حذّر خبراء في طب النساء والتوليد وطب الأطفال من خطورة الفيروس التنفسي المخلوي (RSV)، باعتباره أحد أكثر الفيروسات تنفسيّة انتشارًا وشدّة على حديثي الولادة، خاصة خلال الأشهر الستة الأولى من العمر، مؤكدين أن الوعي المجتمعي والتطعيمات الحديثة يمثلان خط الدفاع الأهم للحد من وفيات الرضع.

وأضاف أن الفيروس التنفسي المخلوي يصيب ملايين الأطفال سنويًا، وتكون مضاعفاته الأخطر في الشهور الأولى من العمر، خاصة مع محدودية الحضّانات وأماكن الرعاية المركزة، لافتًا إلى أن نسبة كبيرة من إشغال الحضّانات خلال فصل الشتاء تعود لهذا الفيروس تحديدًا، وليس فقط لحالات الأطفال المبتسرين.

من جانبه، أكد الدكتور أحمد البلدي، أستاذ طب الأطفال بجامعة القاهرة ورئيس الجمعية المصرية للارتقاء بالممارسات الطبية في طب الأطفال، أن الفيروس التنفسي المخلوي ليس فيروسًا جديدًا، لكنه شديد العدوانية لدى الرضع، ويُشبه في أعراضه نوبات الربو الحادة المصحوبة بصعوبة شديدة في التنفس.

وأشار إلى أن التقديرات العالمية تشير إلى إصابة نحو 33 مليون طفل سنويًا بالفيروس، يدخل 3.5 مليون منهم إلى المستشفيات، بينما تتجاوز الوفيات 100 ألف حالة سنويًا، وتتركز النسبة الأكبر من الوفيات في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث تقل الإمكانات الطبية وسرعة الوصول للخدمة الصحية.

ولفت البلدي إلى أن التحدي لا يقتصر على عدد الأطباء، بل يرتبط بجودة المنظومة الصحية ككل، موضحًا أن هناك فجوة بين التعليم الطبي والممارسة الفعلية، وهو ما دفع لتأسيس الجمعية المصرية للارتقاء بالممارسات الطبية، بهدف تدريب الأطباء على الطب الوقائي، والتطعيمات الضرورية، وتحويل المعرفة العلمية إلى ممارسة آمنة قائمة على مصادر موثوقة.

وفي السياق نفسه، أكدت الدكتورة هيام نظيف، ممثلة المجلس القومي للأمومة والطفولة، أن المجلس يدعم أي سياسات صحية تصب في مصلحة المرأة والطفل، وتساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن التطعيمات تُعد أحد أعمدة الوقاية الأساسية.

وأوضحت أن المجلس ينفذ برامج توعوية ومبادرات مجتمعية على مستوى المحافظات، من بينها مبادرة «دوري» بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، إضافة إلى مبادرة «تمكين الطفل المصري»، ومنصات رقمية تقدم محتوى علمي مبسط للأسر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما يعزز الوعي الصحي المبكر.

وأكدت أن الاستثمار في صحة الأم خلال الحمل لا ينعكس فقط على سلامتها، بل يشكّل صحة الطفل في سنوات عمره الأولى، مشددة على أن أول ألف يوم في حياة الطفل تمثل حجر الأساس لصحته المستقبلية.

وشدد الخبراء في ختام تصريحاتهم على ضرورة رفع الوعي بين الأطباء والأسر بأهمية التطعيمات أثناء الحمل، وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تمنع بعض السيدات من تلقي اللقاحات، مؤكدين أن حماية الجنين تبدأ من رحم أمه، وأن الوقاية المبكرة هي الطريق الأكثر فاعلية لإنقاذ الأرواح وتقليل وفيات حديثي الولادة.