تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > يسري السيد > هل كان عبد الناصر ضد الثقافة وحرية الإبداع ؟

هل كان عبد الناصر ضد الثقافة وحرية الإبداع ؟

هل كان الزعيم جمال عبد الناصر ضد الثقافة وحرية الإبداع كما يروج البعض ؟ ..طبعا لا شئ مطلق ، لكن تعالوا نناقش المعطيات لنصل الى النتيجة ..
كيف ؟ 

 بالبحث عن الجانب الثقافى فى ثورة يوليو والمكونات الثقافية التى شكلت شخصية زعيمها ... و الترجمة الحقيقية للفكر هى الفعل المتمثل فى إنشاء معاقل للثقافة والتنوير والتعليم .. والسبب أن الثقافة هى أحد أجنحة الحفاظ على الهوية الوطنية وانقاذها من التبعية الاستعمارية .. لكن كيف تمت الترجمة الى فعل على أرض الواقع؟ 
•     أول "ضربة " كانت بعد شهور قليلة من قيام الثورة وبالتحديد عام  1953 بإنشاء وزارة للثقافة والإرشاد القومي ولأول مرة في تاريخ مصر ...لكن هل اقتصر الأمر على الشكل السياسي ؟ 
- طبعا.. لا ، وتمثل ذلك فى اختيار شخصيات ذات وعى وثقل ثقافى وخيال ابداعى تتولى التنفيذ والتفكير ، وفى مقدمتهم كان  ثروت عكاشه أحد الضباط الاحرار ، والنتيجة إنشاء كل المؤسسات التى تقوم عليها النهضة الثقافية الشاملة مثل : أكاديمية الفنون (1969) لتضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والباليه والأوبرا والموسيقى والفنون الشعبية، لتوفير تعليم  متخصص في الفنون المختلفة، والثقافة الجماهيرية لنشر الثقافة والفن بين الجماهير في المدن والقرى، وهيئة الكتاب عام 1961 لنشرالانتاج الفكري والتراث المصري والعربي والعالمي ، والمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية الذى تغير اسمه الى المجلس الأعلى للثقافة "العقل المدبر للتخطيط الثقافى" .. الخ وهيئات فى السينما والمسرح والفنون يتولاها كبار الأدباء والمفكرين أمثال نجيب محفوظ ويحى حقى ...

وأدى المناخ الثورى الى حالة من حالات الفوران الابداعى فى كل المجالات تقترب لما يمكن تسميته نهضة ثقافية وفنية تركت بصمة واضحة على تاريخ مصر الثقافى الحديث. 

•    والسؤال هل من ينشئ مثل هذه المؤسسات يكون ذو أفق ثقافى محدود ؟
 
- العودة لجذور الرئيس عبد الناصر الثقافية والفكرية ، الشعبى منها والرسمى ، العربى منها والعالمى ، الدينى منها والمدنى،  تفسر توجهه الجدى نحو الثقافة والابداع ، فالذى يهتم بتعاون أم كلثوم وعبد الوهاب لإنتاج عمل فنى يجعله يطالب بانشاء التليفزيون الى جانب الإذاعة والصحافة، لتكون أذرع الثورة الثقافية والقوى الناعمة الاعلامية والسياسية لمصر الثورة ،
 
والكاشف الآخر لشخصية عبد الناصر يأتى من نهمه للقراءة المتنوعة بين الأدب، التاريخ، الفكر السياسي، وتاريخ الحضارات وسير القادة الذين أحدثوا تغييرات كبرى مثل نابليون بونابرت و مصطفى كمال أتاتورك و بسمارك"موحد ألمانيا "و غاريبالدي "موحد إيطاليا" ..الخ ، بالإضافة الى استيعاب كتابات المفكرين الذين تناولوا قضايا العدالة الاجتماعية، ومكافحة الاستغلال، و دور الدولة في التنمية، ودراساته للنظريات والأيديولوجيات السياسية وسبل التحرر من الاستعمار وتجارب الدول التي كانت تحت الاستعمار وتسعى للاستقلال والتنمية ، وهذا الاهتمام عزز من دوره كأحد قادة حركة عدم الانحياز،.. كلها تشكل رؤيته لبناء دولة قوية وموحدة.

وتأثر عبد الناصر بالكتابات الأدبية واضح ، مثل "عودة الروح" لتوفيق الحكيم ، التي يقال إنها ألهمت الضباط الأحرار وجمال عبد الناصر نفسه للثورة ، حيث تناولت فكرة أن الشعب المصري بحاجة إلى قائد يجسد آماله ورغباته ..

 ولعل إيمانه بحرية الإبداع جعلته يناصر نشر روايات نجيب محفوظ  المعارضة بل و تحويل العديد منها إلى أفلام سينمائية، رغم  ايعاز البعض بأنه يقصده بالسلب مثل قصة القطار ودفاعه عن نشر رواية أولاد حارتنا في حلقات فى عام 1959 فى الاهرام رغم أن البعض يرى أن رمزيتها (الصراع على "الجبل" و"الفتوة") قد تحمل إسقاطات على السلطة.

ولعل فيلم "شيء من الخوف" (1969) هو أحد الأمثلة البارزة على تعامل عبد الناصر مع الإبداع رغم اعتراض الرقابة التى رفضت عرض الفيلم بشكل مبدئي وكان السبب فى التفسيرات الرمزية التي رأت شخصية "عتريس" (الديكتاتور الذي يفرض إرادته بالقوة) إسقاطًا على شخصية عبد الناصر ونظام حكمه. وشاعت مقولة "جواز عتريس من فؤادة باطل" كشعار لرفض الظلم...
يؤكد بعض المقربين أن عبد الناصر نفسه طلب مشاهدة الفيلم. وبعد أن شاهده، أجاز عرضه وقال مقولته الشهيرة: "لو أنا بالبشاعة دي، يبقى الناس ليها حق تكرهني" 

 بإختصار كانت السياسة الثقافية في عهد عبد الناصر تهدف إلى تحقيق الدعم اللامحدود للثقافة (كأداة لخدمة أهداف الثورة وبناء الهوية)، مما خلق فترة غنية بالإنتاج الفني.

فهل كان الزعيم جمال عبد الناصر بعد ماذكرت بعضه ضد الثقافة و حرية الإبداع ؟

لكن الموقف الغريب الذى لم أجد له تفسيرا أو أجابة وأنا أسأل اصحابه عنه : لماذا تحبون عبد الناصر وقد دخلتم سجونه  ؟ 
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية