تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«صناعة العجوة» مهنة يتوارثها أبناء سيناء وتنعش الإقتصاد المحلي
زراعة النخيل ليست مجرد مهنة يتوارثها أبناء شمال سيناء عن الأجداد، حيث تمثل أشجار النخيل بالنسبة لهم تراثًا أصيلًا، وفي موسم البلح تعتاد الأسر التى تمتلك أشجار النخيل، التجمع لجنى محصول البلح والرطب، ويتسابق المزارعون إلى بساتين النخيل لجمع الثمار الحمراء والصفراء المزروعة فى مختلف مناطق المحافظة، قبل تحويلها إلى «عجوة».
تعد العجوة واحدة من أبرز المنتجات التى تشتهر بها شمال سيناء، وتُسهم فى وضع المنطقة ضمن قائمة أهم مناطق إنتاج الرطب. كما يمثل موسم البلح أيضًا حدثًا اجتماعيًا تتجمع فيه العائلات السيناوية، حيث تتحول بساتين البلح إلى خلية نحل تعج بالنشاط، حيث تشارك الأسر السيناوية هذه الأيام فى كرنفال تراثى وسط بساتين النخيل لصناعة العجوة، التى تعتبر أهم منتج محلى فى شمال سيناء.
خبرة متوارثة
تلتقى العائلات لجمع البلح من أشجار النخيل ونشره فى حرارة الشمس حتى يتحول إلى رطب، لتجهيزه لصناعة العجوة بالطريقة اليدوية. وقد استثمر «أبو محمد» من بئر العبد، خبرته المتوارثة عن أجداده فى استغلال كل جزء من النخلة باعتبار أن كل شيء فيها مبارك، واستطاع إنتاج العديد من المنتجات من النخيل كالعجوة والعلف بجانب محصول البلح.
وقال أبو محمد، إن زراعة النخيل تعد الحرفة الرئيسية للسكان على امتداد المناطق من شرق «العريش» حتى «رمانة» فى نطاق يصل لعمق 80 كيلومترًا، إذ يتم تصنيع العجوة وحفظها وتناولها، والاستفادة من مخلفات تصنيعها كأعلاف للحيوانات وجريدها لبناء المساكن واستخدام أجزاء منها كحطب لإشعال النيران.
أقراص العجوة
وفي العريش تنتظر «أم حامد» الفرج، بعد أن استخرجت النواة من الرطب الأسود، التى تترك فى الشمس لمدة تزيد على ثلاثة أيام حتى تجف وتصبح لينة، لتجهيز كميات من أقراص العجوة لوجود إقبال شديد عليها لاستخدامها كوجبة رئيسية خصوصًا لتلاميذ المدارس. وأوضحت أن الأسر تلتقى فى «المشرات»، وهى أماكن مخصصة لتجميع ونشر وتصنيع العجوة، قبل أن تعرض بالأسواق للبيع أو حفظ جزء منها للاستهلاك المنزلى.
طالع النخل
فيما قال أحمد على، مزارع من حى أبى صقل: تتنوع الأصناف، مثل «الحيانى» و«المجهل»، و«أم عيش»، وتُزرع بالمناطق الساحلية المنخفضة التى تعرف بـ«السراديب»، حيث تعتمد على تدفق المياه الجوفية بشكل طبيعى. وأوضح أنه يتم استئجار عامل متخصص ليتسلق النخلة ويقطف ثمار النخيل، باستخدام «المطلاع» وهو أداة مصنوعة من ليف النخيل، ويكون معه آلة حادة تسمى «الشرخ»، و«مشنة»، وهى وعاء مصنوع من سعف النخيل لوضع البلح أو الرطب بداخلها، ويتم نقل البلح والرطب لمكان محاط بسياج من جريد النخيل يُسمى «المشرة» لصناعة العجوة.
أما إسلام ناصر، فقال إن صناعة العجوة فى شمال سيناء تطورت كثيرًا، وألقى الضوء على بعض المصطلحات المرتبطة بصناعة العجوة، ومنها «المشرة»، لافتًا إلى أنه مكان مخصص لتجفيف وتصنيع البلح والرطب. وقال إن الأمل فى إقامة مصنع لإنتاج العجوة والأعلاف والقهوة والدبس يعتبر مشروعًا استراتيجيًا لما له من فوائد، ما يشجع على الاهتمام بأشجار النخيل والتوسع فى زراعتها، وفى حال تجهيز مصنع، فإنه يستوعب 200 عامل، بخلاف تشغيل عمّال فى المزارع لتجهيز المحصول.
وأضاف أن مثل هذه المشروعات تنعش الاقتصاد وتعم بالفائدة على المواطن وتدعم المنتج المحلى وتقلل من الاستيراد، ومصنع من هذا النوع يقوم أيضًا على عدة صناعات مثل مربى البلح، والدبس الذى يصنع من الرطب، بخلاف إنتاج الأعلاف من مخلفات النخيل، إضافة إلى صناعة «المختوم» أو الرطب المجفف المضاف إليه زيت الزيتون والمكسرات.
مصدر رزق
وقال نصار عيد سالم من أبناء مركز بئر العبد، إن محصول البلح يمثل لدى كثير من الأسر فى بئر العبد، مصدر رزق، وهذا يتيح فرص عمل للشباب بالتوسع فى زراعات النخيل وإضافة أصناف أخرى غير تقليدية.
وأضاف أن «العجوة» تعتبر أهم منتج محلى فى أسواق شمال سيناء، خاصة فى العريش وبئر العبد، خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر من كل عام بعد جمع البلح، ونشره فى حرارة الشمس حتى يصبح لونه أسمر ويطلق عليه «الرطب»، لتجهيزه لصناعة العجوة يدويًا، حيث تترك فى الشمس لمدة تزيد على ثلاثة أيام حتى تجف لتصبح لينة وذلك لصناعة أقراص العجوة التى يوجد إقبال شديد عليها لاستخدامها كغذاء رئيسى لتلاميذ المدارس فى فصل الشتاء فهى تزود الجسم بالطاقة.
برامج تدريبية
من جانبه، قال الدكتور خالد زايد، مدير المشروعات بجمعية الجورة بالشيخ زويد، إنه تم تنفيذ 3 برامج تدريبية للسيدات على إقامة مشروعات متناهية الصغر لأبناء المحافظة على صناعة وتعبئة العجوة، لرفع القيمة المضافة للمنتجات البيئية، وقد تم تأهيل 45 فتاة. وطالب بإقامة مبادرات جديدة للتشجير للنخيل تزامنًا مع مبادرة الزيتون باستخدام شتلات النخيل «الحِيَّانى»، حيث يوجد نوعان من الشتلات للنخيل وهما «المَجهَل والحيانى»، مؤكدًا ضرورة الاهتمام بأشجار النخيل ورعايتها كونها تشكّل رمزًا بيئيًا ومحرِّكًا لإنعاش الاقتصاد المحلى.
فيما قال المهندس عبدالله الحجاوى، رئيس جمعية حماية البيئة بسيناء، إن هذا الموسم يعد من أهم الفصول الزراعية فى سيناء، حيث يوفر فرص عمل للعاملين فى جنى وتجارة البلح، كما يستثمر الأهالى موسم جنى البلح فى صناعة العجوة، خاصة أن كميات الإنتاج من المحصول تكفى للاستهلاك المحلى فقط وليس للتصدير، فأبناء سيناء يعتبرون موسم حصاد البلح بمثابة فترة استجمام وقضاء وقت ممتع وسط الطبيعية بعيدًا عن ضغوط الحياة العصرية، حيث يقضون لياليهم فى السهر والسمر والتواصل بينهم، ويتعلم النشء والشباب فنون هذه الهواية المتوارثة عبر الأجيال.
جامعة العريش
كما أنشأت جامعة العريش مشروعًا لصناعة العجوة بمعهد الدراسات البيئية بقرية الخربة فى بئر العبد، حيث تشتهر المنطقة بوجود أعداد كبيرة من أشجار النخيل الذى ينتج كميات كبيرة من البلح لاستثمار المنتج فى تنشيط الأعمال البحثية وإعداد دراسات الجدوى لمشروعات إنتاج العجوة وفتح منافذ جديدة للبيع من خلال المعارض ومنافذ البيع.
وقال الدكتور حسن الدمرداش، رئيس جامعة العريش، إنه تم إعادة تشغيل مشروع صناعة العجوة لتحقيق الاستغلال الأمثل لمنتجات أشجار النخيل التى تشتهر بها منطقة بئر العبد والعريش استعدادًا لانطلاقها بقوة قريبًا، كما تقرّر تحقيق الاستفادة من المنتجات فى تدريب طلاب كلية الاقتصاد المنزلى لإكسابهم خبرات تعينهم على حياتهم العملية بعد التخرج.
تجمعات عائلية
وقال نايف سلامة، باحث فى التراث السيناوى، إن مدينتى العريش وبئر العبد تشتهران بصناعة العجوة، حيث تتجمع العائلات فى شهرى سبتمبر وأكتوبر من كل عام لجمع البلح من أشجار النخيل ونشره فى حرارة الشمس حتى يصبح لونه أسمر ويطلق عليه «الرُطب» لتجهيزة لصناعة العجوة يدويًا، موضحًا أن العجوة لا بُد أن تكون مرنة وتُعجن وتشكّل على هيئة أقراص كبيرة ويصل وزن القرص لـ3 كيلوجرامات (رطل).
فيما قال شعبان الفضالى، أحد المهتمين بالتراث فى سيناء، إن كل أسرة تشيّد مكانًا خاصًا بها من جريد النخيل يُسمى «العريشة» يُقسّم لعدة أقسام لوضع الأغراض التى تستخدم فى الحياة اليومية طوال فترة جمع البلح.
وأضاف أنه يتم استخدام «المطلاع»، وهو عبارة أداة مصنوعة من ليف النخيل، ويستخدم فى الصعود لأعلى النخلة ومعه «الشرخ»، وكذلك «المشنة «وهى وعاء مصنوع من سعف النخيل لوضع البلح أو الرطب بداخلها، ويتم نقل كميات البلح والرطب إلى «المشرة» لصناعة العجوة، حيث يترك الرطب تحت أشعة الشمس لمدة 20 يومًا، مع تقليبه كل ثلاثة أيام، ويتم جمع الرطب بعد جفافه، ثم يتم عمل أقراص يكون وزن كل قرص كيلو أو 3 كيلو حسب الطلب، وتوضع هذه الأقراص فى «المشرة» لمدة ثلاثة أيام حتى تجف تمامًا، ثم تُجمع الأقراص وتوضع فى صفائح أو أكياس لبيعها، أو تخزينها لتناولها على مدار العام.
ثروة قومية
من جانبه، يقوم جهاز تعمير شمال سيناء، بجنى محصول البلح «البرحى» من المزارع النموذجية بالتجمعات التنموية بمركزى الحسنة ونخل بوسط سيناء ضمن خطة التنمية الشاملة فى سيناء، رغم حداثة عمر أشجار النخيل، فإن إنتاجية النخلة تفوق التوقعات، ويرجع ذلك لخصوبة التربة، والمناخ المناسب.
وقال المهندس ناجى إبراهيم، مدير منطقة تعمير شمال وجنوب سيناء، إنه تم بدء جنى محصول البلح «البرحى» لنخيل من المزارع التابعة للجهاز، وتبلغ مساحة المزرعة 55 فدانًا، وتضم 500 نخلة برحى، و110 نخلات حيانى، على مساحة 5 أفدنة، ويتعدى متوسط إنتاج الفدان 4 أطنان.
فيما أوضح المهندس محمد الدع، وكيل وزارة الزراعة بشمال سيناء، أن محصول النخيل يشكل ثروة قومية فى المحافظة وتنتشر زراعته من رفح شرقًا مرورًا بمناطق الشيخ زويد والعريش وبئر العبد.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية