لا يخفى على أحد أن الضغوط النفسية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس اليومية، ومع ذلك، ما قد يغيب عن الأذهان هو تأثير تلك الضغوط على صحة الجلد، الذي يُعرف بـ"مرآة الجسم”"، فعندما تتعرض النفس لضغط أو اضطراب، قد تظهر انعكاساته على الجلد في صورة أمراض جلدية متعددة، مثل الصدفية والبهاق والثعلبة، فما هي تفاصيل هذه العلاقة وكيف تؤثر الحالة النفسية على الجلد؟
 
◄ العلاقة بين النفسية وصحة الجلد
أكد الدكتور محمد سليمان، استشاري الأمراض الجلدية في تصريحات صحفية، أن الحالة النفسية تلعب دورًا كبيرًا في ظهور بعض الأمراض الجلدية، مشيرًا إلى أن الضغوط النفسية غالبًا ما تكون العامل الأساسي وراء الإصابة بأمراض مثل الصدفية، البهاق، والثعلبة وأضاف: "بمجرد تدهور الحالة النفسية، تبدأ هذه الأمراض بالظهور، إلا أنها ليست معدية إطلاقًا، ولا خوف من التعامل مع المصابين بها".

وأوضح أن أصعب أنواع الثعلبة هي التي تصيب الحواجب والرموش، حيث تؤدي إلى سقوط الشعر، مما يجعل المرضى يشعرون بحالة نفسية أسوأ بسبب تغير مظهرهم، ما يؤدي إلى تفاقم المرض.

وأشار الدكتور سليمان إلى أن هذه الأمراض تُصنف على أنها مناعية ومزمنة، وقد تشهد فترات من التحسن أو التفاقم حسب الحالة النفسية للمريض، على سبيل المثال، تتحسن أعراض الصدفية في فصل الصيف، بينما تزداد حالات البهاق والثعلبة سوءًا مع الضغوط النفسية.

◄ الجلد كمرآة لصحة الجسد
العديد من الأمراض الجلدية قد تكون مؤشرًا على أمراض أخرى خفية في الجسم، وأوضح الدكتور سليمان: "بعض البقع أو الطفح الجلدي قد تكون إشارات لأمراض أخرى، مثل السكري أو مشكلات الكبد، لذا، يجب على المرضى إجراء الفحوصات اللازمة بمجرد ظهور أعراض غير مألوفة".

تفاصيل دراسات طبية وعلمية
أظهرت دراسة نُشرت في مجلة الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية في مايو 2023 أن التوتر النفسي يؤثر على بصيلات الشعر عن طريق زيادة إفراز هرمون الكورتيكوتروبين، ما يؤدي إلى التهاب عصبي وتدمير بصيلات الشعر.

من جهة أخرى، أظهرت دراسات عصبية مناعية أن هناك علاقة ثنائية الاتجاه بين الصدفية والاكتئاب، حيث يمكن لكل منهما أن يؤدي إلى تفاقم الآخر.

وفي دراسة أجرتها جامعة كامبريدج، تبين أن 62% من مرضى البهاق يعانون من أمراض نفسية مثل اضطرابات القلق والاكتئاب، خاصةً إذا كانت الإصابة الجلدية في مناطق مكشوفة، مما يسبب ضغوطًا نفسية تؤثر على حياتهم الاجتماعية والعاطفية.

◄ تجربة بسنت شوقي مع الصدفية
بسنت شوقي، وهي مريضة صدفية منذ 15 عامًا، أوضحت أن الضغوط النفسية كان لها تأثير كبير على حالتها الصحية. وقالت: تعرضت لصدمة نفسية في بداية العشرينيات، ومنذ ذلك الوقت بدأت تظهر بقع خشنة على يدي وذراعي، تحسن حالتي النفسية يخفف من الأعراض، لذا أبتعد عن الضغوط قدر الإمكان وأحرص على متابعة العلاج.

تؤكد الدراسات والتجارب الشخصية أن هناك علاقة وثيقة بين الصحة النفسية وصحة الجلد، حيث يمكن أن تكون الأمراض الجلدية مرآة تعكس اضطرابات داخلية في الجسم والعقل، لذلك، يُنصح بالعناية بالصحة النفسية إلى جانب العلاج الجسدي للتخفيف من أعراض هذه الأمراض وتحسين جودة الحياة.