تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

السعدنى.. عمدة «التقمص»

فى أكتوبر الماضى دارت رحى الجدل حول تكريم مستحق ومتأخر لعمدة التقمص صلاح السعدنى من جانب «مهرجان القاهرة السينمائى الدولى». الجدل واقع الأمر لم يكن بجدل، فالكل أجمع أن السعدنى يستحق كل التكريم وأنه سيناله حتما. وأمس رحل «العمدة»، وأميل إلى الاعتقاد بأنه ما منح هذا الجدل كثيرا من الاهتمام. صحيح أسعده.. أسعده أن يرى أمارات التقدير والمحبة من النقاد والجماهير. فهذا من ضمن الأسباب التى تشجع من يبدع على دوام الإبداع.

 

لكنه كان يعرف أنه نال التقدير الذى ينشده، وناله عدة مرات. ناله أولا عندما تحقق حلمه بالتمثيل، بعد تخرجه فى كلية الزراعة، تلك الكلية التى يستحق مسرحها وأجواؤها فى الستينيات دراسة لتحليل عظيم دورها فى تطوير مواهب طلابها، الذين باتوا من نجوم الصفوف الأولى ومعهم السعدني.

نال التقدير، أيضا، عندما تحقق له الاختلاف أكثر من أغلب أبناء جيله. تلون كالساحر بشكل لا يقدر عليه إلا كل ممثل عظيم ومتمكن من أدوات التقمص. فكيف يكون هذا المراكبى الذى يبدو كطفل ضائع بعيدا عن عالمه الصغير المسالم فوق متن مركبه وبين ضفاف النيل، محاولا دون جدوى إصلاح مشكلة أنه "ساقط كيك"، كما كان يقولها فى الفيلم التليفزيونى «المراكبى». كيف يكون هو ذاته المثقف اليسارى الذى يستيقظ ليجد حارته منقسمة بين أهل اليمين واليسار بسبب خناقة ستات بين زوجته و«فوزية البرجوازية».

وكيف يكون العمدة سليمان غانم فى «ليالى الحلمية» الذى أضاع عمره طوال خمسة أجزاء من «التمثيلية» الملحمية فى صراع «القط والفأر» مع سليم البدري. وفى تقديم شخصية الرجل الذى يسير على خط مشدود بين أصوله الريفية وبين حضوره الحديث فى المدينة، وبين اعتياده «وصيفة» وافتتانه بـ «نازك السلحدار»، وبين قسوته مع العالم وذوبانه كأب حنون أمام ابنته «زهرة».

كيف يكون «حسن أرابيسك» الذى تكيل عشوائيته بالضربات الموجعة لموهبته. وهو أيضا الطاغى بحضوره على خشبة المسرح فى رائعة سعد الله ونوس «الملك هو الملك».

نال التقدير، عندما تنقل بين هذه العباءات وأحبه الناس فيها جميعا وأحبه النقاد فيها جميعا أيضا.. العمدة لم ينتظر شيئا لأنه نال كل شيء.. نال الموهبة ومارسها، ونال حب الناس وتعددت أماراته.. فسلام إلى روحه.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية