في أوائل الثمانينيات، ظهر فيروس غامض قلب موازين العالم الصحية، مسببًا حالة من الذعر العالمي، عُرف لاحقًا باسم الإيدز، وهو مرض نقص المناعة البشرية الذي أصبح خلال العقود الماضية أحد أبرز التحديات الصحية في التاريخ الحديث.

ورغم التقدم الطبي الكبير، فإن الإيدز لا يزال حاضرًا بقوة، إذ يؤثر على حياة الملايين حول العالم، في هذا التقرير نستعرض بدايات المرض، مراحل تطوره، وكيفية انتشاره ليصبح وباء عالميًا، بالإضافة إلى الوضع الحالي للإصابات.

تاريخ ظهور الإيدز وانتشاره
بدأت القصة عام 1981 عندما تم تشخيص أولى حالات الإيدز في الولايات المتحدة، حيث كان المرض يُطلق عليه آنذاك "سرطان مثلي الجنس"، نظرًا لانتشاره بين هذه الفئة. وبعد عامين فقط، تمكن العالمان لوك مونتانييه من معهد باستور في فرنسا، وروبرت جالو من المعاهد الوطنية الأمريكية، من عزل فيروس نقص المناعة البشرية المسبب للمرض،بحلول أواخر الثمانينيات، أصبح الإيدز مشكلة صحية رئيسية في الولايات المتحدة، وسرعان ما انتشر في مختلف أنحاء العالم، بحسب ما جاء من RT.

تشير الدراسات إلى أن المرض كان موجودًا منذ الخمسينيات، إذ يعود أقدم سجل للمرض إلى عام 1959 في الكونجو،ويُعتقد أن الفيروس انتقل إلى البشر عبر حيوان الشمبانزي، لكن هذه النظرية تواجه تحديات وروايات أخرى، أبرزها فرضية كونه سلاحًا بيولوجيًا تم تطويره في مختبرات سرية.

المراحل الرئيسة للمرض:

1.المرحلة الأولية
تتميز بظهور أعراض خفيفة وزيادة في الغدد الليمفاوية، مع ارتفاع الأجسام المضادة للفيروس.

قد تستمر هذه المرحلة لسنوات دون ظهور أعراض واضحة.

2.المرحلة الثانوية
تزداد الالتهابات الفطرية والفيروسية نتيجة استنفاد المناعة.

تنخفض الخلايا الليمفاوية إلى مستويات حرجة، مما يترك المريض عرضة لأمراض متعددة.

3.مرحلة الإيدز المتقدم
يعتبر المرحلة النهائية والأكثر خطورة، حيث يعاني المريض من التهابات وأورام قاتلة.
دون علاج، يمكن أن تؤدي هذه المرحلة إلى الوفاة خلال ستة أشهر.

انتشار المرض عالميًا
في الثمانينيات والتسعينيات، أصبح الإيدز وباءً عالميًا، حيث أصيب أكثر من 88 مليون شخص منذ ظهوره، وتوفي أكثر من 42 مليون شخص بسبب مضاعفاته،ويتميز المرض بفترة حضانة طويلة تصل إلى 6-7 سنوات، ما ساهم في انتشاره السريع قبل اكتشافه.

بحلول عام 2023، بلغ عدد المصابين بالإيدز 39.9 مليون شخص حول العالم، وسُجلت مليون إصابة جديدة خلال نفس العام، بينما أودت مضاعفات المرض بحياة نصف مليون شخص.

نظرة على الوضع الحالي
مع تراجع الاهتمام الإعلامي بالإيدز في ظل ظهور أمراض أخرى مثل فيروس كورونا وإنفلونزا الطيور، ظل المرض حاضرًا في حياة ملايين الأشخاص، رغم الجهود الدولية في مكافحة الفيروس وتطوير أدوية فعالة لإطالة عمر المصابين، لا يزال الإيدز يمثل تحديًا طبيًا واجتماعيًا خطيرًا.

قصة الإيدز هي تذكير دائم بأن المعركة ضد الأوبئة تتطلب وعيًا مستمرًا وجهودًا موحدة عالميًا،ورغم التقدم العلمي، لا يزال الإيدز حاضرًا بيننا، ويؤثر على حياة الملايين، التحدي الآن يكمن في زيادة التوعية ودعم الجهود الطبية لإيجاد علاج نهائي للمرض.