تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الطريق إلى 30 يونيو

هذا الكتاب يُعلن موضوعه عن نفسه من خلال عنوانه الواضح. ومؤلفه الدكتور عبدالعليم محمد مستشار مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بجريدة الأهرام. متخصص فى القضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى. وعضو لجنة العلوم السياسية بالمجلس الأعلى للثقافة. وشارك فى العديد من المؤتمرات العلمية فى مصر والخارج.

 

يكتُب فى تقديم كتابه المهم:

الكتاب حول الثورة والهوية والتحول الديمقراطي. والكتاب عبارة عن مجموعة من الدراسات والمقالات التى كُتِبت خلال أعوامٍ ثلاثة. أو ما يفوق ذلك بقليل من عام 2013 حتى عام 2016، وفيها حصر ومُتابعات وتأملات وبحث التداعيات التى تجلَّت فى الخامس والعشرين من يناير 2011، والثلاثين من يونيو 2013.

ولا يعتبر المؤلف بتواضع يُحسد عليه أن كتابه بحثٌ فى التاريخ. فالتاريخ له رجاله وباحثوه من المؤرخين الذين يعتمد جهدهم على المنهجية فى التوثيق والوثائق والتسلسل الزمنى للأحداث والوقائع فى إطار منهجى مُنظَّم يطمح لإعادة بناء الوقائع بهدف الفهم والتحليل والتفسير.

إن دراسات ومقالات الكتاب يُمكنها أن تنخرط فى إطار الدراسات السياسية والثقافية حول الثورة والتى حاول من خلالها الباحث الربط بين الواقع والمفاهيم المختلفة وفقا لمنهجية البحث فى حقل الدراسات السياسية وطبقا لمعايشة الباحث للحدث واستيعابه له.

والاجتهادات الواردة فى هذه الدراسات لا تُعبِّر فى نهاية المطاف سوى عن رأى ورؤية الباحث والكاتب لدور هذه الثورة المهمة فى طرح تلك القضايا. والكيفية التى طُرِحت بها من قِبل الفاعلين السياسيين. كما أن الدراسات لا تدعى الحياد بين الأطراف المختلفة والفاعلة. كما أنها لا تُشدد بالضرورة على الموضوعية التى قد تنتهى بصاحبها إلى الموقف العدمى أو عدم القُدرة على الاختيار.

إن الكتاب يُعالج قضية شغلت الفكر العربى الحديث والمُعاصر ألا وهى قضية الهويَّة. التى أُعيد طرحها مجددا عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 بعد صعود الإسلام السياسى فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التى جرت بعد الثورة حيث تركَّز اهتمام النخبة الإسلامية الجديدة حول مقولة استعادة هوية الدولة والمجتمع. وهو كلام غير دقيق ويصل إلى حدود الكذب. لكنه ما كان وما حدث.

والثورة لا تكون مُمكِنة فى أى مُجتمع إلا بعد توافر بعض الشروط على رأسها وفى مقدمتها تغيُّر ثقافى يُمهِّد للثورة، ويُلخِّص مضمونه فى نقد القيم السائدة التى روَّج لها هذا النظام القائم. والتى تُبرِّر استمراره وإعادة إنتاجه مُجددا. بيد أن الثورة وإن كانت بحاجة لتغير ثقافى قيمى يُمهِّد لها الطريق غير نقد القيم السائدة والمؤثرة وفتح الطريق لقيم جديدة تواكب الثورة وتُمهِّد لها. فإنه بوقوع الثورة يتدعم موقف هذه القيم الجديدة وتتجذر أكثر من ذى قبل، ويستبطنها الثوار والمواطنون على حدٍ سواء لتحقيق أهداف الثورة ومواجهة بقايا النظام القديم. وتُقضى الثورة إلى تغيير ثقافى قيمى ينتقل تدريجيا من الفئات والشرائح المتقدمة والمدنية التى شاركت وبادرت بالفعل الثورة إلى بقية شرائح المجتمع وطبقاته. بل إن هذا التفسير يقتصر على إحدى طبقات الوعى السياسى. أو الثقافة السياسية السائدة، والتى كرسها النظام القديم. والتى تأخذ التدرج تدريجيا وفقا لوتيرة وعمق عمل الثورة، ودرجة نجاح الثورة فى تغيير النظام السابق والثقافة التى كانت تروج لها.

ومع ذلك فإن الهوية بمعناها الشامل والعميق والمُركَّب تبدو أكثر رسوخا وتجذرا فى الوعى والوجدان والسلوك. وأبعد غورا من نمط السياسة السائدة وقيمها. فالهوية ذات عمق تاريخى مُركَّب، رافق الجماعة المصرية عبر مراحل تطورها المختلفة. ومن ثم فإن الثورة وأهدافها قد لا تبدو معنية بالهوية بقدر ما هى معنية بتغيير النظام القائم وتحقيق الأهداف المعلنة من قبل الثوار والشعب.

غير أن ذلك لا يعنى بالضرورة أن الثورة لا تؤثر فى الهوية. بل يعنى أن ثمة تأثيرا للثورات فى عناصر معينة من الهوية كتأكيد الذات الجماعية والثقة الفردية وتلمُّس الإنجازات والمكاسب. فضلا عن ذلك فإن طبيعة المشهد السياسى قبل الثورة فى مصر خاصة فى قسماته البارزة وسوف يكون مساعدا ومفيدا فى فهم طبيعة الثورة المصرية والأهداف التى توخَّت تحقيقها فى الواقع والعوامل التى أمدتها بعناصر النجاح وتلك التى تعوق مسيرتها ربما حتى الآن.

وقد شهدت الأعوام التى أعقبت ثورات ما عُرِفَ بالربيع العربى تصاعُدا ملحوظا ونموا مضطردا للظاهرة الإرهابية والتطرف الدينى. ولم تختصر مخاطر النمو وتطور هذه الظاهرة على مصر والعالم العربى فحسب. بل امتدت مخاطرها للعالم كله. بحيث أصبحت هذه الظاهرة تشغل أبرز وأهم البنود المطروحة على جدول الأعمال الدورى. أى محاصرتها ومقاومتها واحتوائها بكل السُبل الأمنية والعسكرية والقانونية والثقافية والفكرية. ولا يخلو أى اجتماع تشاورى بين السياسيين ورؤساء الدول ثنائى أو متعدد الأطراف من بحث هذا الأمر والتشاور بشأنه.

ويُعتبر خطاب الدولة المدنية فى مواجهة خطاب الدولة الدينية أهم المنجزات المصرية، وهو حجر الزاوية فى الخطاب السياسى الجديد بمواضيع الثقافة فى الإرهاب والدولة المدنية. الدولة الجديدة تحفظ للدين قداسته وتحفظ لحرية الاعتقاد إلى مجرد أداء أيديوجية لخدمة أهداف جماعة معينة. وأن المواطنين سواء أمام القانون والدولة بصرف النظر عن اعتقاداتهم وانتماءاتهم الدينية وذلك استلهاما لمبادئ الدولة الحديثة. والجمع بينها وبين معتقدات الشريعة الإسلامية.

إن الأمر بالتحديد هو إما الثورة الدينية أو تجديد الخطاب الدينى. أو استئناف مسيرة الإصلاح الدينى. هذه أوجه ثلاثة متداخلة للخطاب السياسى الجديد فى مواجهة الخطاب الإرهابى. وبصرف النظر عن تميز هذه المفاهيم فإن المقصود قطع الطريق على الجماعات الإرهابية والتركيز على ما يمثله الدين الإسلامى من العدل والمساواة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية