تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
حصدت روايته «تغريبة القافر» جائزة البوكر العالمية للرواية العربية سنة 2023 ليسجل حدثا تاريخيا ويكون أول روائي عماني يفوز بالجائزة وتحاكى الرواية الحياة فى القرية العمانية وتفاصيلها بصورة إبداعية وتطرح الرواية قضية مهمة وهى كيف أن الماء الذى هو سر الحياة يمكن أن يكون سبب إنهائها أيضا، وهذه الرواية تحافظ على نسق وخصوصية الأدب العماني وتميزه فى الاحتفاء بالبيئة وخصوصيتها فى عمان، إنه المبدع العماني الشاعر والروائي زهران القاسمي الذى أصدر عددا من الأعمال الإبداعية فى الشعر والرواية والقصة القصيرة حيث صدر له من قبل «مراكب ورقية» شعرا ورواية «القناص» وديوان «موسيقى» والعديد من الإصدارات المتنوعة بين الأجناس الأدبية المختلفة، القاسمى الذى يزور مصر حاليا التقته «نصف الدنيا» وكان معه الحوار التالى.
- نريد أن نتعرف أكثر بأهم المحطات في المسيرة الإبداعية للأديب زهران القاسمي؟
أولا أنا من أسرة قارئة للشعر ولذلك لفترة قريبة كنت أكتب الشعر فقط لأن أسرتى كانت تحب الشعر وتحب أيضا الكتب القديمة مثل كتب الجاحظ والأصفهانى وغيرهما فهذا غرس بداخلي حب القراءة، واستمر لدى حب الاستطلاع والمطالعة فى فترات المراهقة والدراسة الجامعية وهذا جعلنى أكتشف الكثير من التجارب العربية والعالمية القرائية مما كان له الأثر على بعد ذلك حتى فى كتابتى للشعر فكنت أكتب فى البداية كتابة كلاسيكية والقصيدة العمودية وانتقلت بعد ذلك إلى كتابة الشعر الحر وقصيدة النثر بعد ذلك اكتشافى للكثير من التجارب السردية العالمية فى مجال الرواية حتى على مستوى الوطن العربى مما جعلنى أنتقل إلى منطقة جديدة حتى أننى لم أكن أتوقع أن أكتب الرواية.
- وهل يوجد أديب معين تأثرت به؟
ليس شخصا واحدا هو نتاج تراكمى من القراءات عبر كل السنوات منذ كنت فى العشرينيات حتى الآن، وبداية قرأت رواية «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ فاشتريت كل رواياته وقرأتها واستمررت فترة طويلة لا اقرأ إلا لنجيب محفوظ وهكذا كنت إذا أعجبنى أحد الأدباء أستمر فى القراءة له، فكل هذا النتاج التراكمى قادر على أن يخلق هذه التجربة وهى تجربة الاستفادة من كل هؤلاء الأدباء الكبار وأعمالهم الخالدة التى مازالت عالقة فى ذهنى.
-ما الذي دفعك إلى الترشح لجائزة البوكر العالمية للرواية العربية؟ وهل سبق أن شاركتَ في مسابقة روائية قبل هذه الجائزة داخل عمان أو خارجها؟
دار النشر هى التي آمنت بجودة العمل وأنه يستحق أن يشارك في التنافس على الجائزة وشاركوا في جائزه البوكر برواية «تغريبة القافر» وعدد من الروايات الأخرى من الدار نفسها وكان لروايتي النصيب لتفوز بالجائزة ولم أكن أتوقع لها الفوز.
في عمان حصلت على جائزة جمعية الكتاب وكانت عن رواية «القناص» ورواية «جوع العسل» وفازتا بجائزة الجمعية وهي جائزة محلية ولا تقارن بجائزة كبرى مثل البوكر لذلك أشارك لأول مرة في جائزة كبرى وكانت المشاركة فكرة صاحب دار النشر وهذا توفيق من الله.
- كيف تنظر إلى فوز رواية عمانية في مسابقة كبرى بحجم جائزة البوكر للرواية العربية؟ وهل يعكس هذا الفوز مكانة الرواية العمانية وتاريخها وتطورها؟
إذا كان يعكس شيئا فهو يعكس الانتشار أكثر للرواية، أنا مقتنع بأن هناك العديد من التجارب الروائية العمانية التي لم تصل إلى جوائز لكنها روايات تستحق القراءة وهي تجارب جميله خصوصا أننا بدأنا منذ فترة متأخرة في كتابة الرواية ولكن العمانيين كشعب جاء من خلفية مثقفة نحن أسرنا حتى من يعيشون في القرى أسر قارئة صحيح كنا نقرأ في المنطقة الكلاسيكية ولكن من منظور كانت الأسر محبة للأدب وكانوا يعلمون أطفالهم حب الأدب وحب القراءة والاطلاع، حتى الحركة الثقافية في عمان بدأت أساسا بالشعر ولدينا من السبعينيات وحتى فترة قريبة قائمة من الشعراء الذين اشتغلوا على قصيدة النثر في منطقة تختلف تماما عن تجربة قصيدة النثر حتى في الوطن العربي فلدينا أسماء كبيرة مثل «سيف الرحبي» و«سماء عيسى» وقائمة طويلة، وعندما نقارن هذه التجربة بتجربة من كتبوا قصيدة النثر في الخليج العربي وهم الذين تأثروا بتجارب أستطيع أن أقول إننا لم نتأثر بتجارب الشعراء الكبار مثل أدونيس وغيره بقدر ما خلقنا منطقة خاصة بعمان حتى في كتابة القصيدة وكتاب السرد الذين جاؤوا بعد ذلك كانوا متأثرين بآبائهم الروحيين وهم الشعراء، فكتاب السرد الذين كتبوا القصة القصيرة كانوا متأثرين فخلقوا أيضا مناخا له خصوصيته في كتابة القصة القصيرة والروايات بعد ذلك لأن كتاب الروايات كانوا أساسا كتاب قصة قصيرة منهم «بشرى خلفان» لها أكثر من مجموعة قصصية قبل أن تكتب الرواية وجوخة الحارثي كان لها أكثر من مجموعة قصصية قبل أن تكتب الرواية، أيضا «محمود الرحبي» وهو معروف على مستوى الوطن العربي بأنه قاص وله روايات، إذا فنحن قد أتينا من منطقة شعرية حتى لغة معظم الروائيين وكتاب القصة لغتهم قويه لأنهم جاؤوا من منطقة شعرية فأعتقد أن الجوائز ألقت الضوء فقط على هذه المنطقة وتزيد مقروئية المكان ولكن موضوع التطوير بالعكس حركة التطوير في الأدب العماني كانت قبل الجوائز وكان لدينا كتابة سردية جادة قبل أن تصل أي رواية من الروايات العمانية المعروفة إلى أي جائزة.
- ماذا أضافت جائزة البوكر العربية التي تعد من أهم الجوائز الأدبية إلى مسيرتك الأدبية؟
الانتشار فأنا كنت أكتب بطريقة جادة من قبل أن أصل إلى البوكر وأتمنى ألا يجعلنى فوزي بالجائزة أقف عندها فقط وأن أتخطاها.
- نعود إلى «تغريبة القافر» ما القضية التي تطرحها خلالها؟
هي أكثر من قضية أولا إلقاء الضوء على نظام مائي موجود في عمان وقد يكون موجودا في مناطق أخرى مثل المنطقة الصحراوية من المغرب وفي بعض المناطق في إيران لكن في عمان هذا النظام قديم يصل إلى آلاف السنين وهو نظام الأفلاج وهذا نظام غير موجود في مناطق أخرى مثل مصر مثلا التي تعتمد على مياه النهر فلا توجد القنوات التي تحفر تحت الأرض للبحث عن المياه الموجودة في عمان، لأن المنطقة عندنا شبه صحراوية تعتمد على مياه الأمطار التي تأتي فجأة وتصير مخزونا جوفيا والناس في عمان كان عندهم هذه المعرفة قديمة ويعرفون أن هذه المنطقة مثلا بها مياه فبدأوا يحفرون قنوات تحت الأرض يصل عمق بعضها إلى 50 أو 60 مترا تحت الأرض وسط ظروف قاسية من درجة الحرارة المرتفعة، وكانوا يحفرون الصخور باستخدام أدوات بدائية وكنت أتعجب كيف استطاعوا أن يحفروا كل هذه المسافات الطويلة فبعض الأفلاج تصل إلى 30 كيلومترا وبالطبع هذا الحفر استمر مئات السنين وتحت الأرض هناك روافد لهذه القنوات فهذا النظام أردت أن ألقي الضوء عليه لأنه غير مطروق في الأدب العماني بخاصة أو على مستوى الوطن العربي، القضية الأخرى التي أردت طرحها خلال الرواية هي أهمية الماء ليس فقط للإنسان العماني لكن للبشر جميعا وكما هو معروف الفترة الأخيرة بدأ يظهر مصطلح «حروب المياه» وأهمية الماء للإنسانية وفي الحضارات القديمة كلها قامت على منابع المياه أساسا، والشيء الآخر أن الماء هذه المادة البسيطة الناعمة وهي أساس الحياة كيف تتحول إلى مادة قاتلة من خلال الفيضانات كما شهدنا في مناطق متفرقة من العالم بسبب وفرتها أو بسبب ندرتها يمكن أن يحدث جفاف تموت بسببه المزروعات والحيوانات وقد يتسبب في هجرة الناس.
- كيف أثرت خلفيتك ومكان إقامتك فى قرية عمانية على كتابة الرواية؟
أعيش في قرية وأستطيع أن أقول 90 في المئة من القرى العمانية متشابهة في النظام الاجتماعي والمائي الموجود فيها فهذا أعطاني معلومات كثيرة تخدم المنطقة التي اشتغلت عليها في «تغريبة القافر» وبسبب الحكايات أيضا التي كنت أسمعها من العمال الذين اشتغلوا داخل هذه القنوات واستمعت منهم إلى ما كان يواجههم من مشكلات في أثناء عملهم وأحيانا حالات الغرق التي كانت تحدث في هذه القنوات واستمعت إلى هذه الحكايات من كبار السن الذين جلست معهم وحصلت على معلومات كبيره ساعدتني على كتابة هذه الرواية.
- ما مدلول ومعنى العنوان «تغريبة القافر»؟
أولا القافر هو الشخص الذي يقتفي الأثر وهو مصطلح عربي قديم ربما غير مطروق الآن لأنه كان حرفة وإلى الآن البدو في الصحاري يستخدمون كلمة القافر وفي بعض قبائل البدو الموجودة في الربع القاري وذكرها ويلفريد ثيسيجر في كتابه «الرمال العربية» وخلال رحلته عرف هؤلاء القفارين الذين يقتفون أثر الدابة متى مرت من هنا وهل هي حية أم ميتة، فكانوا يعرفون تفاصيل كثيره فقط من أثر هذه الدابة، كمصطلح هو موجود ومعروف حتى فترة قريبة عندنا في القرى إذا أضاع راعي الغنم أحد أغنامه كان يلجأ إلى بعض القفارين ليدلهم على مكانها ولكن الآن انتهت هذه المهن فبدأ يقل استخدام هذا المصطلح والتغريبة هي الحالة الإنسانية أو الحياتية التي يعيشها القافر وهو الشخصية داخل الرواية من الغربة ومن الرحلة التي قضاها منذ طفولته وحتى انتهائها في قناة الفلج الأخير فهي كانت غربة نفسية وكانت غربة حياتية بسبب الانتقال من مكان إلى آخر.
- كل من تناول أو قرأ إبداع زهران القاسمى لا بدّ له من أن يتطرق إلى قضية المفردات «العتيقة المحلية» التي توظفها في مجمل ما كتبت، هناك من اعتبر أنّ هذه اللغة مصدر قوة إبداعك، وهناك من يرى أنّها قد تقف عائقا أمام القارئ، ماذا تقول في ذلك؟
مع وسائل التكنولوجيا الحالية لم يعد هناك عائق أمام القارئ لأن يعرف مصطلحا من المصطلحات، ثانيا لا أعتقد أن هذه المسألة جديدة فعندما نقرأ روايات لعراقيين نجد مصطلحات خاصة بالعراق داخل هذه الأعمال وتكون غريبة علينا لكن هل هذه المصطلحات كانت عائقا في سرديه الحدث؟ بالطبع لا هي تضيف خصوصية المكان وخصوصية الزمان أيضا التي يتناولها العمل ولأن في كل أعمالي السردية اشتغلت على هذه المنطقة فما كانت عائقا أبدا حتى إنني كنت أستشير العديد من الأصدقاء حول المخطوطة قبل نشرها حول هذه المصطلحات وهل هناك حاجة إلى وضع هوامش لتفسيرها فكان جوابهم النفي، لأن هذه المصطلحات مفهومة من سياق الكلام فأنا عندما أذكر شجرة باسم معين هي في النهاية شجرة.
- لكل كاتب مشروعه الأدبي فهل نستطيع أن نقول إن الكتابة عن البيئة والقرية العمانية هى المشروع الأدبي لزهران القاسمي؟
بالفعل حتى إنني قبل أن أكتب أعمالي الروائية وفي موضوعاتي الشعرية مهتم بتفاصيل المكان فهذا مشروعي الخاص وهي سمة حتى مع بقية الكتاب العمانيين فنحن نشتغل على المنطقة المحلية الخاصة بالإنسان العماني والخاصة بهموم الإنسان العماني وبمناطقه ومكانه لأني مقتنع تماما بأن التركيبة النفسية لأي شعب البيئة لها دور فيها، فمن يعيشون في منطقة مزدحمة صاخبة نفسيتهم وتركيبتهم تختلف عن الإنسان الذي يعيش في منطقة هادئة ومريحة فتكوين البيئة يساعد على تكوين الشخصية الإنسانية.
- أنت تكتب في أجناس أدبية عدة هل ساعد هذا التنوع في ممارسة الكتابة على تمكنك في كل نوع؟ أم كان يثقل كاهلك عند بداية معالجة موضوع جديد؟
العمل الجديد دائما يكون بطيئا وهو تجربة في الأخير فأنا كتبت الشعر فترة طويلة وأرى الشعر بنظرة مختلفة فعندما أبدأ في كتابة رواية لأول مرة وأنا قادم من المنطقة الشعرية اللغة فيها مختلفة فهنا أحتاج إلى تخفيف اللغة والاشتغال على السردية والحدث فبالتأكيد تكون هناك صعوبات في البداية لكن مع الممارسة والكتابة ومع التشاور مع الآخرين أمدني وخلق لدي هذه الخبرة والقدرة على الكتابة فى هذه المنطقة الجديدة.
-الناقد السوري الدكتور نضال صالح في حوار له قال: تكمن قيمة الأدب العماني وأهميته في وفائه الباهر للبيئة التي يصدر عنها،ما تعليقك؟
لدينا وعي من الكتاب سواء في السرد أو في الشعر أو حتى في المسرح أن نتناول منطقة لها خصوصيتها بالنسبة لنا فهذه الخصوصية تظهر للقارئ الآخر مثلا في رواية «تغريبة القافر» حين يقرأها عماني تختلف لأنه يعيش في هذه التفاصيل ويراها عادية ولكن حين يقرأها أحد من مصر أو من أي مكان من العالم ولأنه خارج البيئة يراها مختلفة ويعطي تصورا مختلفا تماما في المخيلة لدى القارئ فنحن نشتغل على هذه المنطقة التي بها خصوصية من ناحية المكان والبيئة ونحن مدركون تماما لكي نخلق هذه السمة الخاصة بالمكان في العمل الأدبي.
- وأنت تكتب هل تفكر في السعي إلى الجوائز مثلًا أو الوصول إلى أكبر نسبة من القراء، أو ترجمة ما تكتب إلى لغات أخرى؟
أنا لا أهتم بهذه الأمور وحين كتبت هذه الرواية كنت قد كتبت العديد من الأعمال قبلها حبا في التجربة فقط وفي حالة «تغريبة القافر» حين قرأها الناشر تواصل معي وقال أريد موافقتك الكتابية أن أشارك بها في البوكر، ففكرة الترشح نابعة من الدار وليس مني أنا لم أكتب في أي حال من الأحوال شعريا أو أدبيا سرديا خصيصا لكي يشارك العمل في مسابقات وجوائز..
- كيف ترى واقع الأدب العربي حاليا وهل يمكن أن نجد أحد الأدباء العرب يفوز بنوبل مرة ثانية قريبا؟
هذه الأشياء عادة تكون غير متوقعة، أيضا الجوائز العالمية لها حسابات أخرى سياسية ولكن من الممكن أن يحدث ذلك في أي لحظة من اللحظات وهذه مفاجآت دائما في نوبل فقد نجد أن اسما من الأسماء الموجودة وهذا ليس تقليلا أبدا من التجارب الموجودة على مستوى الوطن العربي بين كتاب الرواية والشعر فيوجد لدينا تجارب عالمية وكتاب عالميون، ولكن فيما يخص هذه الجوائز العالمية لها حسابات كثيرة نحن قد لا نعلم هذه الحسابات لأنها راجعة إلى الدولة واللجنة التي تقيم الأدباء.
-هل هناك طقوس معينة تحرص عليها لتهيئة جو الكتابة؟
ليس لدي طقوس معينة لكني قبل البداية في العمل أجري الكثير من البحوث فعندما فكرت في الكتابة عن الأفلاج في رواية «تغريبة القافر» بدأت البحث عن كل المراجع التي كتبت في عمان عن الأفلاج وعن هندستها ومسمياتها، أيضا عملت بحثا حكائيا فاستمعت إلى الكثير من الحكايات من كبار السن فهذا جانب بحثي في العمل أما الجانب الكتابي فأنا أجرب أكثر من طريقة للكتابة وليس لدي طقوس أكتب أحيانا في الصباح أو في المساء وقت الظهيرة وأحيانا أكتب وأنا جالس على مقهى فلست ملتزما بنمط معين أو وقت معين..
-الأدب العماني له حضور متميز على الساحة العربية، وبات أكثر حضورا بعد وصول رواية جوخة الحارثي لجوائز عالمية ورواية «دلشاد» لبشرى خلفان تفوز بجائزة كتارا،وها هى تغريبة القافر تحصد البوكر العربية حدثنا عن الأدب العمانى حاليا بماذا يمتاز وماذا يحتاج؟
الأدب العماني أتى من منطقة أصيله ومهمة وهي منطقة الشعر فكثير من الكتاب المعروفين الكاتبة جوخة الحارثي مثلا جدها كان شاعرا معروفا على مستوى عمان فلديهم مكتبة كبيرة ومن أسرة تحب الأدب وتمارسه والكاتبة بشرى خلفان أيضا وغيرهما من الكتاب العمانيين جاؤوا من أسر محبة للأدب ولديهم النظرة الأصيلة للأدب داخل الأسر وهي التي صنعت هذه الأجيال التي جاءت بعد ذلك وأرى أن الأدب العماني مقارنة حتى بالدول من حوله هو أدب أصيل وجاء من منطقة خاصة بنا وبدأنا من فترة بعيدة وربما حتى من الحياة المتزمتة التي نعيشها فنحن مازلنا إلى الآن نعيش حياة متزمتة أصولية وننظر إلى الأديب أو الشاعر بإجلال وتقدير داخل المنطقة القبلية فهذا يعطي دافعا كبيرا لتتطور الكتابة وأعتقد أن لدينا تجارب مهمة ربما لم تصل إلى جوائز لكنها تستحق القراءة وتستحق أن ينظر إليها.
- هل وقعت في غرام الرواية ووجدت نفسك فيها أكثر من القصة القصيرة والشعر؟
لم أبتعد عن كتابة الشعر فقد كتبت رواية «جبل الشوح» ثم كتبت بعدها «رحيق النار» مجموعة شعرية وكتبت رواية «القناص» ثم كتبت بعدها ديوان «كاميرا» وكتبت رواية «جوع العسل» وبعدها كتبت «الكف الكريمة» فأنا لم أحتكر نفسي لجنس أدبي معين ولكن الموضوع يعود إلى الرغبة النفسية.
- اسمح لى أن آخذك بعيدا عن الحديث عن الأدب وننتقل إلى الحديث عن المرأة العمانية، حدثنا عنها وأهم إنجازاتها وهل استطاعت الحصول على حقوقها داخل المجتمع؟
المرأة العمانية قوية وقبل انتشار التعليم كانت امرأة متعلمة لأنه في داخل القرى العمانية وقبل أن توجد المدارس الحكومية يوجد ما يسمى مدارس تحفيظ القرآن الكريم وهذه المدارس لم تقتصر على تحفيظ القرآن فقط بل كانت تعلم النحو والصرف والبلاغة فكان معلم القرآن هذا مثقفا يحفظ الشعر وعارفا بأصول القرآن وفقيها لذلك الأطفال الذين كان يعلمهم تكون لديهم الأساسيات في اللغة والقراءة والنحو ومنهم المرأة، وعندما بدأت التعليم الحكومي أصبح لدينا قيادات كبيرة من النساء المثقفات ولدينا سيدات أعمال وسياسيات ووكلاء وزارة ووزيرات وعمداء جامعات من النساء، أعتقد أن المرأة العمانية تزامنا مع الرجل حصلت على نصيبها الذي تسعى إليه بل في القترة الأخيرة المخرجات التي ألاحظها أن المرأة تهتم بالتعليم أكثر من الرجل حاليا حتى أن الفتيات يتصدرن نتائج الثانوية العامة بمجاميع كبيرة أكثر من الذكور.
- هل هذه أول مرة تزور القاهرة؟وماذا كان انطباعك الأول حين وصلت إلى مصر؟
أول مرة أحضر إلى القاهرة ولكنى حضرت إلى الإسكندرية منذ أكثر من ثلاث سنوات ودعيت كثيرا لحضور مهرجانات شعرية في مصر ولكن حالت ظروفي دون ذلك وعن شعوري يكفى أن أقول لك إنى زرت الكثير من الدول منها المغرب والعراق ودول الخليج كلها ولكني في مصر لم أشعر بالغربة وشعرت بأنني أتيت إلى مكان أعرفه منذ زمن وهذا يرجع إلى أن ثقافتنا أساسا وتربيتنا ومعلمينا والإعلام الذي تربينا عليه ومن أعمال درامية مصرية خلقت هذا الوحي الكامل والإحساس بالمكان لدينا حتى قبل أن أزور مصر، وعندما وصلت إلى القاهرة وتحدثت مع الناس كأني أعرف هذه المنطقة كنت أعيش فيها من قبل.
- ماذا ينتظرنا بعد من إبداع، هل ننتظر مجموعة قصصية أم رواية؟
ليس هناك جديد حاليا لأني فضلت أن تأخذ رواية «تغريبة القافر» حقها من الدعاية والتسويق في معارض الكتب والملتقيات فمنحت نفسي مهلة لمدة سنة كاملة ثم أبدأ بعدها التفكير في مشروع جديد.
- نصيحة توجهها إلى الكُتَّاب الشباب؟
أنصحهم بعدم الاستعجال في النشر والاشتغال على مشروعاتهم الأدبية فموضوع الاستعجال في النشر منتشر لدى الكثير من الشباب الموجودين حتى أن بعضهم كان يعطيني مسودات أعمالهم وأنصحه بعدم الاستعجال والعودة والاشتغال على العمل مرة أخرى وكنت أستاء وأحزن حينما أجد هذا الشخص لم يمتثل لنصيحتي ونشر عمله، قد يكون الشاب في مراحله الأولى يريد أن يكون له كتاب لكن التأني أحيانا يجعله يتراجع ويعيد قراءة العمل من جديد ويحسن ويعالج مناطق الضعف به وهذا لصالحه، أيضا نصيحتي لهم بالقراءة الدائمة لأنه ليس هناك كتابة إبداعية إلا وكان في خلفيتها قراءة كبيرة ومتنوعة.
الروائي والشاعر العُماني الفائز بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية زهران القاسمي:
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية