تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
بعكس بلوهولات أخرى حول العالم، يتميز «بلوهول دهب» بأنها متصل بالشاطئ مباشرة. "أي شخص بمجرد نزوله الماء فهو يسبح في قلب البلوهول".
بدوره يوضح صدام كيلاني، مدرب غوص محترف -حاصل على ألقاب في موسوعة جينيس للأرقام القياسية-.. إن هذا التكوين النادر، عبارة عن حفرة طولها 30 متراً وعرضها 100 متر، يمنحها ميزة لا مثيل لها، ويحولها إلى أيقونة تسويقية سياحية، حيث يُعتبر تحديًا للغواصين المحترفين لما يتميز به من طبيعة جيولوجية معقدة تعرف بـ"القوس"، وهو ممر عميق يصل البلوهول بالبحر المفتوح.
لم يأت لقب «مقبرة الغطاسين» من فراغ.. فعلى الصخور المحيطة بالبلوهول، كانت الأسماء تُكتب كشهادة على الشجاعة عن رحلة لغطاس فقد حياته وهو يغوص في "البلوهول"، لكن الظروف الجوية محتها مع الوقت، ليتم استبدالها بـ«شاهد رخامي»، شبيهة بشواهد القبور، ومن هنا أُطلق اللقب عليها «مقبرة الغطاسين».
عدد الوفيات كبير، لكن لا توجد إحصائية دقيقة. "فبعض الجثث تم انتشالها، وبعضها لا يزال في الأعماق"، هكذا يؤكد كيلاني، ويحلل الأسباب خلف هذه الكوارث، فيقول:«أحيانًا تحدث حالات الغرق بسبب بعض الخلل في معدات الغطس، إلى جانب الحماس الزائد، فهناك بعض الشباب غير المحترفين، يتجاوزون حدود قدراتهم في الغطس لمسافات أعمق بحثاً عن المغامرة».
أما أغرب الأسباب وأكثرها رهبة فهي ظاهرة «سُكر الأعماق ـ Nitrogen Narcosis»، حيث يؤثر الغاز المستنشق تحت الضغط على خلايا المخ، مُسبباً فقدان السيطرة.
ابتلع «البلو هول» العديد من عاشقي الإثارة والمغامرة، لكن أكثرهم شهرة كان «ستيفن كينان» البالغ من العمر 39 عامًا، وهو من دبلن عاصمة أيرلندا، فأثناء إشرافه على غطسة قامت بها «أليسيا زيكيني» حاملة الرقم القياسي العالمي في الغوص الحر، وبينما كانت تحاول عبور "قوس" الحفرة الزرقاء الشهيرة في البحر الأحمر باستخدام نفس واحد فقط، فقدت الشابة الإيطالية البالغة من العمر 25 عامًا اتجاهها. سارع كينان لنجدتها وساعدها على الصعود إلى السطح. تمكنت من الخروج سالمة، لكنه فقد وعيه ووُجد طافيًا على وجهه على مسافة ما
سياحة تتحدى الموت وتُنشِّئ الحياة: الفرصة الذهبية
رغم الخطورة، شهدت الفترة الأخيرة تحولاً نوعياً.. حيث "بدأت السياحة الداخلية تنشط بين الشباب المصريين"، يعلق كيلاني على هذه الظاهرة، قائلا:"بدأنا نستقبل طلبات تدريب كثيرة منهم، وهذا فتح مجالاً جديداً للاقتصاد المحلي".
يُكمن السبب الآخر في أن مسابقات الغوص الحر التي تُنظم على مدار العام، بالإضافة إلى الميزات التنافسية لمصر (الطقس المعتدل على مدار السنة، صفاء المياه والرؤية التي تصل لـ30 متراً، والتكلفة المعقولة)، ساهمت في تنشيط السياحة الرياضية بشكل كبير.
نظام أمان متكامل
يؤكد كيلاني أن معدلات الأمان في دهب عالية جداً مقارنة بمناطق أخرى.. كما أن وزارة السياحة والصحة، يوفرا سيارات إسعاف مجهزة طوال الوقت، بالإضافة إلى أن مدربي الغطس ملزمون بالحصول على دورة إسعافات أولية، مما يتيح لنا الإنقاذ الفوري قبل وصولنا إلى المستشفى".
الكنز الحقيقي: حماية التنوع البيئي في وجه التحدي
بعيداً عن المغامرات البشرية، يكمن كنز البلوهول الحقيقي: تنوعه البيولوجي الفريد. "البحر الأحمر مليء بالكنوز"، وعن هذا يقول كيلاني: "نقاء المياه ودفئها سمح بوجود تنوع هائل من الكائنات البحرية النادرة".
لكن هذا الكنز يواجه تحديات حقيقية. "في السابق، لم تكن لدينا ثقافة بيئية بأهمية الحفاظ على المنطقة"، ويعترف كيلاني:"التحدي الأكبر يأتي من اختلاف ثقافات الزوار، فبعضهم لا يهمه الحفاظ على البيئة".
رسالة من تحت الماء.. «البلو هول» مقبرة الغطاسين وجنة البحر الأحمر
فالمنطقة تتميز بتنوع بيولوجي فريد؛ حيث تضم أنواعًا متعددة من الأسماك الملونة والكائنات البحرية، ما يجعلها مقصدًا للغواصين والمصورين تحت الماء، كما أن صفاء المياه وهدوء الطبيعة المحيطة يضفيان على المكان أجواءً مميزة تجعله لوحة طبيعية ساحرة.
وتسعى الحكومة المصرية بالتعاون مع المجتمع المحلي إلى تطوير المنطقة بما يحافظ على مقوماتها البيئية والسياحية، بالإضافة إلى رفع وعي الزوار بأهمية حماية الشعاب المرجانية، بجانب دعم مشروعات البنية التحتية والخدمات بما يوفر تجربة آمنة وممتعة للسائحين.
الحل من الداخل
يكمن الحل في مبادرات أهالي دهب أنفسهم. "نحن كسكان المنطقة، نحاول حمايتها وإنقاذ الشعاب المرجانية". يتم ذلك عبر توعية الزوار "بأسلوب راقي"، موضحين لهم أن الحفاظ على البيئة هو مصدر دخلهم واستدامة سياحتهم. "الرغبة في التعلم كانت سريعة وملاحظة، وهذا ما جعل المنطقة تحافظ على تنوعها رغم زيادة أعداد الزوار".
مستقبل بين الجمال والمسؤولية
البلو هول في دهب ليست مجرد حفرة في قاع البحر، بل هي مختبر مصغر لتحديات عصرنا: كيف نستغل جمال الطبيعة دون أن ندمرها؟ هي قصة عن كيف يمكن للسياحة أن تكون سلاحاً ذا حدين، تدمر إذا تم إدارتها بعشوائية، وتنمي وتحمي إذا تم توجيهها بوعي ومسؤولية.
الشاهد الرخامي على الصخور لا يخلد فقط أسماء الغطاسين الذين رحلوا، بل يجب أن يكون تذكيراً لنا جميعاً بأن الحفاظ على كل شعاب مرجانية، وكل كائن بحري، هو الحفاظ على الروح التي تجعل من هذا المكان جنة تستحق الزيارة... جنة تبقى للأجيال القادمة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية