تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
بوابة أخبار اليوم
.
أهداف ملتبسة.. 3 أسئلة تكشف غموض «حرب ترامب ضد قوارب المخدرات» في الكاريبي
أشعل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ما بات يُعرف بـ«حرب القوارب» في البحر الكاريبي، تحت شعار مكافحة «إرهاب المخدرات».
ورغم أن واشنطن بررت الضربات الأمريكية الجوية المُتكررة بأنها استهدفت مهربين خطرين، إلا أن المشهد بدا أكثر تعقيدًا، وسط تساؤلات قانونية وسياسية متصاعدة حول ما إذا كانت الحملة تُخفي أجندة أعمق تستهدف الإطاحة بنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وليس فقط محاربة الكارتلات.
وبينما تُصر إدارة ترامب على أنها تتحرك «دفاعًا عن النفس»، يرى خُبراء القانون الدولي والسياسة أن هذه العمليات تمثل تجاوزًا جديدًا لصلاحيات الرئيس الأمريكي، وتحولًا في مسار تعهداته بعدم خوض حروب جديدة خلال ولايته الثانية، ما جعل المنطقة بأكملها على صفيح ساخن، وفقًا لما أفادت به صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.
أولاً: شرعية محلّ «شك»
أفاد خبراء القانون الدولي بحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، أن ضربات واشنطن ضد قوارب المخدرات المزعومة تنتهك القوانين الأمريكية والدولية معًا.
فوفقًا للمادة الثانية من الدستور الأمريكي، يمتلك الرئيس سلطة استخدام القوة العسكرية للدفاع عن البلاد، لكن لا يملك تفويضًا باعتبار تجار المخدرات «مقاتلين أعداء» يمكن قتلهم دون محاكمة.
وقد دان خبراء الأمم المتحدة سلوك ترامب، مؤكدين أن القانون الدولي لا يسمح للحكومات «بقتل تجار المخدرات المزعومين ببساطة»، وأن الجرائم الجنائية يجب التحقيق فيها وفق سيادة القانون.
ومع ذلك، أعلن ترامب أمام الكونجرس أن الولايات المتحدة في «صراعٍ مسلح» مع عصابات المخدرات، وهو تصريح أثار عاصفة داخل المؤسسة التشريعية، إذ لم يصدر أي تفويض رسمي من الكونجرس بالحرب أو باستخدام القوة ضد فنزويلا.
وفي هذا السياق، وصف النائب الديمقراطي آدم شيف تلك الضربات الأمريكية بأنها «خارج القانون» و«سابقة خطيرة»، في حين فشل مشروع قانون لتقييد صلاحيات الرئيس الأمريكي، في هذا الملف بمجلس الشيوخ.
ويُحذر خبراء من أن منح الإدارة لنفسها هذا النوع من الصلاحيات قد يُشكل سابقة يمكن أن تُستخدم مستقبلاً ضد دول أخرى مثل المكسيك، أو حتى داخل الولايات المتحدة نفسها، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب المرتبط بالمخدرات.
◄ ثانيًا: أهداف ملتبسة خلف شعار «مكافحة الإرهاب»
قالت إدارة ترامب إن الهدف من هذه الحملة هو منع تهريب المخدرات القاتلة إلى أمريكا، حيث تودي مواد مثل الفنتانيل بحياة عشرات الآلاف سنويًا.
لكن وفقًا للخبراء، فإن فنزويلا ليست مصدرًا رئيسيًا للفنتانيل أو الكوكايين، إذ يأتي معظم تلك المواد من المكسيك والمحيط الهادئ، وليس من البحر الكاريبي.
وفي ذات السياق، قال الأكاديمي كين روبرتس من جامعة كورنيل: «إذا كان الهدف فعلاً هو وقف تدفق المخدرات، فنحن نستهدف الجانب الخطأ».
بل إن طريقة تنفيذ العمليات ـــ بتدمير القوارب بدلاً من اعتلائها كما يفعل خفر السواحل عادة ـــ تحرم المحققين من جمع أدلة حيوية تساعد على تفكيك شبكات الكارتلات.
ويرى محللون أن تلك الإجراءات العسكرية قد تكون غطاءً لتحركات سياسية أوسع تهدف إلى إسقاط نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، خصوصًا مع تصاعد دور وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو الذي يُعتبر مهندس سياسة البيت الأبيض تجاه كاراكاس.
وبحسب مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية توماس بيجوت إن مادورو «ليس زعيمًا شرعيًا،..، ويهدد الأمن الإقليمي» ــ بحسب وصفه ــ مشددًا على أن واشنطن «تركز فقط على مكافحة كارتلات المخدرات».
إلا أن مراقبين رأوا أن استعراض القوة الأمريكية قرب فنزويلا، وتخصيص مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي لاعتقال مادورو، كلها مؤشرات على نية لتغيير النظام لا لمكافحة المخدرات فقط.
◄ ثالثًا: تداعيات خطيرة.. وتاريخ يعيد نفسه
أعادت التحركات الأمريكية الأخيرة إلى الأذهان ذكريات التدخلات العسكرية الأمريكية في أمريكا اللاتينية خلال الحرب الباردة، حين كانت واشنطن تبرر تدخلاتها تحت شعار محاربة الشيوعية.
وفي هذا السياق، قال الخبير الدبلوماسي خورخي هاينه، إن سماح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب علنًا بعمليات لوكالة المخابرات المركزية داخل فنزويلا «يستدعي أسوأ فصول الحرب الباردة ويتجاوزها».
كما أدت هذه الضربات الأمريكية إلى توترٍ متصاعد مع كولومبيا، أحد أهم حلفاء واشنطن في المنطقة، بعد أن اتهم الرئيس الكولومبي الولايات المتحدة بقتل صياد من بلاده خطأً خلال إحدى الضربات، وردّ ترامب باتهام نظيره بأنه «شريك في تجارة المخدرات».
ويرى محللون أن الولايات المتحدة تخاطر بخسارة نفوذها في المنطقة لصالح قوى منافسة مثل الصين، التي عززت وجودها الاقتصادي والسياسي في أمريكا اللاتينية خلال السنوات الأخيرة.
ويُحذر خبراء من أن إحياء ترامب لمبدأ مونرو ـــ القائل بأن نصف الكرة الغربي هو مجال نفوذ أمريكي ـــ يُنعش ذهنية الهيمنة القديمة ويثير استياء دول المنطقة.
اقرأ أيضًا| فيديو| بسبب سؤال.. كيف أشعل مراسل «رويترز» غضب ترامب في مؤتمر البيت الأبيض؟
واشنطن تدافع.. والخبراء يحذرون
رغم الانتقادات الدولية والداخلية، يتمسك البيت الأبيض بموقفه، ففي بيان رسمي، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب «نفذ ضربات حاسمة ضد إرهابيي المخدرات الذين يجلبون السموم القاتلة إلى أراضينا»، مؤكدة أن «الولايات المتحدة ستواصل استخدام كل قوتها لمنع تدفق المخدرات وتقديم المتورطين إلى العدالة».
لكن محللين في مؤسسات بحثية بارزة، مثل بروكينجز وكارنيجي، حذروا من أن هذه الحرب قد تنزلق إلى مواجهة أوسع في منطقة متوترة سياسيًا واقتصاديًا، وأنها قد تُلحق الضرر بسمعة الولايات المتحدة كمدافعٍ عن القانون الدولي.
وبينما ترفع الإدارة الأمريكية شعار «مكافحة الإرهاب»، يرى كثير من المراقبين أن ما يحدث أقرب إلى استخدام القوة العسكرية كأداة نفوذ سياسي، وحتى تتضح الصورة كاملة، تظل الأسئلة الثلاثة ـــ عن الشرعية، والهدف الحقيقي، والعواقب ـــ «بلا إجابات قاطعة، في حربٍ تُخاض في البحر... لكنها تغرق في السياسة».
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية