القانونية، إلا أن هناك تحديات لا تزال قائمة في مواجهة هذه الظاهرة.

وتابع مختتما: "التحديات خاصة في الجانب الدولي، منها صعوبة تتبع المعاملات المالية عبر الحدود، وتعقيد الهياكل المالية للشركات متعددة الجنسيات، والحاجة إلى تحديث القوانين بشكل مستمر، ونقص الكفاءات الفنية المتخصصة في الضرائب الدولية والتحليل المالي".

استغلال الإعفاءات
وتستغل بعض الشركات، ضعف التشريعات الخاصة بالأصول غير الملموسة لتجنب الضرائب، بحسب تأكيد د. عادل عامر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة طنطا ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية، حيث تحول الإعفاءات إلى وسيلة تهرب، حيث يتم نقل براءات الاختراع، والعلامات التجارية، وحقوق الملكية الفكرية، إلى شركات وهمية في دول ذات ضرائب منخفضة، ثم تفرض هذه الشركات رسوم كبيرة على الفروع المحلية، بحيث تسجل بالكامل كمصروفات قابلة للخصم من الضرائب، مما يضمن تصفير الأرباح المحلية أو تقليلها إلى الحد الأدنى، على الرغم من أن النشاط الاقتصادي الفعلي يتم محليا، وذلك مثل العلامات التجارية أو براءات الاختراع المسجلة في دول منخفضة الضريبة.

ويرى د. عادل عامر، أن القوانين والرقابة المحلية باتت متأخرة عن أساليب التخطيط الضريبي الحديثة، لذلك لا يمكن الاعتماد فقط على تحديث القوانين البطيئة لملاحقة الأساليب السريعة للمتهربين، بل يجب وضع مظلة قانونية شاملة، ونص صريح يمنح السلطة الضريبية الحق في رفض أي ترتيبات قانونية أو تعاقدية، يكون هدفها الأساسي هو التهرب الضريبي، بما يتيح تقييم المعاملات بناء على جوهرها الاقتصادي الحقيقي، وليس مجرد شكلها القانوني، ويسهم في بناء الثقة والعدالة الضريبية للمواطن العادي، ويقضي على المنافسة غير العادلة للشركات.

مسارات الإصلاح
ولمواجهة هذه الأساليب المعقدة، يرى أستاذ القانون العام بكلية الحقوق، أهمية التحرك الفوري على مسارين متوازيين:

أولهما: إصلاحات تشريعية عاجلة، بحيث يدرج نص قانوني صريح يتيح للسلطة الضريبية، رفض أي ترتيبات تهدف لتجنب دفع الضريبة، حتى لو كانت تبدو سليمة شكلا قانونا.

كما يتم وضع حدود قصوى قانونية لنسبة الفوائد والإتاوات المسموح بخصمها من الأرباح المحلية، لمنع التحويلات المفرطة للأرباح، تحت غطاء سداد ديون أو حقوق ملكية فكرية.

وثانيهما: إجراءات إدارية وتقنية، من خلال تعزيز تطبيق قواعد تبادل التقارير الضريبية السنوية بين الدول، لتمكين السلطة الضريبية من رؤية توزيع أرباح وأصول الشركات متعددة الجنسيات عالمياً، ومقارنتها بضريبة الدخل المدفوعة محلياً.

ويشمل ذلك، بناء فرق فنية متخصصة في تحليل تسعير التحويل، واقتصاديات الشركات، لتدقيق القطاعات عالية المخاطر، والاستفادة من التحول نحو الفوترة الإلكترونية لتعزيز الرقابة.

تقديرات اقتصادية
وأشار د. عادل عامر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة طنطا، إلى تقديرات اقتصادية وتقارير رقابية حديثة، تكشف أن مصر تفقد سنويًا 25% من الحصيلة الضريبية المستهدفة، بسبب التهرب الضريبي بمختلف أشكاله، يأتي أغلبها بسبب الشركات الكبرى والكيانات متعددة الجنسيات، التي تستغل الثغرات في التشريعات والاتفاقيات الدولية لنقل الأرباح، أو تقليل الوعاء الضريبي بطرق تبدو قانونية على الورق، لكنها تخالف جوهر النشاط الاقتصادي الفعلي.
وأضاف، أن 400 مليار جنيها تُهدر سنويا بسبب التهرب الضريبي، يمكنها في حالة وجودها تمويل بناء 200 مستشفى جديد، أو 4000 مدرسة حديثة، أو تساهم في خفض عجز الموازنة بنسبة تقارب 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي مبالغ كفيلة بتغيير خريطة الخدمات العامة في الصحة والتعليم والبنية التحتية، لو أُحكمت الرقابة وأُغلقت الثغرات القانونية، التي تستخدم كقنوات للهروب من الالتزامات الضريبية











 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية