في زقاق ضيق، متفرع من شارع فرنسا بالمنشية، صوت ماكينة الخياطة يسيطر على الآذان في الأفق، صمت تام لا يشقه سوى هذا الصوت، وعمل جاد وتركيز، كلما اقترب جرس  بداية العام الدراسي الجديد، يزداد العمل، وتكثر الحركة، إنها ورشة عم رجب المنيلي والتي بدأ العمل فيها منذ 80 عاما، لإنتاج الحقائب المدرسية  مصرية الصنع بأيدي وجودة سكندرية، لا مثيل لها في المستورد.

يبدأ الأهالي في البحث عن الحقائب المدرسية التي تلبي احتياجات أبنائهم من حيث الجودة والسعر، كل عام وبينما كان الخيار المفضل لكثيرين لسنوات طويلة هو الحقائب المستوردة التي تتميز بجودة عالية ولكن بأسعار مرتفعة، بدأت ورش تصنيع الحقائب المدرسية في الإسكندرية تفرض نفسها كمنافس قوي في السوق، بفضل قدرتها على إنتاج حقائب ذات جودة عالية وبأسعار مناسبة.

تعتبر الجودة من أهم العوامل التي يبحث عنها الأهالي عند شراء الحقائب المدرسية، وتفوقت ورش التصنيع المحلية في الإسكندرية في هذا الجانب، إذ يقول "خالد رجب المنيلي"، صاحب إحدى الورش في منطقة المنشية: "لقد أصبحنا نعتمد على خامات محلية عالية الجودة تضمن متانة الحقيبة وتحملها للاستخدام اليومي الكثيف من قبل الطلاب، ونحن نحرص على اختيار خامات مثل القماش المقاوم للماء والأقمشة ذات الألوان الثابتة لضمان أن الحقيبة لا تتعرض للتلف بسهولة."

تسعى ورش تصنيع الحقائب في الإسكندرية أيضًا إلى تلبية احتياجات الطلاب من مختلف الأعمار والمراحل الدراسية من خلال تصميم حقائب بأحجام مختلفة، يقول "أحمد رجب"، المشرف على ورشة التصنيع في منطقة المنشية: "نحن نحرص على تصنيع حقائب تناسب الأطفال في المرحلة الابتدائية من حيث الحجم والوزن، وكذلك حقائب تناسب طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية الذين يحتاجون إلى مساحات أكبر للكتب والأدوات."

ويضيف "أحمد"مراحل التصنيع هي التفصيل أول من الخارج، ثم التقطيع، وعمل الجيوب والسوستة، ووضع الشكل النهائي للشنطة، بخامات مستوردة، لكن كل الخطوات مصرية محلية، ويستغرق إنتاج 200 حقيبة 5 أيام، وأصعب مرحلة هي عملية المكنة، خاصة تركيب واجهة الحقيبة.

ويتابع "أحمد" الحقيبة المصرية مميزة عن المستوردة، في السعر المنخفض، والخامات التي تناسب الطالب المصري، المنتج المستورد غالي بخامات تناسب البلد المنتج، ليست كل الخامات تناسب وتلائم الأجواء المصرية سواء الطقس والمطر أو حتى ظروف المدارس والتكدس، نحن ننتج حقيبة صغيرة وتستوعب أدواب كثيرة حتى لا تكون عائق في الفصول الدراسية.

ويؤكد خالد رجب، هذه الحقيبة تعيش مع الطالب، ممكن يتجاوز عمرها الثلاثة أعوام، لإن أعلم أن الأسر المصرية ليس في إمكانها شراء حقيبة كل عام، الأزمة لدي في الأيدي العاملة لو توفرت لي سوف أنتج أكثر وأرخص، وأغزو السوق المصرية بمنتج مصري لا مثيل له.

كما يشير "خالد رجب" إلى أن الورش تحرص على استخدام خامات تتماشى مع متطلبات الطلاب، مثل الأقمشة الخفيفة ذات الألوان الزاهية لطلاب المرحلة الابتدائية، والأقمشة الأكثر متانة لطلاب المرحلة الثانوية.

 إلى جانب الجودة، يعد السعر عاملًا حاسمًا بالنسبة للأسر المصرية،  تعمل ورش الإسكندرية على تقديم حقائب بأسعار تنافسية تناسب ميزانية الأسرة المصرية. تشير "سمر إبراهيم"، وهي أم لطفلين، إلى أنها كانت تشتري حقائب مستوردة في الماضي ولكنها تحولت إلى شراء الحقائب المصرية، خاصة من المنشية، وذلك بعد أن عرفت من خلال الانترنت عن هذه المصانع في الإسكندرية.

 وتقول: "وجدت أن الحقائب المصنعة محليًا تقدم نفس الجودة ولكن بنصف السعر تقريبًا، وهذا يساعدني في توفير ميزانية أكبر لاحتياجات أخرى للأطفال."

على الرغم من النجاحات التي حققتها ورش تصنيع الحقائب المدرسية في الإسكندرية، إلا أنها تواجه تحديات مستمرة، من بين هذه التحديات، المنافسة الشرسة مع المنتجات المستوردة التي تظل متواجدة في السوق، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الخامات نتيجة للتضخم.

ومع ذلك، يرى الكثيرون أن هذه الورش تملك فرصة ذهبية للاستمرار في النمو والتوسع، خاصة إذا تمكنت من تحسين عمليات التسويق والتوزيع، والاستفادة من دعم الدولة للصناعات المحلية.

ورش تصنيع الحقائب المدرسية في الإسكندرية تقدم بديلًا محليًا يتميز بالجودة العالية والأسعار المناسبة، مما يجعلها خيارًا مثاليًا لكثير من الأسر المصرية، ومع تزايد الثقة في المنتج المحلي، يبدو أن هذه الورش في طريقها لتحقيق مزيد من النجاح والتوسع في المستقبل.