من أكثر المعتقدات الشائعة بين الناس أن الفاكهة يجب أن تتناول قبل الطعام، وأن تناولها بعد الوجبات قد يسبب مشكلات في الهضم أو تخمرا في المعدة.

بل إن البعض يستشهد بـ آيات قرآنية لتأكيد هذه الفكرة. لكن هل هذا الاعتقاد صحيح علميا؟ وكيف يراه المتخصصون؟ في هذا السياق، يوضح الدكتور عماد سلامة، أخصائي التغذية العلاجية، الصورة من جوانبها المختلفة.

تناول الفاكهة من منظور علمي
يقول د. سلامة: "علميا، الفاكهة يمكن تناولها في أي وقت؛ قبل الأكل، بعده، أو حتى أثناء الوجبة، ولا يوجد ضرر مباشر في ذلك، وبالتالي ما يشاع عن أن تناول الفاكهة بعد الطعام يؤدي إلى "التخمر" ليس صحيحا، فالألياف والسكر الطبيعي (الفركتوز) الموجودان في الفاكهة موجودان أيضا في أطعمة أخرى مثل الخبز الكامل، الأرز، الشوفان، الجزر، البطاطا وحتى البصل، وبالتالي، لا يوجد سبب علمي يجعل الفاكهة وحدها مسئولة عن التخمر".

ويضيف: "الأمر يختلف فقط باختلاف الحالة الصحية لكل شخص؛ فبعض مرضى السكري مثلا قد يُنصحون بتناول الفاكهة بعد الوجبة إذا كانت غنية بالسكريات مثل العنب أو التين، حتى لا تسبب ارتفاعا سريعا في مستوى السكر بالدم."

تناول الفاكهة من منظور ديني:
يشير د. سلامة إلى أن البعض يستشهد بقول الله تعالى: "وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ" (الواقعة 20-21).

ويؤكد: ذكر الفاكهة قبل لحم الطير لا يعني بالضرورة الترتيب الزمني في الأكل، بل هو أسلوب لغوي في العرض لا يُفهم منه الأفضلية أو الأسبقية.

ويضيف: "ترى كثير من التفاسير أن الآية تصف نعيم الجنة وما فيها من خيرات، ولا تتحدث عن ترتيب غذائي في الدنيا، ولو فُهم المعنى على الترتيب، لاقتصر ذلك على لحم الطير فقط، وليس على جميع أنواع اللحوم أو المأكولات، وهو أمر غير منطقي".

ويؤكد خبير التغذية العلاجية، أن الفاكهة غذاء صحي ومفيد يمكن تناولها في أي وقت دون ضرر، موضحا أن الترتيب بين الفاكهة والوجبات الأخرى لا علاقة له بالآيات القرآنية أو بالتفاسير المعتبرة.

وشدد على أن الأهم أن يراعي كل شخص حالته الصحية، فالجسم قادر على هضم مختلف الأطعمة ما لم يكن هناك خلل في الجهاز الهضمي، مختتما بالقول : "ربط القرآن بالإعجاز العلمي مهم، لكن لا بد أن يكون منضبطا بالعلم الصحيح والتفسير الموثوق، بعيدا عن المبالغات أو الفهم الخاطئ."