تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > بوابة أخبار اليوم : قـناة السويس حكاية وطن
source icon

بوابة أخبار اليوم

.

زيارة الموقع

قـناة السويس حكاية وطن

تُعد قناة السويس شريان حياة للاقتصاد المصرى وممرًا عالميًا لا غنى عنه لحركة التجارة الدولية، ورغم محاولات بعض الدول المعادية لإيجاد بدائل أو عرقلة الملاحة فى القناة، فإن العائد الاقتصادى وسرعة نقل البضائع يظلان الدرع الواقى الذى يحميها من أى تفكير جاد فى اختيار مسارات بديلة، ورغم التهديدات المستمرة، سواء من استهداف السفن بواسطة الحوثيين أو التوترات الإقليمية، تظل قناة السويس محورًا رئيسيًا فى الاقتصاد العالمى.

يؤكد اللواء سمير فرج الخبير الاستراتيجى أن الأمن القومى المصرى يواجه تهديدات من الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، ففى الشمال الشرقى، هناك ما يحدث فى قطاع غزة من عدوان ودمار، مما يُعد تهديدًا مباشرًا للأمن القومى المصرى، وفى الغرب، ما زال الوضع فى ليبيا يشكل خطرًا كبيرًا بسبب الانقسام بين حكومة الدبيبة فى الغرب، المدعومة بميليشيات ومرتزقة، وحكومة فى الشرق بقيادة المشير خليفة حفتر، وهو ما يعكس حالة دائمة من عدم الاستقرار تؤثر على الحدود الغربية، أما الاتجاه الجنوبى فى السودان، فتشتعل فيه الآن حرب أهلية وأزمة مجاعة تُعد الأكبر فى إفريقيا، مما ينعكس على الأمن القومى المصرى. وفى الاتجاه الشمالى، يبدأ الصراع على الغاز فى البحر المتوسط، وأخيرًا البحر الأحمر، حيث تعترض السفن من قِبل الحوثيين، وهو ما يسبب خسائر جسيمة لقناة السويس ولمصر.

 قلب التنافس 

وأضاف فرج أنه وسط كل هذه التهديدات، تبرز قناة السويس كأحد أهم محاور التنافس الجيوسياسى، وأول التهديدات جاء مع الحرب الاقتصادية التى أشعلها الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، خاصة ضد الصين، التى باتت تُصنَّف العدو الأول لأمريكا، وتشير التوقعات إلى أن الصين، إذا استمرت فى معدلات التقدم نفسها، ستتفوق اقتصاديًا على أمريكا بحلول عام 2030.

ويقول الخبير الاستراتيجى، إن الولايات المتحدة بدأت فى عهد ترامب، حملة شرسة ضد الصين واقتصادها، من أبرز محاورها الهجوم على تجمع «بريكس» الذى يضم الصين وروسيا والبرازيل والسعودية ومصر والإمارات والهند، ويمثل هذا التجمع أكبر كتلة اقتصادية، إذ يمتلك 44% من احتياطيات البترول العالمية، ويعتزم إصدار عملة موحدة تنافس الدولار، ومن بين أدوات الصين التوسعية «مبادرة الحزام والطريق»، التى تشمل ممرًا بحريًا يمر بقناة السويس، ما يجعل القناة عنق الزجاجة لهذا المشروع، ومن هنا يأتى أول تهديد استراتيجى للقناة.

بن جوريون وباب المندب 
تابع: إن التهديد الثانى يتمثل فى مشروع «قناة بن جوريون»، التى تحلم إسرائيل بإنشائها من ميناء إيلات إلى عسقلان مرورًا بصحراء النقب، بطول 300 كيلومتر، وبتكلفة تُقدر بـ16 مليار دولار، ويعمل فيها أكثر من 200 ألف عامل ومهندس، وتهدف هذه القناة لأن تكون ذات اتجاهين وبعمق أكبر من قناة السويس، لتنافسها مباشرة، كما أن إسرائيل تخطط لإنشاء خط سكة حديد من إيلات إلى ميناء أشدود عبر منطقة لوجستية جديدة لنقل الحاويات، فى محاولة لضرب قناة السويس اقتصاديًا.

أما التهديد الثالث، بحسب فرج فهو سيناء، إذ يُخشى من أن تتسبب أى أعمال عسكرية أو إرهابية فى تعطيل الملاحة، كما حدث فى حربى 1956 و1967، لذا تعمل مصر على تأمين سيناء بشكل دائم، لتكون حصنًا للقناة، بينما التهديد الرابع يتمثل فى البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث هاجم القراصنة هذا الممر سابقًا، وتم التصدى لهم بتحالفات عسكرية عالمية، أما الآن، فيتمثل التهديد فى هجمات الحوثيين التى أدت إلى خسائر مصرية تُقدَّر بـ6 مليارات دولار، مُشيرًا إلى أنه تشكلت محاولات أمريكية للتصدى للحوثيين عبر تحالف «حراس الازدهار»، لكنه فشل عسكريًا، مما دفع الولايات المتحدة إلى توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين دون استشارة إسرائيل، مما أثار غضب تل أبيب.

واختتم فرج بأن التهديد الخامس هو إعلان ترامب طلب إعفاء السفن الأمريكية من رسوم العبور فى قناة السويس، وهو ما رفضته مصر تمامًا، مؤكدة أن القناة ملك لشعبها وليست كبنما التى أنشأتها أمريكا، مؤكدًا أن قناة السويس تطور نفسها بمشروعات جديدة، مثل الترسانات البحرية فى بورسعيد والإسماعيلية والسويس، لتصنيع السفن واللنشات واليخوت، بالإضافة إلى تقديم خدمات الإصلاح والإمداد والخدمات الطبية للسفن.

التحدى والفرص 
ويقول اللواء محمد الشهاوى رئيس أركان سلاح الحرب الكيميائية الأسبق وعضو المجلس المصرى للشؤون الخارجية إن العالم اليوم يشهد استخدام سلاح جديد يُعرف بـ«الاضطراب الشامل»، الذى يشمل الحصار الاقتصادى والسياسى وعرقلة الملاحة البحرية.

ويرى الشهاوى، أن ما يحدث فى البحر الأحمر هو نتاج هذا السلاح، إذ تُمنح الفرصة للحوثيين لعرقلة الملاحة عند المدخل الجنوبى لقناة السويس، ما يؤثر على ثلث دخل مصر من العملة الصعبة، مُضيفًا أن استمرار الهجمات الحوثية لا يهدد الأمن القومى المصرى فقط، بل أمن الاتحاد الأوروبى أيضًا، حيث تمر 12% من الحاويات العالمية عبر قناة السويس إلى أوروبا، وتحويل السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح يرفع تكاليف النقل، ما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار والتضخم.

وأضاف الشهاوى، أن مصر تمتلك الأسطول الجنوبى فى البحر الأحمر لتأمين الممر الملاحى، بينما تتعمد أمريكا عدم القضاء على الحوثيين لزعزعة الاستقرار فى المنطقة، إلا أن مصر، بقيادتها الحكيمة، قادرة على حفظ الأمن وتأمين الملاحة، لافتًا إلى أن إنهاء العدوان الإسرائيلى على غزة سيُسهم فى وقف مبررات الحوثيين لاستهداف السفن، ويُعيد الاستقرار إلى أحد أهم ممرات التجارة فى العالم.

مستقبل واعد 
ومن جانبه يقول أبوبكر الديب مستشار المركز العربى للدراسات والخبير الاقتصادي إن القيادة المصرية عملت على تطوير قناة السويس من خلال استراتيجية شاملة، تهدف إلى تقليل زمن العبور وزيادة الأمان الملاحى، وتحويل المنطقة من معبر تجارى إلى مركز صناعى ولوجستى عالمى، مُشيرًا إلى أن الممر الملاحى الجديد ساهم فى زيادة عائدات القناة، ومن المتوقع ارتفاعها بنسبة 259٪ بحلول 2030، إلى جانب تطوير ستة موانئ ضمن مشروع تنمية محور القناة.
وأكد الديب، أن القناة تمثل مسارًا آمنًا ومستقرًا لعبور السفن العملاقة وناقلات النفط والغاز، مما يعزز استقرار سلاسل الإمداد العالمية. وأضاف أن تطوير القناة، ولا سيما مشروع التوسعة عام 2015، ساعد على زيادة طاقتها وتقليل زمن العبور.

وهم اقتصادى 
ويقول اللواء محمد الغباشى الخبير الاستراتيجى إن بعض المقترحات التى طُرحت كممرات بديلة للقناة تفتقر إلى الجدوى الاقتصادية، مثل طريق رأس الرجاء الصالح الذى يطيل مدة الرحلات ويعرضها لعوامل القرصنة والتكلفة والطقس، أما مشروع «الهند - الإمارات - إسرائيل»، فيراه الغباشى مجرد أداة للضغط على مصر، مؤكدًا أن نقل حمولة سفينة واحدة يتطلب مئات الآلاف من القطارات، مما يجعل المشروع غير عملى تمامًا، كما أن الممر الشمالى من روسيا إلى النرويج فَقَدَ جدواه بسبب الجليد وصعوبة تشغيل كاسحات الجليد، رغم أنه أقصر الطرق بطول 13 ألف كيلومتر.

وأكد الغباشى أن الصين كقوة اقتصادية كبرى حريصة على دعم قناة السويس لأنها تمثل محورًا أساسيًا فى مبادرة الحزام والطريق، وأشار إلى أن مصر رفضت المشاركة فى الهجمات ضد الحوثيين مع التحالف الأمريكى ـ البريطانى، معتبرة أن وقف الهجمات مرتبط بإنهاء العدوان الإسرائيلى على غزة.

وأضاف أن إنشاء الأسطول الجنوبى فى 2017، وتزويده بحاملة المروحيات «جمال عبد الناصر»، عزز القدرات العسكرية المصرية فى البحر الأحمر، موضحًا أن الدولة قامت بعدة إجراءات لتطوير القناة، من بينها زيادة العمق وتوسعة الممر، وتقديم خدمات لوجستية رفيعة المستوى، وتطوير أعمال الإرشاد والتوجيه، وهو ما لاقى إشادة من قباطنة السفن ووكالات النقل البحرى العالمية.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية