تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

التكييف .. ما له وما عليه

من أصدق الأقوال فى تلخيص أفضال التكييف، كان ما صرح به مؤسس سنغافورة الحديثة ورئيس وزرائها طوال ثلاثة عقود، لى كوان يو، مؤكدا: «أنه أعظم اختراعات القرن العشرين».

 

قد يبدو تصريحا مبالغا فيه قليلا. لكن الحكم يتطلب، أولا، الاطلاع على ملابسات علاقة سنغافورة بالتكييف. فالأولى هى دولة جزرية تقع على مبعدة أمتار من شمال خط الأستواء، ما يعنى درجات حرارة جنونية فى ارتفاعها، ومعدلات رطوبة خانقة، وهذا كله فى عرض مستمر على مدار العام، ودون فواصل باردة تذكر.

« التكييف» هنا إذن ليس خيارا أو رفاهية، وإنما هو أقرب إلى «مسألة حياة أو موت»، وشريك فى أسطورة الجزيرة الصغيرة التى باتت إحدى أهم المراكز المالية فى العالم ، وواحدة من موانيه الأكثر انشغالا. ومنطقى إذن أن تصبح سنغافورة من أكثر الدول اعتمادا على التكييف.

لا يمكن لوم أهلها كثيرا. فبخلاف الطبيعة الأصلية، يأتى هذا الصيف بأشد موجة حارة تشهدها سنغافورة ومنطقة جنوب شرق أسيا منذ مائتى عام. وأخبار موجات الحرارة التاريخية هذه باتت متكررة سواء بالنسبة لسنغافورة أو غيرها. والسبيل الأقرب لمواجهتها يقع مجددا على عاتق « أعظم اختراعات القرن العشرين»، ومثيلاته.

ولا أدل على ذلك من إقرار الوكالة الدولية للطاقة بأن أعداد التكييفات قفزت وستستمر فى قفزاتها لتحتل ثلثى منازل وبنايات العالم بحلول 2050، ويساهم الثلاثى: الهند وإندونيسيا والصين بنصف هذه الأجهزة المنتظرة .

جميل، العالم سيكون ألطف هواء، والإنسان يجد ما يعينه على الحرارة المتوحشة فى زمن التغيرات المناخية. صحيح، لكن هنا يبدأ الفصل المحزن فى حكاية التكييف. فمزيد من الحرارة، يعنى مزيدا من السعى وراء التكييفات، وذلك يعنى مزيدا من غازات «الاحتباس الحرارى». ذلك غير أن التكييفات والمراوح الكهربائية وراء 10% من إجمالى الاستهلاك العالمى للكهرباء.

أيمكن للهاربين من قسوة الحر التفكير فى تلك الدائرة المفرغة المخيفة. عليهم ذلك، وإلا زادت الحرارة قسوة، وما نفع معها تكييف أو غيره مع مرور الزمن. الجميل، أن هناك اتجاها عالميا لتطوير تكنولوجيا التكييف بأخرى لا توظف الغازات المضرة واستبدالها بأخرى صديقة للبيئة. وذلك طبعا يحتاج كثيرا من الوقت، مع مراعاة الفروق فى الوعى والأحوال الاقتصادية بين مجتمع وأخر.

لكنها بداية..بداية البحث الآمن عن نسائم الصيف.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية