تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أول من أدخل الآلات العصرية والتقنيات الحديثة فى أغانيه.. الشاب خالد «ساحر الراى»
نقل الراى من المحلية إلى العالمية.. «دي دي» فى كل البيوت
لم يكن الشاب خالد مجرد مغنٍ التف العالم حول أغنياته، وحققت ألبوماته مبيعات هائلة، لكنه كان ثورة فى عالم الغناء، فقد نقل لونا من ألوان الغناء كان يستحيى الناس منه فى موطنه الجزائر، ليصل به إلى العالمية بعد أن ألبسه ثوبا جديدا، جعل كل البيوت تفتح له أبوابها وتفتخر به، بل إن الجزائر نفسها التى كانت قبل ظهور الشاب خالد وجيله من المغنيين، تطلق عليه «الفن المحرم» تقدمت على المستوى الرسمى لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو» فى 13 مارس 2016، لتصنيف «الراى» كتراث غنائى وموسيقى جزائرى لإدراجه ضمن لائحة التراث العالمى للإنسانية من أجل الحفاظ عليه من الضياع، خصوصا بعد أن انطلق هذا اللون الموسيقى من المحلية إلى رحاب العالمية.
من يتأمل رحلة خالد حاج إبراهيم، وهذا هو اسمه الحقيقي، الذى ولد فى 29 فبراير سنة 1960 بحى سيدى الهوارى بوهران لأب كان يمارس مهنة الصيد، يكتشف أن ما حققه فيها من نجاحات لم تكن وليد المصادفة، لكنها كانت رحلة صمود وإصرار بدأها مبكرا عندما كان فى الرابعة عشر من عمره، عندما أسس فرقة موسيقية حملت عنوان «الخمس نجوم»، والتى اقتبس اسمها من فرقة «جاكسون فايف» الفرقة الغنائية الأمريكية التى اشتهرت فى السبعينيات وبداية الثمانينيات، وكانت تتكون من خمسة أشقاء من عائلة جاكسون، وكان من ضمنهم «مايكل جاكسون» الذى أصبح الأشهر فى عالم الغناء فيما بعد، مما يؤكد أن خالد فى هذه السن المبكر، كانت عينه على العالمية، وأنه يحلم بها ويضعها نصب عينيه، وإن كانت أقصى أحلامه وقتها، أن يظهر فقط على شاشة التليفزيون.
بدأت فرقة «الخمس نجوم» نشاطها بالغناء فى الأفراح، من خلال تقديم أغانى الراى التراثية، ومن هنا بدأت معرفة الناس بخالد، وأخذت شهرته فى النمو، مما دفع بعض الملاهى الليلية للتعاقد مع هذه الفرقة، لكى تسعد روادها بأغانى الراى التى تقدمها، التى لم يكن مسموحا بإذاعتها فى الإذاعة والتليفزيون، لما تحمله من سمعة سيئة، وإن كان الجمهور فى وهران يسمع جيداً لهذا اللون من الغناء.
هذا الأمر أعطى له نوعا من الثقة فى نفسه، وجعل دائرة أحلامه تتسع خصوصا بعدما خاض تجربة طرح أول أغنية منفردة له، التى حملت اسم «طريق الليسية» وكانت أول خطوة حقيقية على طريق الاحتراف، لأنها دفعته برغم حداثة سنه إلى التفكير فى كيفية تطوير هذا اللون الغنائي، ولأنه كان مغرما بالفرق الأجنبية التى كان يشاهدها فى التليفزيون، ويقرأ عنها فى الصحف ويرصد رحلتها مع التطور وعوامل نجاحها، أدرك أن ملاحقة التطور التكنولوجى شيء ضرورى للتميز، والخروج من دائرة النمطية والتكرار.
ظل الشاب خالد طوال فترة الثمانينيات، يؤسس لشكل جديد لأغانى الراى التى مزج فيها الآلات الشرقية بالآلات الغربية التى أدخلها، ولم يقتصر فقط على ذلك، بل إنه ابتعد بهذا اللون عن الكلمات الإباحية التى كانت تسيطر على غالبية أغانيه، ففتح له الباب لكى يدخل كل البيوت، وبرغم ذلك لم يسلم من انتقاد التيارات الدينية المتشددة التى ظهرت بشدة فى تلك الفترة، والتى كانت تهاجم كل ما يمت للفن، خصوصا «الراي» الذى كانت تصاحبه سمعة سيئة لسنوات، حيث كان من يمارسونه معروفين بالتحرر فى موضوعات هذه الأغانى، وما يستخدمونه من كلمات لا تناسب جو العائلة مثل العشق والمشروبات الكحولية وغيرها.
واصل خالد طريقه دون الالتفات لمثل هذه التيارات المتشددة، خصوصا أنه كان يؤمن بما يقدم، ويرى أنه خرج بالراى إلى منطقة محترمة، يجب أن ينال الشكر عليها وليس الهجوم، كما ساعده فى المضى قدما بعض شباب المغنيين، الذين وجدوا فى أحلامه طريقا لهم فسلكوه معه، ومنهم الشاب «مامي» الذى يصغر خالد بـ 6 سنوات فقط، وبدأ رحلته مثله بالغناء فى الأفراح والنوادى الليلية، وحقق شهرة كبيرة فى الجزائر عندما شارك فى مسابقة «ألحان وشباب» التى أقامها التليفزيون الجزائرى ونال المركز الثانى، مما أغضب الجماهير التى كانت تراه الأحق بالمركز الأول بعدما أبهرهم بأغنية من أغانى الراي.
بعدها أصبح الشاب مامى والشاب خالد من أشهر مطربى الراى فى الجزائر، بل إنهما اشتركا معا من خلال المهرجان الأول للراى الذى أقيم فى وهران، بعد أن ألغت السلطات الجزائرية الحظر على هذا اللون من الغناء فى منتصف الثمانينيات، حيث كانت تتعامل معها قبل ذلك على أنه مبتذل، لكن بفضل الشاب خالد وجيله، أصبح مقبولا لدى الناس ونال شعبية واسعة، وكانت البداية الحقيقية للشابين خالد ومامى عندما شاركا معا فى مهرجان بوبينى فى فرنسا عام 1986، مما شجعهما على الذهاب إلى فرنسا فى بداية التسعينيات والإقامة فيها، واحتراف غناء الراى، ولم يمض سوى عامين، حتى كان اسم الشاب خالد يتردد فى كل مكان، بعد أن طرح أغنيته «دى دي» سنة 1992، التى حققت نجاحا مدويا، حتى إنها حصلت على المرتبة التاسعة فى ترتيب الأغانى الفردية بفرنسا، لتكون أول مقطوعة موسيقية يتم غناؤها باللغة العربية تحقق ذلك، بل إنها ظلت ضمن جدول أغانى «القمة الخمسين» على مدار 5 أشهر.
لم يحدث ذلك فى فرنسا وحدها، بل تجاوزت شهرتها الآفاق، فقد تم توزيعها فى حوالى 46 دولة، حيث اعتلت قمة الأغانى الفردية فى كل من سويسرا وبلجيكا وهولندا ومصر والسعودية، كما وصلت شهرتها إلى الهند وباكستان، حتى إن السينما الهندية استخدمت هذه الأغنية فى أحد أفلامها، وبسبب انتشارها الكبير حصل الشاب خالد على الأسطوانة الذهبية من الهند، كما استخدمتها أيضا هوليوود فى أحد أفلامها، وعندما تم حصر ما تم بيعه، وجد أن ألبومها باع ملايين النسخ، منها أكثر من مليون ونصف المليون فى أوروبا فقط، وقد سبق وأن كشف الشاب خالد فى أحد لقاءاته التليفزيونية بأن هذه الأغنية تجاوزت وقتها مبيعات مايكل جاكسون.
بسبب الشهرة العريضة التى حققتها هذه الأغنية، ولأنها انطلقت من فرنسا، فقد تخيل الكثيرون أن خالد مغن فرنسى وقد أبدوا استغرابهم بأن يحمل فرنسى اسم خالد، ولم تعرف غالبية الشعوب العربية بأنه جزائرى إلا من خلال الحوارات الصحفية التى أجريت معه، خصوصا الصحف المصرية لأن مصر كانت أول دولة يقوم فيها الشاب خالد بجولة بعد نجاح هذه الأغنية، ليفاجأ بالمصريين ينادونه باسم «خالد دى دي»، ومنذ هذه الزيارة لمصر وقد عشق بلد الأهرامات حتى إنه كان يأتى إليها لتسجيل آلة الكمان فى ألبوماته.
الغريب فى الأمر أن هذا النجاح الكبير دفع الشاب «رباح» أن يتهم الشاب خالد بسرقة هذه الأغنية منه، مؤكدا بأنه سبق أن سجلها باسمه سنة 1988، لكن المفاجأة التى كشف عنها الشاب خالد أمام المحكمة، بأن هذه الأغنية سبق أن سجلها بصوته فى أوائل الثمانينيات وقدم للمحكمة ما يؤكد ذلك، مما وضع الشاب «رباح» فى ورطة، لأنه كان مطالبا بدفع تعويض كبير لخالد.
بعد تألقه فى أغنية «دى دي»، واصل الشاب خالد رحلة التألق فقدم أغنية «عايشة»، التى حققت نجاحا ساحقا أيضا، كما تجاوزت مبيعات ألبومه «الحرية» الذى طرحه فى عام 2009 الثلاثة ملايين نسخة فى أقل من شهر، لتكشف الإحصائيات بعد ذلك، بأن الشاب خالد هو المطرب العربى التى تعد ألبوماته هى الأكثر بيعا فى فرنسا وأمريكا وأوربا والهند، بل إن مبيعاته وصلت إلى أكثر من ربع مليون نسخة فى البرازيل وحدها .
أيضا تعد أغنية «سى لا في» أى «هذه هى الحياة» التى خرجت للنور سنة 2012 محطة مهمة فى رحلة الشاب خالد، التى تعاون فيها مع المنتج المغربى «ريد وان» صاحب الخبرة فى التعامل مع المغنيين العالميين، حيث سبق له أن أنتج لكل من المغنيتين الأمريكيتين جونيفر لوبيز وليدى جاجا، فقد لاقت هذه الأغنية نجاحا عالميا مذهلا، جعلها تحصل على المراكز الأولى فى أسواق أوروبا وأمريكا وكندا ودول المغرب العربى، وظلت من أفضل أربع أغان على مدار عامين، كما كانت سببا فى ترشيح الشاب خالد لست جوائز عالمية، علاوة على حصولها على تصويت 50 مليون شخص فى مواقع التواصل الاجتماعي.
وأمام الشهرة الكبيرة التى حققها الشاب خالد عالميا فى سماء الراي، لم يجد محبوه سوى أن يطلقوا عليه «ملك الراي»، لكن الشيء الغريب أنه بعد وصول الشاب خالد لأعلى مرتبة فى سماء النجومية وبعد نجاح ألبوم «سى لا في»، ابتعد عن طرح ألبومات له وكأنه يمنح نفسه الحق فى استراحة محارب، بعد أن تجاوز الخمسين عاما، وخاض مشوارا مرهقا استمر لسنوات طويلة، وتوقع الكثيرون أنه لن يكمن فى استراحته طويلا، فهل يستطيع العاشق أن يبعد طويلا عن معشوقته ؟
بالفعل لم يستطع البعد، لكنه اكتفى بتقديم بعض الأغانى الفردية مثل أغنية «واحدة بواحدة» التى قدمها فى عام 2016، وأغنية «شباب الدنيا» التى قدمها خصيصا لمنتدى شباب العالم، الذى أقامته مصر سنة 2017 من كلمات الشاعر خالد تاج الدين وألحان عمرو مصطفى، ومشاركته الفنان تامر حسنى فى ألبوم «عيش بشوقك» من خلال دويتو «وأنت معايا» سنة 2018، علاوة على الحفلات التى كان يحييها فى عدد من دول العالم، حتى فوجئ الناس به وبعد 10 سنوات من الابتعاد عن تقديم الألبومات، بإعلانه عن طرح ألبوم له فى شهر أغسطس الماضى، وبالفعل وبعد فترة انتظار طرح هذا الألبوم الذى حمل غلافه بوستراً للشاب خالد على طابع بريد، يغلب عليه اللون الأخضر المميز لعلم الجزائر، ويحمل اسمه وتاريخ ميلاده 1960، وكان من المفترض أن يتضمن 13 أغنية قديمة له، لكن بتوزيعات جديدة وهي: «طريق الليسية، لاكاميل، لاليبيرتي، ويا نتى نتي، البراكة، مول الكوتشي، أصحاب البارود، عبد القادر، الكناوى بابا ميمون، الرابة، دور بيها يا الشيباني، عندها عقلية، لوين مسافر»، لكن قبل طرحه بأيام تم تسريب بعض أغنياته عبر تطبيق «تليجرام»، فقام بحذفها ليخرج هذا الألبوم إلى النور وبه 10 أغنيات فقط.
لماذا الشاب؟
فى أحد البرامج التليفزيونية التى استضافته وهو برنامج «مع الشريان»، كشف خالد عن سبب وضع لقب «الشاب» قبل اسمه، مشيرا بأنها جاءت بمحض المصادفة، حينما التقى بأحد الأشخاص، الذى أبدى إعجابه بصوته واقترح عليه ألا يهمل موهبته، وأن يسعى إلى تسجيل أغنية على CD حتى تسهم فى انتشاره بصورة أكبر، فأعجبت الفكرة خالد، خصوصا أن كل أمله فى تلك الفترة أن تتاح له فرصة الظهور على شاشة التليفزيون، وبالفعل وقع اختيار خالد على أغنية «طريق الليسية» إى «طريق الثانوية»، وعندما ذهب إلى الاستديو لتسجيلها طلبوا منه اسما فنيا لافتا النظر، فحدث اختلاف حول ذلك، وتطور الأمر إلى مناقشة حادة، وفى محاولة لتهدئة الأمر، قال له أحد الموجودين بالاستديو «أيها الشاب»، لحظتها خطرت له فكرة أن يلقب نفسه بالشاب، ليصبح اسمه الشاب خالد، وهو ما لاقى ترحيبا وتم تسجيل أغنية «طريق الليسية» وطرحها فى عام 1974 وهى تحمل اسم «الشاب خالد».
برغم أن اختيار هذا اللقب جاء بالمصادفة، لكنه لعب دورا كبيرا فى رحلة خالد وجيله من مطربى الراى، والذين حملوا أيضا لقب « الشاب « مثل الشاب مامى والشاب حسنى وغيرهما، حيث كان بمثابة البوابة التى تميز وتفصل الجيل الجديد عن مغنى الراى السابقين، الذين كانوا يعرفون بالشيوخ والشيخات، وكان من أشهر رواد هذا اللون الغنائى الشيخ حمادة والشيخ عبد القادر الخالدى، وظل الأمر كذلك منذ بدأ هذا اللون مع شيوخ الأغنية البدوية، حتى منتصف السبعينيات على يد خالد، بظهور لقب آخر وهو الشاب كإشارة للتجديد والتطور .
هذا اللقب أصبح بعد ذلك يطلق على كل مغنى للراى، حتى إنه فى فترة الثمانينيات قام التليفزيون الجزائرى بعمل مسابقة للمغنين الشباب، حملت عنوان «ألحان وشباب»، وكان الفائز فيها يطلق عليه لقب شاب قبل اسمه .
شاعر وملحن ومغنٍ وعازف ومؤلف موسيقى.. «كوكتيل» المواهب
الشاب خالد.. معجون بالمواهب الفنية، لم يكتف فقط بما حباه الله من صوت جميل، بل بحث فى داخله ليكتشف المزيد، فإذا به يمتلك حس الشاعر وقدرة الملحن، ولديه العديد من الأغنيات التى تحمل اسمه كمؤلف وملحن، فمثلا أغنيته الشهيرة «دى دى» تحمل اسمه كمؤلف وملحن لها، أيضا أغنية «عايشة» هو من كتب كلماتها العربية، بينما كتب كلماتها الفرنسية جان جاك جولدمان، كما أن أغنيته الشهيرة «سى لا في» تحمل اسمه كملحن، كذلك خاض تجربة الموسيقى التصويرية، لعدد من الأعمال الفنية وحصل منها على بعض الجوائز المهمة، علاوة على أنه عازف جيد لعدد من الآلات الموسيقية، منها الأوكرديون والجيتار والكمان والدرامز.
طوال رحلته مع الغناء ابتعد الشاب خالد عن عالم السياسة، واختار الموضوعات التى تحلق فى سماء الحب والحياة، فمثلا أغنية «عايشة» طالبت بالمساواة بين الرجل والمرأة وأن يحترم كل منهما الآخر، وكذلك جاءت أغنياته الأخرى مثل دى دى، عبد القادر يا بو علام، ولى لدارك، وهران وهران، سربى سربى، الشابة يا الشابة، صحرا، هو الليل، نبيذ الحرية»، لتؤكد قدرته الكبيرة فى انتقاء ما يقدمه، ويخدم رسالته الغنائية التى سخرها لكى تكون رسالة حب يرقى بها المجتمع ويسمو به ويحقق العدل والمساواة بين أفراده .
مطرب الجوائز العالمية
الجوائز ليست فقط عنوان النجاح والتفوق، ولكنها أيضا دليل على رحلة طويلة من الاجتهاد والتعب، وكلما تعددت الجوائز، دل ذلك على ما بذل من أجلها، وخلال هذه الرحلة حصل الشاب خالد على جوائز كثيرة، منها جائزة أحسن أغنية فى فرنسا عن أغنيته» يالشابة»، وجائزة توب 50 إم. تى. فى أمريكا، وجائزة إم تى فى الأوروبية، كما كرمه مهرجان البندقية السينمائى فى دورته الخمسين، حصل أيضا على جائزة سيزار لأفضل موسيقى تصويرية، وجائزة أوسكار الموسيقى التصويرية لفيلم العنصر الخامس، كما حاز على جائزة مهرجان موسيقى العالم عن البوم الصحراء، وجائزة مهرجان البحر الأبيض المتوسط للإبداع، وجائزة بيج آبل موسيقى العالم، كأفضل فنان عربى مبيعا فى أمريكا وجائزة موركس دور، كأفضل أغنية عالمية عن أغنيته «سى لا فى» .
الهضبة والكينج ونجم الجيل
برغم أن الشاب خالد قدم العديد من الدويتوهات مع عدد من المغنيين العالميين، ومنهم مغنى الراب الأمريكى العالمى بيتبول، لكنه لم ينس المشاهير فى عالم الغناء المصرى، فقدم بعض الدويتوهات معهم، لكونه يدرك جيدا قيمة المطربين المصريين الذين أيضا يعرفون قدره، لذلك جمعت بينه وبينهم العديد من الدويتوهات، وكان من أوائل هؤلاء الهضبة، عمرو دياب الذى قدم معه دويتو «قلبي» سنة 1999 والذى برغم مرور ما يزيد عن 20 عاما، فإنه بين الوقت والآخر يتحول إلى تريند على مواقع التواصل الاجتماعى خصوصا الرقصة التى جمعت بينها فى الاستديو أثناء تصوير هذا الدويتو، الذى كتب كلماته الشاعر الراحل مجدى النجار ولحنه شريف تاج، وقد حقق هذا الدويتو وقت عرضه نجاحا كبيرا فى الوطن العربي، خصوصا أنه تم تصويره على طريقة الفيديو كليب.
أيضا كان هناك المطرب محمد منير، والذى يحمل له الشاب خالد وده وحبا كبيرا، حتى إنه فى أكثر من مناسبة، كان يؤكد بأنه يتمنى أن يغنى مع الكينج، وهو ما حدث بالفعل فى الحفل الذى جمع بينهما فى سنة 2009 على مسرح أكاديمية أخبار اليوم، وقد تعامل الكثيرون مع هذا الحفل الذى جمع ملك الراى بملك الأغنية المصرية والعربية، على أنه بمثابة لقاء السحاب فى سماء النجومية، بل إنهم وصفوه بـ «الحفل التاريخي» حيث تجاوز الحضور 130 ألف متفرج، وهو رقم كبير لم تحظ به الحفلات قبلها.
لم يقتصر لقاء الملكين على هذا الحفل، ولكنهما وبعد سنوات اجتمعا مرة أخرى من خلال دويتو «علشان نفهم بعض» فى 2022، الذى تم تصويره وعرضه كإعلان ترويجى لأحد البنوك المصرية على طريقة الفيديو كليب وعرض فى شهر رمضان، ويدور حول فكرة اختلاف الأجيال.
أيضا شارك الشاب خالد نجم الجيل تامر حسنى، حيث جمع بينهما دوتيو «وإنت معايا» كلمات وألحان تامر حسنى، التى كانت ضمن ألبوم «عيش بشوقك»، ولم يقتصر التعامل على ذلك فحسب، بل إن الشاب خالد سبق وأن كشف بأن تامر شاركه تأليف أغنية جزائرية كانت ضمن ألبومه «واحدة بواحدة».
سر الضحكة
برغم الشهرة الكبيرة التى نالها الشاب خالد، ومطاردة الكاميرات له فى كل مكان يذهب إليه، لكنه كان شديد الحرص على أن يبتعد بحياته الشخصية والأسرية عن كل العيون، إلا لو ظهر ما يعكر صفو هذه الحياة.
وبرغم هذا الحرص الذى اتسم به الشاب خالد فيما يتعلق بحياته الشخصية والأسرية، لكنه كان يعشق الحديث عن والدته التى رحلت عن عالمنا منذ شهور قليلة، وقبل أن يطرح أحدث ألبوماته، حتى إنه كان يقول إنه أخذ ضحكته الدائمة من والدته، كما كان دائم الدعم للمرأة حتى إنه كان يبدى سعادة كبيرة عند الحديث عن الفتيات ويضرب الأمثال الشعبية التى تؤكد محبتهن، ولا يخفى فرحته بإنجاب ثلاث فتيات، بطريقته الجميلة التى يغلب عليها خفة الدم والتواضع والبساطة .
من الجيل المؤسس إلى الشباب.. الفن الممنوع
من يطالع تاريخ موسيقى وأغانى الراى، يدرك كيف لعب الشاب خالد وجيله دورا كبيرا، ليس فقط فى تغيير النظرة إليه فى المجتمع الجزائري، ولكن أيضا فى الوصول به من المحلية إلى العالمية، وفى هذا الإطار استعرض الكاتب والباحث الجزائرى سعيد خطيبى هذا التاريخ الذى يمتد إلى 100 سنة فى كتابه «أعراس النار.. قصة الراي» الذى يؤكد فيه، أن موسيقى الراى هى «الطابع الموسيقى الجزائرى والعربى الوحيد، الذى استطاع فى وقت قياسى بلوغ الذروة العالمية»، حتى إن القاموس اللغوى الفرنسى (لاروس) أدرج كلمة (الراي) بداية من عام 1998»، مشيرا إلى أن موسيقى الراى، تستمد بعض جذورها من الأغنية الوهرانية نسبة إلى مدينة وهران فى شمال غرب البلاد، وكانت البداية على أيدى «الشيخات» أما الحصاد والشهرة العالمية فنالها نجوم الجيل الجديد الذين يطلقون على أنفسهم «الشاب والشابة» تمييزا عن الجيل المؤسس، وبالتالى فإن موسيقى الراى تعد أحد أصناف الغناء الشعبى التقليدي، وهى تعنى الرؤيا أو الرأي.
وتطرق أيضا فى كتابه الذى يقع فى 168 صفحة متوسطة القطع، وصدر فى الجزائر سنة 2010عن (جمعية البيت للثقافة والفنون)، إلى بدايات هذا الفن، وأنها تعود إلى بعض المؤسسين منهم الشاعر مصطفى بن إبراهيم (1800-1867) أحد الأسماء البارزة التى ميزت مرحلة البدايات عبر نصوص جريئة «ذات طابع إيروتيكي» أى جنسى .
كما رصد سعيد خطيبى فى كتابه جهود نساء أسهمن فى تطوير الراى، بكثير من الجرأة فى طرح مواضيع غابت عن الفضاءات الرجالية، خصوصا فيما يتعلق بمحاولات الكشف عن عمق الأحاسيس والبوح بحالة الكبت الجنسي»، ومن هؤلاء سعيدة بضياف الشهيرة بالشيخة الريميتى (1923-2006) التى يصفها بأنها «امرأة صنعت تاريخ جيل كامل من النساء الجزائريات ... حاكت تجربة موسيقية، امتدت طوال أكثر من 50 سنة رسمت بطاقة هوية بلدها الجزائر» .
ومما يذكر عن الشيخة ريميتى، التى تلقب بـ « جدة الراى «، أنها أول من بدأت الغناء فى الأربعينيات من القرن الماضى، وأول من أصدر ألبوما خاصا بموسيقى الراى سنة 1954، وأنها قبل أن تتوفى عن 70 عاما أحيت حفلا كبيرا مع الشاب خالد فى قاعة « برسى « الفرنسية .
أيضا هذا النوع من الفن الذى كان يطلق عليه « الفن الممنوع « عانى طويلا من المنع من قبل الإذاعة والتليفزيون الجزائرى اللذين مارسا عليه رقابة صارمة لفترة طويلة بسبب تعرضه لموضوعات أخلاقية محظورة فى المجتمع الجزائرى، مما جعله حبيس الملاهى الليلية والألبومات، وظل الأمر كذلك حتى فترة الثمانينيات، إلى أن ظهر جيل من الشباب الجزائرى حمل هذا الفن، واستطاع أن يصل به إلى العالمية وفى مقدمتهم الشاب مامى الذى اغتيل فيما بعد لاتهامه بالانحلال الأخلاقى، والشاب خالد والشابة زهوانية، فالتف الشباب الجزائرى حول هذا الجيل من المغنيين بصورة، جعلت النظام الجزائرى يرضخ لطلباتهم ويعترف ضمنيا بمكان هذا اللون الموسيقى، عن طريق تنظيم أول مهرجان رسمى لأغنية الراى فى مدينة وهران فى منتصف الثمانينيات، وفى عام 1986، أقيم مهرجان لأغنية الراى فى باريس .
وبعد أن وصل هذا اللون الموسيقى إلى العالمية، تقدمت الجزائر على المستوى الرسمى لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة « اليونيسكو « فى 13 مارس 2016، لتصنيف « الراى « كتراث غنائى وموسيقى جزائرى، لإدراجه ضمن لائحة التراث العالمى للإنسانية من أجل الحفاظ عليه من الضياع، خصوصا بعد أن انطلق هذا اللون الموسيقى من المحلية إلى رحاب العالمية، ولم يقتصر الأمر على المستوى الرسمى فقط، بل تعداه إلى المستوى الجماهيرى حيث أطلق الجزائريون هاشتاج « يا وزيرة تحركى « على مواقع التواصل الاجتماعى، يطالبون من خلاله وزيرة الثقافة السابقة « مليكة بن دودة « بعد أن كانت قد أعلنت، بأنه سيتم سحب ملف تصنيف فن الراى كتراث جزائرى من منظمة اليونسكو، لوجود عدد من التحفظات على ملف الجزائر، ومطالبة المنظمة بتدعيمه بعناصر جديدة، مؤكدة بأن الجزائر لن تتنازل عن تصنيف موسيقى الراى ضمن التراث العالمى غير المادى، لأنه يعد جزءا أصيلا من تاريخها وثقافتها .
ومن المتوقع أن تنظر منظمة اليونسكو فى ملف أغانى « الراى « فى شهر ديسمبر المقبل بعد أن عالجت الجزائر التحفظات التى أبدتها المنظمة، وفق ما أعلنه مدير المركز الوطنى لأبحاث ما قبل التاريخ والأنثروبولوجيا والتاريخ، فريد خربوش فى تصريح نقلته وكالة الأنباء الجزائرية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية