تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

لكل حكاية بديعة الصنعة فى نسج حبكتها ورسم شخصياتها، سطوة. فلا يعنى الانتهاء من قراءة آخر سطورها، يسر التحرر من تلك السطوة، وسلاسة الانتقال إلى عوالم غيرها من الحكايات. ليس مباشرة على الأقل. هكذا تماما كانت سطوة وسحر «سمعت كل شيء» للكاتبة العراقية سارة الصراف.

 

فيصعب الإفلات من سطوة النص، الذى كان مرشحا ضمن القائمة القصيرة لجائزة «البوكر» العربية، لتنالها الرواية الفلسطينية « قناع بلون السماء» لصاحبها الأديب الأسير باسم خندقجى. لكن يظل ما سمعته وروته سارة الصراف من أجمل المدرجات على قائمة « البوكر» لهذا العام. ولهذا أسباب أظنها وجيهة.

فهناك هذه الحبكة التى تشبه فى متانتها الرقيقة قطعة «الدانتيل». فبفضل ما سمعته ورأته «عشتار» الحفيدة اليتيمة، يتحقق الانتقال بين سيرة ثلاثة أجيال عراقية. وبالتوازى تكون معايشة وقائع الحرب العراقية- الإيرانية فى الثمانينيات، بكل ما أحدثته من دمار عبثى نال الأرواح قبل الأجساد.

تتداخل مشاهد وحشة الحرب مع المشاهد المتوالية من حياة «عشتار» الهادئة والمزدحمة فى آن واحد. وحشة تجاوزت بضحاياها ساحات القتال، مثل عائلة صديقة الجدة، «أم سحر»، التى راحت ضحية قذيفة استهدفت حيهم السكني، أو خال صديقتها « زينب» الذى قرر أن يغافل قلقه من إلقائه فى آتون المعركة، بمغادرة الحياة كلها. وهو لا يعلم أن الحرب ستنتهى فجأة، ودون مبرر مفهوم يليق بقلقه وبمئات التوابيت التى تلفحت بالعلم العراقى لثمانية أعوام.

تسمع «عشتار» وترى كل شيء، فيما تنشأ فى بيت الجدة المحبة التى تسعى لتعويضها مرارة فقد الوالدين، فتنجح إلى حد بعيد. ولكن الجدة وأركان البيت « البغدادى» لم ينجحا تماما فى حمايتها من مخاوف «الفقد» والتى غذتها أحوال البيت والبلاد، ولا من القلق مما تجابهه هى وصديقاتها من مشكلات الحياة التى رأت مهاجمة الصغيرات فى سن مبكرة، أو من الارتباك المرحب به لمراهقة تلتقى الحب لأول مرة.

حكاية سارة الصراف تجيد دعوة القارئ واستضافته داخل واقع العراق فى الثمانينيات. وهى حكاية تحمل الكثير من ملامح حياة الصراف ذاتها. فخيرا فعلت حين سمعت كل شيء.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية