تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
عقاب أهل الدار
يعاقب ترامب العالم، فترتد سهام عقابه إلى صدور الأمريكيين. لا يأبه بأن تعريفات ما أسماه «يوم التحرير» تطلق فعليا حربا تجارية عالمية، وتكمل تفكيك قيم ومؤسسات عهد ما بعد الحرب العالمية الثانية، والتى ارتقت إلى مرحلة جديدة فى عهد «العولمة». يراه عقابا مستحقا لعالم استغل الأثرياء فيه قبل الفقراء أمريكا تحت شعارات مثل تحرير الاقتصاد، أو نشر الليبرالية السياسية، أو تنمية المجتمعات الأقل حظا، أو التبادل الثقافى والعلمى.
بخلاف أن أمريكا كانت ربة هذه العهود، وصكت شعاراتها صكا لتستغلها فى ألف غاية معلنة ومستترة. وبخلاف أن التراجع غير المتدرج فى أدوار أمريكا السياسية والثقافية والتنموية ستكون له عواقب مخيفة على واشنطن والعالم على حد سواء، فإن الأمريكيين أنفسهم يقعون فى مرمى تعريفات »يوم التحرير«
فأولا، تلك التعريفات تعنى مضاعفة صعوبة حصول الأمريكيين، مستهلكين وصناعا، على الكثير من المنتجات التى لا تنتج محليا. وتتنوع المنتجات على هذه القائمة الطويلة من القهوة إلى المعادن النادرة واللازمة للصناعات الإلكترونية الدقيقة. بمعنى آخر، وضع العراقيل أمام صناعات تحقق لأمريكا ريادتها وتميزها.
وثانيا، هذه التعريفات تتجاهل صعوبة الانقلاب السريع فى عملية العولمة الاقتصادية. ولنضرب مثالا بسوق الموضة الأمريكى. فذلك السوق يقوم على استيراد ما يتجاوز نسبة الـ90% من احتياجات الأمريكيين من ملابس وأحذية من الخارج. فأغلب العلامات التجارية انتقلت بمصانعها فى الأعوام الأخيرة من أمريكا إلى فيتنام وبنجلاديش وكمبوديا. وإثر« يوم التحرير«، باتت واردات تلك الأسواق تخضع لما يتراوح بين 37% و 49% كتعريفات جمركية. ذلك يعنى إما إعادة توجيه للمصانع سعيا وراء اقتصادات أقل تضررا بفعل التعريفات، ما يعنى استمرار البقاء خارج أمريكا. أو العودة إلى الداخل الأمريكى، وذلك إن تحقق يتطلب أعواما وأعواما.
أما ثالثا: فتحمل أهل الصناعة لتكلفة التعريفات على المدى القصير والمتوسط قد يعنى إما إجراءات تمس حركة العمل بتعليقها أو تقليص نطاقها، ولو حتى حين. أو بإجراءات تمس قوة العمل، ما يعنى زيادة أعداد المسرحين من وظائفهم. وهناك طبعا ردة الفعل السريعة بترنح أسهم تلك الصناعات وخسائرها المهولة.. وهو ما جرى ويجرى.
إنها الفوضى لا التحرير.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية