تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
بعد تداول بوستر الضاحك الباكي.. حكاية الفنان نجيب الريحاني كاتب محصول القصب بالصعيد
تم تأسيس مصنع سكر نجع حمادي شمال محافظة قنا بصعيد مصر، فى عصر الخديو إسماعيل، وقبل ميلاد الفنان نجيب الريحانى الذى عمل كاتبا فى المصنع، بأكثر من 11 عامًا، بلغت زراعة قصب السكر فى الصعيد تألقها على يد الأجانب الذين احتكروا الصناعة، ويؤكد المؤرخون أن صناعة قصب السكر تدهورت في الصعيد خلال عصر الاحتلال العثماني لمصر، وفى عصر محمد على باشا وأحفاده من بعده تمت العناية بإحياء الصناعة والزراعة ففي عام 1870م بلغت نحو 150 ألف فدان و64 مصنعا موزعة في أنحاء الصعيد .
وانتقلت زراعة قصب السكر من الهند لمصر فى العصر الأموي، وقد أعطت التربة المصرية لقصب السكر خواصًا جيدة لم تكن فيه فى موطنه الأصلي حتى فاق القصب المصري نظيره القصب الهندي، وقد كان المصريون أول من أنتج مصنع السكر المكرر في العالم، حيث كانت أوروبا لا تعرف شيئًا عن السكر، ولم يكن معروفًا لدي الأوروبيين، حيث لم يدخل السكر أوروبا إلا فى وقت الحروب الصليبية، حين احتك الأوربيون بالعرب، وفى العصر الحديث وفي عام 1897م، نهايات القرن التاسع عشر كان علي عمال الصعيد الانتهاء من تطويق قرية القمانة بنجع حمادي بخطوط الديكوفيل الخاصة بمصنع سكر نجع حمادي، وكان ذلك قبل شراء رجل الأعمال البلجيكي هنري نوس المصنع من الحكومة المصرية
وتنشر بوابة الأهرام ذكريات الفنان نجيب الريحاني فى مصنع سكر نجع حمادي والذى عمل به قبل التحاقه بالفن، تزامنا مع تداول بوستر مسلسل الضاحك الباكي الذي يروي قصة حياته، وولد نجيب الريحاني في 21 يناير1889م في حي باب الشعرية بالقاهرة لأب عراقي من الموصل وأم مصرية، وكان والده يعمل تاجر خيول، وعندما تدهورت تجارته اكتفى نجيب بشهادة البكالوريا، وبحث عن عمل يساعد به أسرته، فالتحق بوظيفة كاتب حسابات بشركة السكر بنجع حمادي بالصعيد، حيث كان يتقاضى أجرًا يوميًا بقيمة ١٦ قرشًا، ويقول الباحث فى التراث والتاريخ إبراهيم المصري طايع لــ"بوابة الأهرام " إنه فى عام 1893م تألفت شركة فرنسية، وهى شركة السكر المصرية العامة، وقامت عام 1903م بشراء المصانع القديمة التي كانت تمتلكها الدائرة السنية، وقد عمل نجيب الريحاني فى مصنع السكر فى عام 1910 قبل التمصير، مؤكدا أنه تمصرت الشركة عام 1939م، وأصبح أغلب مديرها من المصريين وليس الأجانب، مشيرا إلى أن نجيب الريحاني عمل فى مصنع سكر نجع حمادي وكانت تتولى إدارته الأجانب وأغلب العاملين به والأكثرية من الأجانب
يحكي نجيب الريحاني فى مذكراته عن الشهور التى قضاها فى نجع حمادي والتى بلغت 7 أشهر فقط، ويحكي سبب رفده من المصنع، وقصته الغرامية التى أدت لترك العمل ككاتب حسابات فى شركة السكر، وقد سرد القصة بخجل واستحياء حيث وقع فى غرام سيدة على قد كبير من الجمال وكانت متزوجة ببشكاتب أكبر منها سنا حتى من يراها يظنها أنها ابنة عم له وليست زوجته، مضيفًا أنه انتهز فرصة سفر زوجها الباشكاتب للقاهرة كى يتفق معها على موعد غرامي وقد ذهب إليها فى منزلها، وقد كان لسوء حظه أن الخادمة أغلقت الأبواب دون علم سيدتها، فما كان منه غير أن يتسلل للمنور فوق السطوح، وظنت الخادمة أنه لص، وقد ألقي القبض علي نجيب الريحاني، وكانت فضيحة، واكتفوا بفصله من العمل بشركة السكر وعاد الريحاني للقاهرة والجلوس في قهوة الفن
أوضحت دراسة للأثري الدكتور محمود مدني، بآثار مصر العليا أن إنتاج فوريقية السكر بنجع حمادي كانت في الأساس لتمويل افتتاح قناة السويس في عهد الخديو إسماعيل لما كانت تضم من أملاك الدائرة السنية، وأكدت الدراسة أنه مع بناء شركة سكر نجع حمادى وما استقدمته من مهندسين وفنيين لبناء الشركة ذكر فى تعداد عام 1897م أن قرية القمانة كان تعدادها 6541 منهم 128 أجنبيًا منهم 17 يونانيًا و39 إيطاليًا 28 فرنسـيـًا و32 إنجليزيًا و9 نمساويين و3 من باقى الدول ومع وجود هذه الجالية بنيت معها مستوطنة يطلق عليها كبار السن اسم الكولونية وهى كلمة فرنسية تعنى مستوطنة بنيت بتفاصيل وتخطيط مغاير عن بنايات قرية القمانة
عاش نجيب الريحاني فى منطقة المستعمرة بنجع حمادي، ويوضح إبراهيم المصري طايع، أن المستعمرة لأنها تخدم على جالية كبيرة من الأجانب لذا تم عمل الكثير بها من خدمات ترفيهية.
مضيفا: أن رغم رفده من العمل إلا إن الشركة أرسلت له العودة للعمل، حيث قامت والدته بالذهاب له فى طنطا لإقناعه بالعودة، وحسب مذكرات الريحاني، أنه قرر العودة لنجع حمادي ثانية وترك الفن، وقد عاش الريحاني فى نجع حمادي لمدة عامين يكتفي بقراءة المجلات الفنية وأخبار الفنانين التى تصل للصعيد من القاهرة، حتى تسلم خطابًا بالبريد من صديقه عزيز عيد، يخبره أن جورج أبيض سيقوم بتكوين فرقة، وإن التمثيل ارتفع شأنه وكان ذلك فى عام 1912م، ليذهب فى أجازة للقاهرة لمدة شهرين، حيث انتقل لمشاهدة المسرحيات ومنها فرقة جورج أبيض
آخر أيام الأجازة فى القاهرة اقترض الريحاني أجرة القطار درجة ثالثة ليرتحل لنجع حمادي ثانية فى مصنع السكر، وقد عاش صراعًا فى نفسه من أجل البقاء فى نجع حمادي ككاتب محصول القصب، بماهية كبيرة، وبين الرجوع للفن، إلا إنه فى عام 1914م، تسلم خطابًا من الشركة برفده من العمل بدون أسباب واضحة وبدون وقائع غرامية، ليقرر الريحاني الالتفات للفن، وحين ذهب الريحاني للقاهرة اخترع شخصية العمدة التى كانت من الشخصيات الحاضرة فى أرياف مصر ومنها الصعيد إلا إن سوفوكل المحرر الفنى فى مجلات الفن أكد فى مقال نادر له تنشره بوبة الأهرام، إن قشطة، والفار، وأحمد شفاتيرو وأبى رابيه، والذين سبقوا الجميع فى عالم الفن، قدموا شخصيات ثرية مثل شخصية العمدة، والبربري، والشامي، والفلاح، وقد أخذ فيما بعد الريحاني شخصية العمدة منهم، وعلى الكسار شخصية البربري، والشامي والفلاح أخذها فوزي الجزايرلى، إلا إن التمثيل الهزلي ظل محصورًا بين الطبقات الشعبية في الأفراح وليالي الختان والحج حتى نشبت الحرب العالمية الأولى فتوقفت
وبعد توقفها تم تكوين فرق مسرحية تستلهم عالمهم، حيث قام عزيز عيد بتكوين أول فرقة للتمثيل الهزلي في تاريخ مصر والعالم العربي ضمت نجيب الريحاني، وأمين عطا الله، وكانت روز اليوسف هي الممثلة الأولى للفرقة، وكان مقر مسرح الفرقة مقهى بأول شارع الفجالة يُدعى مقهى "الشانزليزية" وقام أمين صدقي بترجمة روايات باللهجة العامية مثل : "خللي بالك من إميل، و يا ستى ما تمشيش كدا عريانة، ضربة مقرعة، وعندك حاجه تبلغ عنها، وليلة الزفاف"، إلا إن فرقة الشانزليزية لم تعمر طويلًا، رغم أن أجر التذكرة كان يتراوح مابين لـ3: 5 قروش، وسرعان ما التحق الريحاني، و استيفان روستى بمسرح يدعى "ألابيه دى روز" بشارع ألفى بك، وكان يدير الفرقة فنان إيطالي، حيث اتفق معه على تأليف روايات عربية ساخرة، ومن ثم ظهرت شخصية "كشكش بك" وهو ثري من أثرياء الريف يرتدى الجبة والقفطان وحوله رهط من النسوة يضحكن علي، وقد أحاط الشخصية بالغباء والسذاجة في أول رواية يؤلفها بعنوان "تعالى يا بطة"، وحين نجحت الرواية كتب أمين عطا الله روايات:"بستة ريال، بكره في المشمش، بلاش أونطة، خليك ثقيل، هز يا وز، إديله جامد".
ويوضح محمد أشرف مصمم بوستر مسلسل الضاحك الباكى لــ"بوابة الأهرام " إنه حاول العثور على صورة أصلية للفنان نجيب الريحاني، لكن لأن صور زمان ليست بالدقة لذا قررت اللعب على صورة الفنان عمرو عبد الجليل وعلى صورة الريحاني ولكى أقوم بعمل توازن جعلت الصورة تعبر عن الفرح والحزن ( الضاحك الباكي )، والمسلسل من بطولة عدد من النجوم وهم : عمرو عبد الجليل ويؤدى دور الريحاني، رزان مغربي وتؤدى دور بديعة مصابنى، وفردوس عبد الحميد وتؤدى دور والدة نجيب الريحاني، ومحمد سليمان ويؤدى دور استيفان روستى، والمسلسل من إخراج محمد فاضل، وتأليف محمد الغيطي
وتوفى الفنان نجيب الريحاني عام 1949م، حيث كانت تمت تمصير شركات السكر فى الصعيد من خلال المصريين الذين قاموا بشراء المصانع، وبعد ثورة 23 يوليو 1952م وجهت العناية للارتقاء بزراعة قصب السكر وإنشاء مصانع جديدة فى عدد من المراكز، وقد وجهت العناية بالمصانع القديمة التى تأسست فى عصر الخديوية مثل مصنع سكر أرمنت، ومصنع سكر نجع حمادي الذى عمل به الضاحك الباكي
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية