تعتبر تحويلات المصريين فى الخارج أحد أهم مصادر تدفقات النقد الأجنبي إلى الدولة خاصة فى أوقات الأزمات الاقتصادية والمالية، حيث تشير الدراسات إلى أن تلك التحويلات تؤثر إيجابيًا فى الاستثمار، فزيادتها 1% يؤدي إلى زيادة الاستثمار بنسبة 0.13% فى الأجل الطويل و0.11% فى الأجل القصير، وكان البنك المركزي المصري قد أعلن أن تحويلات المصـريين العاملين بالخارج بعد عام من الإجراءات الإصلاحية المتخذة فى مارس 2024 شهدت قفزة غير مسبوقة، حيث ارتفعت بمعدل 72.4% وبمقدار 13.7 مليار دولار لتصل إلى نحو 32.6 مليار دولار.

وفى هذا السياق يقول د. أحمد أبو سيد، المستشار السابق بالأمم المتحدة ، إن ‏زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الفترة من مارس 2024 إلى فبراير 2025،  يعكس أهمية تلك التحويلات فى دعم الاقتصاد الوطني فى ظل التحديات الاقتصادية، مضيفًا أن زيادة التدفقات تعمل على  استقرار سعر الصرف وتحقيق التوازن فيه، مؤكدًا أن تلك التحويلات تساهم بشكل عام فى نمو الاقتصاد المحلي وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.

وأكد أن استمرار دعم المصريين العاملين بالخارج للاقتصاد الوطني هو دليل على الرابط القوي الذي يربطهم بهذا البلد فهو وطنهم وهم أبناؤه، مطالبًا الحكومة المصرية بالمزيد من السياسات التي تشجع المصريين العاملين فى الخارج على زيادة معدلات التحويل  وتبني سياسات وإجراءات تحفز استدامتها.

من جانبها ترى د. جيهان جادو، عضو الجالية المصرية فى فرنسا، أن ارتفاع معدلات تحويلات المصريين فى الخارج تعود إلى عدة عوامل منها إدراك أبناء مصر بالخارج أن دورهم مهم جدًا فى مساندة الوطن خاصة خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى أسباب أخرى تتعلق بالاستقرار السياسي المصري الذي هو مرآة الرواج الاقتصادي.

وأضافت أن من أهم أسباب ارتفاع تحويلات المصريين فى الخارج هو شعور المصري بالحنين لوطنه وأنه مهما طال الزمان سوف يعود إليه ويستقر به، فمسألة القومية هي الركيزة الأساسية التي تجعل أي مصري بالخارج لا يتهاون فى الدفاع عن وطنه.

فيما أرجعت أميرة البيطار، عضو الجالية المصرية بمملكة البحرين، هذا الارتفاع الملحوظ فى تحويلات العاملين بالخارج إلى الإجراءات الإصلاحية التي اتُّخذت فى مارس 2024، والتي شملت تحرير سعر الصرف ، وتشجيع الاستثمار، وتيسير الإجراءات البنكية لتحويل الأموال، والتي ساهمت فى دعم الاقتصاد المصري وتوفير النقد الأجنبي، مطالبة بتوفير المزيد من الفرص الاستثمارية لأبناء الجاليات المصرية مع تحسين بيئة الاستثمار وطرح أفكار جديدة من خلال الجهات المعنية من أجل تشجيع المستثمرين المصريين بالخارج على تحويل وجهتهم الاستثمارية الي مصر.

وفى ذات السياق يرى سمير السيد المدير التنفيذي للسوق المصري الدائم فى أوغندا، أن تحويلات العاملين المصريين بالخارج تُشكّل  أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للدولة، وتُسهم بشكل مباشر فى دعم ميزان المدفوعات، وتوفير العملة الصعبة اللازمة لاستيراد السلع الاستراتيجية، وتعزيز استقرار الاقتصاد المصري فى مواجهة التحديات العالمية.

مؤكدًا تزايد نسبة عائدات المصريين المقيمين فى أفريقيا بشكل ملحوظ خاصة أن إفريقيا تعد اليوم أحد أهم المحاور الاقتصادية الواعدة، لما تمتلكه من أسواق نشطة ووفرة فى العملة الصعبة، مما يجعلها شريكًا استراتيجيًا فى خطط الدولة لتحقيق التنمية الشاملة.

ويقول علاء ثابت، رئيس بيت العائلة المصرية فى ألمانيا، إن تلك الزيادة تعود إلى الجهود الأمنية الفعالة التي بذلتها الدولة للسيطرة على السوق السوداء للعملة، ففي السابق، كان هناك فرق كبير بين سعر الصرف فى البنوك والسوق السوداء، مما دفع كثيرين إلى اللجوء إلى الطرق غير الرسمية لتحويل أموالهم، أما الآن، ومع القضاء شبه الكامل على السوق السوداء، أصبح التحويل عبر القنوات الرسمية كالبنوك هو الخيــــار الوحيـــــد والمضمون، ممـا أعــاد ثقــــة المصــــــريين بالخــــــــارج فـــى النظـــام المصرف الرسمى.

فيما يرى رأفت صليب، رجل الأعمال ورئيس الاتحاد العام للمصريين بأمريكا، أن تحويلات المصريين فى الخارج شهدت ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 72%، وهو ما يعكس ثقة المصريين المغتربين المتزايدة فى الاقتصاد الوطني، كما أن ارتفاع سعر الفائدة قد ساهم بشكل كبير فى جذب المزيد من التحويلات عبر القنوات الرسمية، ما يُعد دعمًا قويًا للاقتصاد المصري.

وأضاف أن نجاح الدولة فى القضاء على السوق السوداء، عزز ثقة المواطنين فى البنوك المصرية والبنك المركزي، مؤكدًا أن استمرار الإجراءات الحكومية الصائبة فى تثبيت سعر الدولار وتشجيع الاستثمار يزيد من إقبال المصريين لا سيما فى دول الخليج، على دعم وطنهم، فكل خطوة إيجابية تُشعرهم بأن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح، متمنيًا زيادة التحويلات خلال الفترة المقبلة فمستقبل البلاد يعتمد على وقوف شعبها إلى جانبها.