تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > الأهرام : «من الحشو بالملبن والعجوة إلى البيستاشيو والريد فيلفت».. رحلة تطور صيجان الكحك عبر التاريخ
source icon

الأهرام

.

زيارة الموقع

«من الحشو بالملبن والعجوة إلى البيستاشيو والريد فيلفت».. رحلة تطور صيجان الكحك عبر التاريخ

في محبة الكحك قيل الكثير والكثير في هذا المظهر المهم من مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك، ومن أروع ما قيل في ذلك ما صاغه "متنبي العامية المصرية" الشاعر الكبير فؤاد حداد:

خالاتى عماتى سيداتى 
على تل عجوة وعسل وسمن 
ولا مجلس الأمن سهرانين
لت وعجين يبنوا الهرم 
قالت حماة المحترم 
يا كعك يا سيد الكرم 
نبطلك فى المشمشى 
يا بنت قومى وفرفشى 
لا تحوشى ولا تختشى 
إحمي الوابور واستحمشى 
إشى وإشى تلاقيه مشى 
إشى نغبشى وإشى حبشى 
وإشى دندشى وإشى انقشى 
وإشى ينحشى وإشى رشرشى 
سكر عليه 
                    
بدورها تقول شذي يحيي، الباحثة في التراث والتاريخ، لـ"بوابة الأهرام"، إن كعك العيد كما هو معروف من أيام الفراعنة، مؤكدة على أن أحمد تيمور باشا، أكد  أن الكحك هو عجين مبسوس بالسمن يُصنع منه الكعك فى عيد الفطر، فإذا خُبز جعلوا عليه السكر المدقوق وأكلوه. 

وذكر أحمد أمين فى قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية، "أن الكعك دة دايب" تعبير يُقال للفطير والكعك وأمثالهما، بمعنى أنها ناعمة هشة كثيرة السمن، وتضيف يحيي أن كحك العيد أهم علامة للاحتفال بانتهاء الصيام وفرحة إتمام العبادة وبداية لمة نساء وعيال العائلة والتسابق على إبراز شطارة ربات البيوت للجيران زمان. 

وقيل فى الأمثال "رمضان عشرة للمرق أى لطبخ لذائذ الشهر المميزة، وعشرة للخلق أى لشراء وتفصيل ثياب العيد السعيد، وعشرة للحلق اى تسوية كعك أو كحك العيد" فضلا عن حلفائه التقليديين المحدثين من البسكويت والبتيفور واللانكشير، وأحيانا قرصة محوجة مع العسل الأسود بالزيت والسمسم، ومعها السفوفية المصنوعة بالزبد والكركم وأحيانًا منين بعجوة وسمسم وقراقيش لزوم الشاى بلبن. 

وم أروع الأشعار الشعبية التي قيلت في الكعك... 

صامت يوم واتمخطرت للعيد 
هو فى عيد يا سعيد من غير كحك ولبس جديد ؟
يا ناعمة يا غريبة ..يا بنت الناس الطيبة

وتضيف شذي يحيي ، يذهب العيال للفرن الأفرنجي القريب للحصول على عدد معين من الصاجات السوداء اللامعة ويعودون بها منتصرين للمنزل العامر بالأمهات والخالات والعمات والجدات يعدون طبالى الكحك الضخمة وطشوت الألومنيوم الكبيرة ليبسوا فيها الدقيق فى السمن الساخن مع السمسم والتحويجة وزر الورد والمحلب ليصنعوا العجين الذهبى برائحته الشهية بينما تنبرى الماهرة فيهن لإعداد العجمية من عسل النحل والسمن وماء الزهر، وقليل من الدقيق والسمسم وجوز وتعجن أخرى عجوة البلح الفاخرة أيضا بسمن وسمسم وبندق وقرفة وتجهز ثالثة حشوة الملبن المعطر بماء الورد وتوضع على الطبلية عشرات المناقيش النحاسية الصغيرة، ولنقش الكحك فائدتين الأولى تزيينه والثانية تسويته من الداخل بشكل جيد. 

وكلما صغرت الكحكة كانت دليل على مهارة نساء الدار، وكلما زادت نعومة الكحك وسمنه كان دليل على غنى أهل الدار وعزهم، عادة مكلفة لكن لا بد من رفع راية البيت أمام الأحباب والجيران. 
 
وتوضح شذي يحيي، أن بيرم التونسى شكا من عادة توزيع كحك العيد وكتب قصيدة فى كحكه المتكلف الفاخر الذى ترده الجارات بأطباق كحك مخبوز بالديزل وتانف منه صدقات التكية ويستحى الذهاب به للقرافة.

ويستحلف شاعر العامية بيرم التونسي للجيران، قائلاً:  

أنا نادر إذا نجانى ربى ونجى الناس من نايبة قوية 
لاعجن كحك من ردة فراخنا واحط عليه شطة مغربية 
ومن اهدى إلينا أو رازانا نجازى عالرزية بالرزية

مع الكحك يصنع البسكوت المشط من الزبدة والدقيق والبيض والسكر مع قشر البرتقال والباكينج باودر، أو بالحليب والنشادر ويشكل بماكينة فرم اللحم التى بها وجوه مخصوصة البسكويت تربط الماكينة على الطبلية وتقوم بتدويرها أعفى النساء بينما تقص أخرى شريط البسكويت على هيئة قطع ترص فى الصاجات، بعد ذلك يصنع البيتيفور ويضاف لبعضه الكاكاو واللانكشير من دقيق الأرز وبعد تسويتهم تلصق كل حبتين بمربى المشمش أو الفراولة ويزينوا بالسكر الملون او جوز الهند.
 
وتضيف يحيي، أن غالبا ما يتم تسوية البيتيفور واللانكشير فى المنزل، ومعهم الغريبة بالسكر المطحون والدقيق والكثير جدا من الزبدة التى تشكل اقراص صغيرة جدا دائما ما تحلى باللوز أو الفستق أو القرنفل.

أما الكحك والبسكويت فيذهبون إلى الفرن فى الصاجات السوداء التى تربط ربة المنزل كل صاج منها بخرقة بلون معين أو يكتب عليها اسم العائلة بطباشيرة بيضاء؛ كى لا تختلط مع صاجات الآخرين وحتى يحين وقت التسوية الصاجات تغطى بقماش نظيف كى لا يتعفر  العجين ،ولا بد أن تقف سيدة من البيت أو طفل شاطر على الصاجات لحين خروجها من الفرن.

بعد العودة المظفرة من الفرن بالكحك والبسكويت الذهبى تكون الصفائح المعدنية النظيفة محكمة الغلق جاهزة وتعكف ربات المنزل بمنتهى الحرص والعناية على رص وحفظ المخبوز الثمين فيها، وكما يقول المثل باعاملك زى الكحك أبو سكر أخاف عليه يتكسر، وتغلق الصفائح بأحكام لضمان الحفاظ على الكحك أطول فترة. 

أما بقية الكحك الذى سيؤكل فى العيد فيوضع فى طشت ألومنيوم مغطى بقماش نظيف، أما هدايا الجيران فترص مجهزة ومرشوشة بالسكر فى الأطباق الصينى والبنور مع الشيكولاتة والملبس والطوفى مُغطاة بمفارش مطرزة، ويتولى الأطفال مرة أخرى توزيعها فى حلقة جديدة من مغامرة كحك العيد. 

ووما قيل في الأمثال الشعبية عن الكحك (كحك بلا سكر..يخلى المزاج متعكر).

بعد العيد تبدأ زيارات الأهل والأحباب والاقارب والخلان فى كل مضيفة ومندرة وصالون يستقبل الضيوف بشيالة الأدوار أو أطباق الكحك المرشوش بالسكر المطحون والبسكويت و الشيكولاتة والملبس ومعهم الحمص والترمس والحلبة والفول، والسودانى المقلى و الشاى والقهوة والشاى بلبن.

وتضيف شذي يحيي، أن الشوارع والحارات فى أخر أيام رمضان دائما ما كانت تتعطر بروائح الفانيليا الممزوجة بالسمن والخبيز الطازج الان أصبحت كل عائلة تشترى أحتياجاتها من الكحك من محلات الحلوى، ولم يعرف أولاد الذكاء الاصطناعي طريق الفرن ولا أطباق الصينى التى تمر على بيوت الجيران. 

وأصبح كعك البيستاشيو والريد فيلفت وعلب عشرات الألوف من الجنيهات صيحة العصر وتحول الطقس إلى مجرد بطانة وحشو أفواه بلا ترابط اجتماعى. 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية