تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
مشروع إعمار غزة.. بين «التخطيط المتميز» و«التنفيذ السريع»
مرحلة جديدة من الماراثون السياسى الذى تشهده المنطقة العربية -وفى القلب منها مصر- بدأت فور إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى انتهاء أعمال قمة القاهرة الطارئة وإقرار مشروع البيان الختامى ببنوده الـ٢٣ ومن أهمها البند السادس الذى ينص على اعتماد الخطة المقدمة من مصر بالتنسيق مع دولة فلسطين، واستنادا الى دراسات البنك الدولى والصندوق الانمائى للأمم المتحدة بشأن التعافى المبكر مع الإعلان فى البندين الثالث والخامس عن الموقف العربى الواضح من الرفض القاطع لأى شكل من أشكال التهجير تحت أى مسمى أو ظرف وفى والتحذير من أن التهجير أو ضم أراض هو اعلان دخول المنطقة الى مرحلة جديدة من الصراع وتقويض فرص الاستقرار وتوسيع رقعة الصراع ليمتد الى دول أخرى.
ودعونا نتفق على أن البيان الختامى لم يكتفِ بالتأكيد على الثوابت العربية أو المبادئ العامة بل على آليات تنفيذية تضمن نجاح الخطة؛ ولهذا فقد تحركت الخارجية المصرية فورا بعد انتهاء المؤتمر بتكليف سفراء مصر فى دول العالم بإحاطة الدول العاملين بها بمضمون البيان الختامى وكذلك تفاصيل الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة والتى تحولت منذ تلك اللحظة الى رؤية كل الدول العربية مع البحث فى خطة عمل مرحلة ما بعد القمة العربية الطارئة التى استضافتها القاهرة والتى تضمنت العديد من المحاور:
أولا: ضمان التأييد الدولى للخطة المصرية الموافق عليها عربيا، ويكمن فى هذا الاطار فهم السرعة التى تمت بها الدعوة الى اجتماع لوزراء مجلس التعاون الخليجى، كما شهدت مكة المكرمة أمس الأول الجمعة دورة استثنائية لوزراء الخارجية لمنظمة المؤتمر الاسلامى لتوسيع الدائرة وتحويلها الى مبادرة عربية إسلامية خاصة وأن التنسيق الثنائى بين المنظمتين بدأ منذ القمة المشتركة التى استضافتها مدينة جدة السعودية فى نوفمبر من العام الماضى حيث سيتم الاتفاق على برنامج تحرك وبدء عمل اللجنة الوزارية العربية والإسلامية التى تضم وزراء خارجية كل من مصر والسعودية والأردن وقطر والبحرين باعتبارها رئيسة الدورة الحالية للقمة العربية.. ومن الدول الإسلامية كل من تركيا وإندونيسيا بالاضافة الى الأمين العام للمنظمتين. وبالتوازى مع ذلك هناك تحرك آخر للوزراء العرب لإجراء الاتصالات مع الدول الدائمة العضوية فى مجلس الامن بالتنسيق مع العضوين العربيين غير الدائمين فى المجلس مع إمكانية السعى الى طرح مبادرة إعادة الاعمار على الأمم المتحدة للحصول على دعم سياسى لها. وبكل المقاييس فإن تحرك اللجنة وخطة عملها قد يبدأ خلال الأيام القليلة القادمة.
ثانيا: العمل على عقد مؤتمر دولى فى القاهرة فى أقرب وقت ممكن للتعافى وإعادة الإعمار فى قطاع غزة بالتعاون مع دولة فلسطين والأمم المتحدة، وقد بدأت المشاورات لتحديد الموعد الذى قد لا يتجاوز الشهر القادم مع ضمان اكبر مشاركة دولية، وهناك تقارير تشير الى إمكانية دعوة حوالى ١٠٠ دولة وكل صناديق التمويل الدولية للحصول على مساهمات للخطة التى تتكلف ٥٢ مليار دولار، وبالطبع ليس من المطلوب توفيرها كل المبلغ فقد يقتصر الامر على مرحلة التعافى وتكلفتها واضحة فى الخطة وتصل إلى ثلاثة مليارات دولار والمرحلة الثانية تحتاج إلى ٢٠ مليارا وتستمر حوالى عامين، أما الأخيرة فحجم تكلفتها يصل الى ٣٠ مليارا.. كل ذلك عبر صندوق ائتمانى تحت اشراف دولى لضمان شفافية التمويل وتنظيم عمليات الصرف.
ثالثا: البناء على ما تم لضمان موافقة الولايات المتحدة الامريكية على الخطة والذى تغير خلال اليومين الماضيين فقط الى الأفضل ففى البداية وفى أول رد فعل قال المتحدث باسم مجلس الامن القومى الأمريكى براين هيوز إن الخطة تتجاهل واقعا مدمرا ولا تعالج حقيقة مفادها أن غزة غير صالحة للسكن وان يعيش اهلها بشكل إنسانى فى منطقة مغطاة بالحطام والذخيرة غير المتفجرة وان ترامب متمسك برؤيته بإعادة بناء غزة بدون حماس، وقال ان الرئيس ترامب يتطلع الى مزيد من المحادثات لتحقيق السلام والازدهار فى المنطقة وكان الموقف الثانى والمهم والذى يفتح باب الحوار بين القاهرة وواشنطن ما جاء على لسان مبعوث ترامب ويتكوف الذى اعترف ان فى الخطة بنودا ومميزات جذابة واعتبرها بداية جيدة وبادرة حُسن نية تتطلب مزيدا من النقاش ولعل الفيتو الوحيد الذى تستخدمه القاهرة هو رفض التهجير وهناك إمكانية لمناقشة ذلك خاصة أنها تتضمن -كما قال الوزير بدر عبدالعاطى- الكثير من التفاصيل وفيها إجابات عن تساولات عديدة منها آلية إزالة ٥٠ مليون طن من الركام وإزالة الأسلحة غير المتفجرة وتوفير وحدات سكنية مؤقتة ومراحل بناء ٤٦٠ الف وحدة سكنية واستعادة الخدمات الأساسية والمرافق.
رابعا: وهناك أيضا التعاطى مع المطلب الامريكى وعديد من الجهات الأخرى بعدم وجود حماس فقد أعلنت على لسان متحدثيها ان الحركة لن تكون جزءا من أى ترتيبات إدارية شريطة أن يجرى التوافق عليها وطنيا. وقال: وليس بالضرورة ان تكون جزءا من هذه الترتيبات وليست معنية بذلك ولا تريد أصلا ان تكون فيها، كما ان الخطة تقدم بديلًا لآلية حفظ الامن وإدارة المرحلة القادمة ويتلخص فى تدريب عناصر الامن الفلسطينية فى مصر والأردن تمهيدا لعودة السلطة الفلسطينية مع نشر قوات دولية لحفظ السلام يتم تواجدها فى مناطق التماس فى محور صلاح الدين وبين القطاع وغلاف غزة للالتفاف على مطلب نزع سلاح المقاومة وهو الامر المختلف عليه. والمقترح يراعى الشواغل الأمنية الإسرائيلية وفى ظل أفق سياسى واضح ويتم التوافق عليه دوليا يضمن الاستقرار الحقيقى فى غزة ويمنع عودة العدوان الإسرائيلى يمكن فى هذه الحالة الحديث عن تخلى حماس والمقاومة عن سلاحها وفى نفس الاطار يمكن فهم الإعلان الذى جاء على لسان الرئيس محمود عباس اثناء كلمته فى المؤتمر عن جملة من الإصلاحات المطلوبة من السلطة ومنها تعيين نائب له وإصدار عفو عام وكلها تصب فى التجهيز لدور منتظر للسلطة فى إدارة القطاع فى اطار وحدة الأراضى الفلسطينية.
وبعد فإننى أستطيع أن أؤكد من خلال تغطيتى للعديد من القمم العربية ان القمة الأخيرة التى دعا اليها الرئيس عبدالفتاح السيسى كانت على قدر التحدى الذى يواجه المنطقة العربية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية