تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

أزمة «آية» الباريسية

كلما زادت الحريات والتحقق للفرد، زادت ثقته بنفسه، بقدرته على تقبل الآخر وبقدرته على الحفاظ على جذوره وثقافته. هذا هو المنطق الذى يدفع به المفكرون فى محاربة النعرات المدمرة والعصبيات المتطرفة. لكن هذا المنطق يقف عاجزا أمام حكاية «آية نكامورا»، فنانة البوب الفرنسى الشهيرة، والتى يرى البعض أنها ليست فرنسية بالقدر الكافى حتى تكون نجمة افتتاح «أوليمبياد باريس 2024».

 

الفصول الأولى من حكاية «آية» مبهرة. فهى المولودة فى «مالى»، المستعمرة الفرنسية السابقة. نشأت فى ضواحى باريس. وتقلدت الجنسية الفرنسية، وباتت من أشهر فنانى «الفرانكوفونية» فى العالم. شابة صاحبة موهبة ومتحققة على مستوى بلادها والعالم. فمن أجدر منها بتصدر افتتاح «أوليمبياد باريس» وغناء روائع أسطورة الغناء الفرنسى أديث بياف؟

يرى أهل اليمين فى باريس أن هناك من هو أجدر وأكثر فرنسية، مشككين فى أن «آية» خير وجه يعبر عن هوية باريس وقيمة وتراث فرنسا. قد تعبر عن عاصمة مالى « باماكو»، نعم، لكن « باريس»، لا، هكذا غرد أحد رجال اليمين السياسى فى فرنسا.

ومعه اجتمع آخرون يروجون إلى أن «آية» لا تغنى بفرنسية سليمة حتى تتصدر حدثا فرنسيا بهذا الحجم. والمقصد هنا، هو المزيج اللغوى الذى تلجأ له الفنانة الشابة ويجمع بين العامية الفرنسية، خاصة تلك الشائعة فى الضواحى ، وبعض المفردات المستقاة من مسقط رأسها فى «مالى».

و«آية» فى ذلك تعد اتصالا للغة رائجة فى الشارع الباريسى وتحديدا فى أوساط أبناء الضواحى البعيدة، والتى كثيرا ما تشتعل بأزمات الانقسام الفرنسي، قبل أن تهرع مؤسسات الدولة فى محاولة لرأب الصدع بها.

إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، ورشيدة داتي، وزيرة ثقافته صاحبة الأصول المغربية، هبا إلى دعم «آية». ومعهما من تذكر وقائع كأس العالم 1998، «والذى حازته فرنسا بفريق متعدد الأصول ما بين إفريقى وعربى وأوروبى. وكان هذا سببا فى مراجعة ثقافية ومجتمعية كبرى لصالح الوحدة وتقدير الخلفيات الثقافية والعرقية المختلفة للمجتمع الفرنسى».

فرنسا العلمانية الديمقراطية منقسمة بسبب مواطنتها «آية».. وتتبقى مائة يوم على انطلاق «الأوليمبياد» وعلى بيان مصير «آية» ومصير الوحدة الفرنسية.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية