يبدو "مصروف الطفل" في ظاهره أمرًا بسيطًا، لكنه في الحقيقة من أقوى الأدوات التربوية التي تشكّل وعي الطفل تجاه المال وتؤثر في سلوكه وشخصيته على المدى الطويل. فطريقة تعامل الوالدين مع فكرة المصروف قد تجعل منه وسيلة لغرس قيم المسئولية والادخار، أو بابًا لخلق أنانية وتبذير وشعور دائم بالنقص.

يُعتبر مصروف الطفل وسيلة تربوية فعالة إذا أُحسن استخدامها، إذ يمكن أن تسهم في تعليم الصغار مفاهيم مهمة مثل الادخار والتخطيط والتعامل الذكي مع المال، فالطفل الذي يتعلم منذ صغره كيف يدير مصروفه، يكتسب مهارة إدارة الموارد ويصبح أكثر استقلالية وثقة بنفسه.

لكن في المقابل، فإن الإفراط في المصروف قد يخلق سلوكًا استهلاكيًا ويُضعف تقدير الطفل لقيمة المال، بينما يؤدي الحرمان الزائد إلى شعور بالنقص والدونية، وربما يدفع الطفل إلى تقليد الآخرين بشكل مبالغ فيه لتعويض هذا الشعور.

ومن أجل تحقيق التوازن، ينصح الخبراء باتباع مجموعة من الخطوات العملية:

ابدئي بمنح المصروف بعد سن السادسة على أن يكون محددًا وواضح الهدف كمكافأة على السلوك الجيد أو المساعدة في المهام البسيطة.

قنّني المبلغ وفق احتياجات الطفل الفعلية، مع متابعة طريقة إنفاقه وتشجيعه على التوفير والادخار.

ازرعي القيم الأخلاقية المرتبطة بالمال مثل احترام قيمة النقود، تجنّب الإسراف، ومساعدة الآخرين من خلال جزء بسيط من المصروف.

احرصي على انتظام المصروف حتى يتعلم الطفل مفهوم الالتزام، ويمكن استخدام الحرمان الجزئي كوسيلة تربوية عند الخطأ وليس كعقاب دائم.
 

وباتباع هذه الإرشادات، يتحول المصروف من مجرد مال يُعطى إلى أداة تعليمية تزرع لدى الطفل مفاهيم المسؤولية والانضباط والاستقلالية.

تقول سارة ممدوح، استشاري العلاقات الأسرية والتربوية، إن المصروف ليس رفاهية بل خطوة أساسية في تربية الطفل على الوعي المالي، موضحة: "عندما يحصل الطفل على مصروف ثابت، فهو يتعلم أن المال مورد محدود يحتاج إلى إدارة ذكية. لكن الأهم من المبلغ نفسه هو الحوار المستمر بين الأهل والطفل حول كيفية إنفاقه، لأن هذا ما يرسخ مفهوم المسؤولية والاختيار الواعي."