تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الوجاهة الاجتماعية وعوامل أخرى.. أسباب انتشار ثقافة المدارس "الدولية"
تُولي الأسر أهمية كبيرة للتعليم، إذ يُعتبر من أولوياتهم، حيث يخصصون جزءًا كبيرًا من دخلهم لتعليم أبنائهم، خاصة في ظل تنوع أنظمة التعليم المختلفة، وتزايد الإقبال على التعليم الخاص، سواء عبر مدارس اللغات أو المدارس الدولية، نتيجة لما يراه العديد من الأسر ضرورة في توفير تعليم ذو جودة أعلى يمنح الأبناء مهارات أكثر ويضمن لهم مستقبلاً أفضل.
وفي هذا السياق، نشأت المدارس الدولية في مصر لتلبية احتياجات الأسر المتزايدة، حيث أصبحت الوجاهة الاجتماعية والتفاخر بالانتماء إلى هذه المدارس سمة بارزة، ما يعكس التفاوت الطبقي في المجتمع. وفيما يلي تطور نشأة المدارس الدولية في مصر وتزايد إقبال الأسر على هذا النوع من التعليم.
*نشأة المدارس الدولية
قالت أماني عاطف، المدير التنفيذي للإدارة العامة للقضايا الاستراتيجية، إن بداية المدارس الدولية في مصر ارتبطت بتعليم أبناء الجاليات الأجنبية. في القرن السابع عشر، أنشئت مدارس يونانية لتعليم أبناء الجالية اليونانية. ثم تبعها في عام 1732 إنشاء أول مدرسة أجنبية لتدريس اللغة الإيطالية للمصريين والأجانب. وعندما جاءت الحملة الفرنسية (1798 - 1800)، أنشأ الفرنسيون مدرستين لتعليم أبنائهم اللغة الفرنسية. ومرت تلك المدارس بمراحل من الازدهار والركود، حتى أغلقت المدرسة اليونانية في عهد محمد علي (1805 - 1848)، بينما شهدت فترة حكم سعيد باشا (1854 - 1863) ازدهارًا كبيرًا للمدارس الأجنبية.
وأضافت: في نهاية القرن التاسع عشر، شهدت مصر ظهور المدارس الإنجليزية، وكان الهدف منها ربط الطبقة العليا بالثقافة الإنجليزية. واستمر هذا الاتجاه في القرن العشرين رغم محاولات تقليص التعليم الخاص بعد ثورة يوليو 1952. ومع الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات، ظهرت مدارس خاصة ومدارس لغات خاصة تدرس باللغة الإنجليزية.
وأشارت أماني، إلى أنه مع بداية التسعينيات، تزايد الطلب على مدارس اللغات، مما أدى إلى نشوء نوع جديد من التعليم "التعليم الدولي الخاص"، حيث تم افتتاح أول مدرسة دولية في ديسمبر 2002. ومن ثم، تم تأسيس العديد من المدارس الدولية المختلفة مثل الأمريكية، البريطانية، الكندية، الفرنسية والألمانية.
وأوضحت أنه بالرغم من ارتفاع تكلفة التعليم الدولي، استمر الإقبال عليه، مما دفع الحكومة إلى تأسيس مدارس النيل المصرية في 2010 لتقديم تعليم مطابق للمعايير العالمية ولكن بتكلفة أقل. وفي 2014، بدأت وزارة التربية والتعليم بتأسيس مدارس دولية حكومية مخفضة المصاريف، مشيرة إلى أنه بحلول عام 2020، بلغ عدد المدارس الدولية 785 مدرسة، ومن المتوقع أن تزداد الحاجة إلى مقاعد تعليمية في المدارس الخاصة، حيث ستحتاج مصر إلى 2.1 مليون مقعد بحلول 2030.
*دوافع الإقبال
و أرجعت المدير التنفيذي للإدارة العامة للقضايا الاستراتيجية في وزارة التعليم، أسباب الإقبال على المدارس الدولية رغم ارتفاع تكاليفها لعدة أسباب تضمنت:
1. أهمية اللغة الإنجليزية: أصبحت اللغة الإنجليزية ضرورة في سوق العمل، حيث تسعى الأسر لتعليم أبنائها هذه اللغة لتسهيل دخولهم في سوق العمل العالمي.
2. جودة التعليم: توفر المدارس الدولية تعليمًا متميزًا من خلال معلمين مؤهلين، مناهج مرنة، وتطوير تكنولوجي مستمر.
3. فرص التعليم في الخارج: المدارس الدولية تمنح شهادات معتمدة تتيح للطلاب إكمال تعليمهم في الخارج.
4. تلبية احتياجات الطبقات الاجتماعية المختلفة: تقدم هذه المدارس تعليمًا عالي الجودة يجذب طبقات المجتمع الغنية.
*ثقافة المدارس الدولية
رغم تقديم المدارس الدولية تعليمًا متميزًا، إلا أن تأثيراتها المجتمعية قد أسهمت في تعميق التباين الاجتماعي، حيث أدت إلى نشر العادات الغربية، وضعف الروابط المجتمعية، وتراجع الاهتمام باللغة العربية. كما ساهمت في زيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، حيث ظهرت فوارق بين الطلاب من مدارس اللغات والدولية والمدارس الحكومية.
*تجارب دولية رائدة
وتشير أنه على الرغم من انتشار المدارس الدولية في العديد من البلدان، فإن بعض الدول مثل فنلندا قد نجحت في توحيد نظام التعليم لديها على أساس مبدأ المساواة بين جميع الطلاب، بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية. بينما في دول أخرى مثل فرنسا وتايلاند، تم وضع قيود صارمة على المدارس الدولية لضمان الحفاظ على الهوية الثقافية.
فنلندا تُعد رائدة في التعليم المجاني والمتساوي، حيث يتمتع جميع الطلاب بفرص تعليمية متساوية، ونجحت في تقليص الفجوة التعليمية. أما فرنسا وتايلاند، فقد سمحت بوجود المدارس الدولية ولكن مع إجراءات تهدف للحفاظ على الثقافة المحلية.
وأخيرا يمكن القول إن التعليم الدولي في مصر رغم ما يترتب عليه من تأثيرات اجتماعية سلبية، فإنه يقدم نموذجًا متميزًا في جودة التعليم. وفي هذا الصدد، يجب على الدولة المصرية العمل على تطوير المدارس الحكومية وزيادة أعداد المدارس التجريبية والدولية الحكومية لتوفير تعليم عالي الجودة للطبقة المتوسطة، مما يسهم في تقليص الفجوة التعليمية وتلبية احتياجات جميع شرائح المجتمع.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية