تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
توسع أمريكي واحتمالات صدام مع القوات الروسية.. الجنوب السوري يعود إلى واجهة الأحداث
كانت مدينة درعا العاصمة الإقليمية للجنوب السوري، مركز اندلاع الأحداث فى الثامن عشر من مارس 2011، وانتقلت إلى باقى مدن ومحافظات الدولة السورية، وما لبثت أن تحولت الأحداث إلى صراعات عسكرية متعددة الأطراف، وسيطر تنظيم «داعش» على قطاع واسع من الجنوب، إلى أن استطاع الجيش السورى، بدعم من القوات الروسية إعادة السيطرة على محافظتى درعا والقنيطرة فى يوليو 2018، وبقيت بعض الجيوب من المعارضة المسلحة، وتمت مصالحات أفضت إلى تسويات معهم برعاية الضامن الروسي، تتضمن تسليم جماعات المعارضة المسلحة للسلاح الثقيل تدريجيا، مقابل انسحاب القوات العسكرية للنظام السورى من بعض البلدات، على أن تنتشر قوات النظام على طريق محاذٍ للحدود الأردنية، وصولا إلى معبر نصيب فى الأردن، الذى اتفق على أن يكون بإدارة مدنية سورية وإشراف روسي، فاستقرت الأوضاع نسبيا إلا من بعض التوترات البسيطة بين وقت وآخر، خاصة وأن تلك المناطق تتعرض لغارات صهيونية، تحت دعوى استهداف مواقع عسكرية.
من المعروف أن القوات الأمريكية، كانت قد أسست فى العام 2016 قاعدة «التنف» العسكرية عند المثلث الحدودى بين سوريا والأردن والعراق، وتتبع إداريا لمحافظة حمص السورية، وطبقا لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، تضم القاعدة ما بين 100 إلى 200 من العسكريين الأمريكيين، إضافة إلى جنود آخرين من التحالف الدولى الذى أنشئ فى العام 2014، وتقوده أمريكا لمواصلة العمليات ضد تنظيم (داعش)، وتعد فى الوقت نفسه ورقة نفوذ فى المفاوضات القائمة حول مستقبل سوريا، فضلا عن رصد الوجود الروسى فى سوريا والسعى للحد من نشاطاته.
إن الوجود الروسى يمثل هاجسا للولايات المتحدة، بسبب وجودها العسكرى بمناطق قريبة من قاعدة «التنف» العسكرية، ما يعنى أن أمريكا مهتمة، بتحقيق معادلة الأمن فى المثلث، وحمايته من أى استهداف محتمل من تنظيم «داعش» أو اللواء الثامن المدعوم روسيا، الذى يضم ما يقرب من 1200 مقاتل سورى والتابع للأمن العسكرى السوري. وهذا يفسر السعى الحثيث من القوات الأمريكية، للبحث عن وسائل تحول دون الخطر (روسى - داعشى ) الذى قد يهدد قوات التحالف فى قاعدة «التنف».
الكاتبة الأمريكية بوونى كريستيان، العضو بمركز الأبحاث «أولويات الدفاع»، قالت فى مقال نشرته مجلة « نيوزويك»، إن حوادث احتكاك عدة وقعت بين القوات الروسية والأمريكية فى سوريا، تهدد بإشعال تلك الحرب، برغم وجود «خط اتصال» بين الطرفين يضمن عدم وقوع الكارثة.
وأشارت بوونى إلى الغارة التى شنها سلاح الجو الروسي، منذ بضعة أشهر، على قاعدة «التنف» حيث تتمركز القوات الأمريكية، دون سقوط ضحايا؛ لأن القوات الروسية أعلمت نظيرتها الأمريكية بتفاصيل الغارة مسبقا.
وخلال الأسبوع ذاته، نشرت روسيا مقاتلتين من طراز سوخوي-34، قبل أن تسحبهما، عقب تحذير من طائرات أمريكية من نوع إف-16، توازيا مع هجوم للقوات الأمريكية ضد «صانع قنابل» تابع لتنظيم الدولة.
الكاتبة نقلت عن مسئول القيادة المركزية فى القوات الأمريكية، الجنرال ديريك كوريلا: «نسعى لتجنب سوء التقدير أو أى إجراءات، قد تؤدى إلى صراع غير ضروري.. هذا هدفنا، لكن سلوك روسيا الأخير كان مستفزا وتصعيديا».
واستعرضت الكاتبة، حوادث سابقة للتحذير من خطورة بقاء القوات الأمريكية فى سوريا، وتحدثت عن قصف روسيا لقاعدة «التنف» عام 2016، وإصدارها فى 2017 إنذارا نهائيا للولايات المتحدة للانسحاب من القاعدة، قبل أن تتراجع عنه لاحقا، إلى جانب تهديد كل طرف بإسقاط طائرات الطرف الآخر فى غرب سوريا فى العام نفسه.
واعتبرت الكاتبة أن اندلاع الحرب فى أوكرانيا، وموقف الولايات المتحدة وحلفائها الداعم بقوة للأوكرانيين، زادا من حدة توتر الأوضاع فى سوريا، وشددت على أن الطريق الأضمن لتفادى حرب مباشرة بين الجانبين، هو إنهاء الوجود العسكرى الأمريكى فى سوريا.
وشرحت الأمر، قائلة: إن هذا الرأى هو الأصوب، وما يعزز صحته، هو أن تنظيم الدولة هزم، كما أن الرئيس السورى بشار الأسد خرج منتصرا من الحرب الأهلية». موضحة أنه لا توجد مصلحة حيوية أمريكية على المحك ويستوجب الدفاع عنها الإبقاء.
وكان رئيس القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية، مايكل كوريلا، قد صرح قائلا: إن البنتاجون يشعر بالقلق من زيادة خطر المواجهة المباشرة بين القوات الأمريكية والروسية، جراء العمليات الاستفزازية التى تقوم بها فى سوريا، وذلك على إثر هجوم لمقاتلات جوية روسية على مواقع للمسلحين جنوبى سوريا، فى منطقة قاعدة «التنف». وروسيا تكشف عن أن الأمريكيين، يدربون فى هذه القاعدة جماعات متطرفة، وترى أن الولايات المتحدة تزعزع استقرار الوضع فى المنطقة.
وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسى لسوريا، ألكسندر لافرنتيف، فى منتصف يونيو الماضي، قال: إن واشنطن بعد بدء «العملية العسكرية الخاصة» الروسية، قطعت الاتصالات مع موسكو بشأن سوريا». وأشار فى مقابلة مع صحيفة «كوميرسانت» إلى أن الولايات المتحدة «بدأت مرة أخرى فى استخدام (التنف) بنشاط لتدريب المقاتلين المتطرفين وتسليحهم، وتكليفهم بتنفيذ هجمات إرهابية فى سوريا».
وفى هذا الإطار، أعلن جهاز المخابرات الخارجية الروسى فى منتصف يونيو، أن القاعدة الأمريكية، ومحيطها «تحولت منذ فترة طويلة إلى ما يشبه المركز الإرهابي، حيث تتم إعادة تدريب ما يصل إلى 500 داعشى، وغيرهم من الجهاديين الموالين لواشنطن». وجاء فى بيان أن «المفارز الخاصة التى تشكلت منهم، تهدف بشكل أساسى إلى القيام بأعمال تخريبية وإرهابية ضد وحدات من القوات المسلحة الروسية فى سوريا، وفى أوكرانيا الآن أيضا». على هذه الخلفية، تصر موسكو على انسحاب الولايات المتحدة من سوريا، وقبل كل شيء، من قاعدة «التنف».
كل تلك الأحداث، تكشف عن السبب وراء قيام الولايات بالإبقاء على وجودها فى الجنوب السوري، لكن يبقى السؤال الصعب؛ هل يمكن أن تقع اشتباكات بين أمريكا وروسيا فى سوريا.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية