تعتبر الفاصوليا السوداء من الأطعمة التي لا تحظى بالانتشار الواسع مثل غيرها من البقوليات، لكنها في الحقيقة مخزن غذائي متكامل يجمع بين البروتينات النباتية، الألياف، المعادن، والفيتامينات، فضلًا عن غناها بمضادات الأكسدة النادرة. ومع تزايد الأبحاث التي تربط بين التغذية السليمة والوقاية من الأمراض المزمنة، يسلط خبراء التغذية الضوء على الفاصوليا السوداء كإضافة أساسية يمكن أن تُحدث فارقًا كبيرًا في صحة الإنسان.

يقول الدكتور عماد سلامة، أخصائي التغذية العلاجية، إن الفاصوليا السوداء تتميز بتركيبة غذائية فريدة تجعلها من أفضل أنواع البقوليات لصحة الجسم، خاصة لمرضى السكري والكوليسترول. فهي غنية بالبروتين النباتي الذي يعد بديلًا صحيًا للبروتين الحيواني، إضافة إلى الألياف الغذائية التي تحسن من حركة الجهاز الهضمي وتساعد في التخلص من الفضلات بانتظام.

كما تحتوي على مجموعة واسعة من المعادن والفيتامينات بكميات ملحوظة، منها الفولات، النحاس، المنجنيز، المغنيسيوم، الحديد، الفوسفور، والبوتاسيوم، مما يجعلها غذاءً مثاليًا لدعم وظائف الجسم الحيوية.

ويضيف د. سلامة أن الميزة الأبرز للفاصوليا السوداء هي احتواؤها على نسب مرتفعة من مضادات الأكسدة، خاصة مركبات البوليفينولات والأنثوسيانين التي تمنحها لونها الداكن المميز. هذه المواد تسهم في التحكم بمستويات السكر في الدم، تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، والوقاية من بعض الأورام السرطانية.

وتابع أن الدراسات العلمية أثبتت أن تناول كوب مطبوخ من الفاصوليا السوداء يوميًا، بما يحتويه من 10 جرام من الألياف، يقلل خطر الوفاة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى 27%. كما أن استهلاك نصف كوب يوميًا ارتبط بانخفاض ضغط الدم وتوسيع الأوعية الدموية، وهو ما يعزز صحة الجهاز الدوري ويحسن من تدفق الدم.

إلى جانب ذلك، تساهم الفاصوليا السوداء في زيادة حساسية الخلايا للإنسولين، ما يجعلها خيارًا مثاليًا لمرضى السكري، حيث تساعد في تقليل مقاومة الإنسولين وخفض مستويات السكر بعد الوجبات. كما أن انخفاض مؤشرها الجلايسيمي يجعلها غذاءً آمنًا ومستقرًا على مستوى الطاقة.

لكن، وعلى الرغم من فوائدها الكبيرة، يشير د. سلامة إلى بعض النقاط المهمة قبل إدخالها للنظام الغذائي:

تحتوي الفاصوليا السوداء مثل غيرها من البقوليات على مضادات المغذيات التي قد تحد من امتصاص بعض الفيتامينات والمعادن.

قد تسبب انتفاخات ومشاكل هضمية خاصة للأشخاص الذين يعانون من ضعف البكتيريا النافعة في الأمعاء.

وللتقليل من هذه الآثار الجانبية، ينصح بنقعها جيدًا في الماء طوال الليل قبل الطهي، مع طهيها بشكل كامل للتخلص من المواد المسببة للمشاكل الهضمية. كما يُفضل تناولها مع مصادر غنية بفيتامين C مثل الليمون أو خل التفاح، لتعزيز امتصاص الحديد والوقاية من حصوات الأوكسالات التي تحتوي عليها بكثرة.

ويختم د. سلامة بالتأكيد على أن الفاصوليا السوداء، رغم فوائدها الهائلة، يجب استهلاكها باعتدال ضمن نظام غذائي متوازن، مستشهدًا بالقاعدة الذهبية: "كلوا واشربوا ولا تسرفوا".