انتحر يوسف سيد ٢٥ عاما دون أن يدرك أهله إصابته بمرض نفسي، عانى منه لعدة سنوات، ولكن نظرا لقلة الوعي كان أهله يذهبون به إلى الشيوخ، بدلاً من الأطباء اعتقادا منهم أن ابنهم ملبوس" أو مسحور."

عاش يوسف حياته أياما يصلي كل الصلوات في المسجد ولا يترك فرضا ويستمع للقرآن الكريم، وأياما أخر يشرب المخدرات ويتصرف وكأنه شخص آخر، وعندما لاحظ والديه تبدل أحواله بين الحين والآخر اتصل أبوه بأحد الأقارب للبحث عن شيخ يعالج ابنه، ولم تفلح محاولات هذا الشيخ وغيره، بعض الأهل نصحوا بالتوجه إلى طبيب نفسي ، صيحة بعض الأقارب بضرورة الذهاب إلى طبيب نفسي، لكن الوالدين لم يستمعا للنصيحة فابنهم ليس "مجنون", إلى أن استيقظوا يوما على فاجعة انتحاره.


يوسف لم يستطع أهله إنقاذ حياته، لكن نادر سمير ٣٩ عاما استطاع أهله، بعد أن أدركوا أنه يعاني مرض نفسي، بعد اللجوء للشيوخ بعض الوقت دون تحسن، وحملوا نادر للطبيب، الذي كشف لهم عن إصابته بالتوتر والوسواس القهري، وبالعلاج لفترة لم تكن قصيرة  تحسنت حالة نادر وعاد لطبيعته.



وإلى جانب يوسف ونادر، هناك آلاف غيرهم يعانون أمراضا نفسية تستوجب العلاج قبل أن يقدموا على الانتحار، أو إيذاء أنفسهم،إذ ، 
يوجد عدة أسباب للانتحار قد تؤدي إلى هذه النهاية المأساوية، ويجب أولاً التفرقة بين الانسان المتزن وغير المتزن أو "المريض النفسي"، كما أوضح الدكتور حاتم ناجي استشاري الصحة النفسية ، مؤكدًا إذا كان الشخص مريض نفسي ينتحر أو يقتل تحت أي مبرر. 


و هناك ٣ أمراض نفسية تؤدي للانتحار، والحديث مازال لدكتور حاتم، قبل أن يضيف: أولها مريض "الفُصام "ونحن كأطباء نسميه "شيزوفرينيا"، و ينقسم إلى عده أنواع أحدهم يعاني من هلاوس سمعية وبصرية، ونوع آخر يعاني من مرض التحكم في الافكار فيصبح المريض غير قادر على التحكم في أفكاره، ونوع مصاب بالوسواس وكأن يوجد شخص يوسوس له، أو الايمان بان أحد زرع داخل مخه شريحة للتحكم فيه، كل هذه أنواع الفصام، وسبب الفُصام هو ظهور الأفكار والأصوات التي تُسيطر على المريض، فاذا كان المريض فصامي فالصوت المسيطر عليه يقول له أي شيء كإلقاء نفسه من البلكونة، وبالتالي سيفعل أي شيء يسمعه، ولا يمكن تشخيصه قبل ١٨سنة وبالتالي لا نستطيع تشخيص الأطفال بهذا المرض.

وبالنسبة للنوع الثاني المسؤول عن حالات الانتحار أكد د حاتم أنه الاكتئاب ويتم تقسيمه إلى ٣ مراحل بسيط ومتوسط وشديد، الأول وهو الشديد له أعراض ذهنية، يجعل المريض يشعر بدرجة من درجات اليأس والاحباط فيقدم على هذا الفعل "الانتحار" أو القتل لعدم القدرة على تحمل الواقع أو الاحساس المؤلم فيرتكب هذه الواقعة، متابعا:  اما السبب الثالث المسؤول عن حالات الانتحار هو حالات الاضطراب الوجداني حيث يصاب مريضه بنوبة هوس واكتئاب بالإضافة إلى النوم المختلط، واثناء نوبة الهوس تكون افعال المريض غريبة وغير متوازنة فيقوم بإنفاق مبلغ مالي كبير في وقت صغير، أو أن يتكلم بكثرة، أولا ينام، أو يسوق السيارة بسرعة كبيرة جدًا.


وواصل د حاتم قائلاً:  هؤلاء المرضى أهلهم ومن حولهم يكونوا على علم بمرضهم النفسي لان تصرفاتهم تكون غير طبيعية، والمريض أثناء نوبة الهوس يفعل أشياء قد تظهر وكأنها انتحار، ولكنه لا يقصد، كالقفز من شرفة إلى أخرى،  أو أن يقود سيارته بسرعة جنونية، أثناء النوبة، مستطردا:  في هذه الساعة تكون تصرفاته عنيفة ومبالغ فيها، هذه أنواع الاضطرابات النفسية التي قد تؤدي إلى الانتحار.

 وقد أصبح لدى المجتمع، والأطباء، ثقافة نفسيه نتيجة زيادة الوعي بالأمراض النفسية، على عكس السنوات الماضية كان يوجد اشخاص يعانوا من الاكتئاب والأهل لم يعلموا، لكن الان وبعد حملات التوعية في وسائل التواصل الاجتماعي التي أطلقتها الامانة العامة للصحة النفسية أدت لزيادة الثقافة والوعي للشعب المصري فاصبحنا ندرك ونكتشف المريض النفسي مبكرًا، مؤكداً يوجد أمراض نفسية يمكن الشفاء منها، وبعضها تستقر ويوجد بعضها مزمن يحتاج لمتابعة مستمرة.

وكشف استشاري الصحة النفسية عن انتحار بعض الاشخاص وهم ليسوا مرضى نفسيين أصلاً، كشخص يمر بظروف صعبة سواء اقتصادية أو اجتماعية وذلك لأن سمته الشخصية ضعيفة، كزوج يكتشف خيانة زوجته، أو وفاة شخص مقرب كالأم أو الأب أو الأبناء، موضحاً إذا لم يكن هذا الشخص على قدر كبير من الثبات في السمات الشخصية والتوازن في الروحانيات وعلاقته بالله قوية، قد يُقدم على هذه الخطوة وتكون نابعة من يأسه وضعفه ويوجد أشكال متعددة للانتحار.