تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
لماذا يغضب الله من «رمسيس الثانى»؟
من قال إن الإسلام دين ضيق أو هو شريعة رجعية؟
الإسلام ليس كذلك.
الإسلام دين واسع عام شامل يسعى للأمام وينشد التحديث ويستوجب التطوير، بينما التطرف نظرة ضيقة مستريبة، تسعى بالمستقبل للخلف، وتنظر للقادم بنظرة القديم. هذه هى الأزمة، وتلك هى المعضلة.
فالأصل فى الإسلام التوسعة، بينما نظرة التطرف للدين بالتضيُّق، تؤول النصوص على الأدنى، وتشهد للنص على الأقل.
ولما نزح بعضهم إلى التطرف، نادوا بهدم الحضارة، ودخلوا فى عداء مع الآخر، ولم يقبلوا المغاير، ووصلت بهم الأمور إلى أن حرَّموا البدل والبنطلونات كما حرَّموا التماثيل، وحذروا من المتحف المصرى!
فى الشاشات وعلى اليوتيوب يظهرون كالمشايخ.. يلبسون ما يلبسون.. ويتكلمون مثلما يتكلمون.
لكن لا هم مشايخ.. ولا هم يعرفون الله.
وضع الله أحكامه فى شريعته. لم تأمر الشريعة بقتل ولا بهدم. عملت الشريعة على حفظ مقاصد الله من دينه.
أول مقاصد الله من دينه حفظ النفس والدين والمال.
وضع الله فى أحكامه عللًا، أو أنه سبحانه أقام شريعته على الأسباب.
لذلك فإن القاعدة فى الفقه السليم أن الحكم يدور مع العلة وجوبًا وعدمًا. فإذا بطُلت العلة بطُل الحكم، وإذا توافرت العلة استوجب الحكم.
لكن التطرف لا يعرف الدين، وآراء التطرف لا تعرف الإسلام، ولا تعرف المراد من شريعة الله ولا تعرف المقصود من دينه.
لذلك، حرَّموا ما لم يحرمه الله، وقيَّدوا ما كان الله قد وسعه، وقتلوا على التأويل، ونحروا على الظن، وأقاموا العلة على الوهم.
مرة أخرى لا هم مشايخ.. ولا هم يعرفون الله.
بعد 2011 فى لقاء تلفزيونى شهير عادت مشكلة الآثار الفرعونية على ساحة الجدل. قالوا وقتها إنها مشكلة عقائدية.
بعضهم ابتكر تغطية رؤوس تماثيل الفراعنة بالشمع.
لما جاء مرسى الجاسوس، تجدد الكلام، وعادت للسطح مرة أخرى مشكلة الآثار. قالوا إن تماثيل الفراعنة أزمة ومشكلة، وأن لكل مشكلة حلًا.
الأفكار لها أجنحة؛ لكن ليست كل الأفكار تستحق الطيران.
لكن التطرف يطير ويحلق ويرتفع لأعلى، ثم ينزل ويجد من سيتلقفه ويستهويه ويقف معه ويقف فى صفه ويختبره ويرضى به ثم يطمئن.
فى عهد مرسى الجاسوس طالب بعضهم بهدم الأهرامات.. واستمع مرسى وهز رأسه ولولا الملامة لفعلوا.
التطرف واحد سواء جاء من اليمين أو من الشمال.
لما دخل المتطرفون الإسلاميون شمال مالى، بدأوا بتدمير الآثار القديمة فى تمبكتو. وفى أفغانستان، بدأت طالبان أول ما بدأت بفرض الحجاب على بنات المدارس الابتدائية وضرب أوجه تماثيل لبوذا بالمدافع فطمست الوجوه كى يدخل الإسلام البلاد!
-1-
سأل عمر بن الخطاب ابن عباس يومًا: علامَ يختلف المسلمون من بعدنا.. وربنا واحد وكتابنا واحد.. ونبينا واحد؟
قال ابن عباس: سوف يأتى يوم.. يقرأ المسلمون فيه القرآن.. ولا يعرفون فيما نزل.. فيؤولونه.. ثم يختلفون فيما أولوا.. ثم يقتتلون فيما اختلفوا فيه.
وحدث ما حدث مع الأيام والسنوات والعقود والقرون.
انفجر التطرف من فساد التأويل.. وتناثرت على جوانب أفكار الانغلاق مآسٍ دينية وفلسفات كاذبة، قتلت بفساد التأويل غير المسلمين، وفى أحيان أخرى قتلت بفساد التأويل حتى المسلمين.
إليك تلك الواقعة: بعد الفتنة بين على ومعاوية.. قابلت جماعة من الخوارج أحد الصحابة وزوجته فسألوه: على أم معاوية؟
أجاب الصحابى بأن الحكم لله له الأمر يظهره يوم القيامة على رؤوس الأشهاد.
فما كان من جماعة الخوارج إلا أن قتلوا الصحابى ، وقتلوا زوجته، وأخرجوا جنينها من أحشائها!
وحدث أن لقى واصل ابن عطاء نفس الجماعة.. فسألوه السؤال: على أم معاوية؟
فأجاب واصل: إنما أنا مشرك.. مستجير
فعهدوا له بالأمان.. وأخذوه من على حصانه ومنحوه حصانًا أفضل وأقوى.. وسألوه عن وجهته فأوصلوه امتثالًا لقوله تعالى «وإن أحدا من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه»!
وكان أن قتل الخوارج صحابيًا يوكل الأمر لله، وعاهدوا كافرًا على السلام وأمنوه على ماله ونفسه!
غريبة.
-2-
يذكر عن على بن أبى طالب أن قال: القرآن حمَّال أوجه.
ولما جاء التطرف، أخذ من أوجه الباطل وأنقص من أوجه الحق، إما فسادًا فى الفهم أو فسادًا فى الذوق أو طلبًا للسلطة والحكم والحكومة.
لماذا حذر على بن أبى طالب من «أوجه القرآن»؟
لأنه فطن، أن هناك من سوف يأتى ليغيِّر المقصود من آيات الله، ويفترى على الآخر، ويقتل، ويسفك الدماء، ويطلب الحكم، ويطلب الحكومة، ثم يضع للناس عبوات مفخخة لو رفضوا، ويفجر بهم محطات الأتوبيس لو طالبوه بالنزول عن الحكم.
قضية التطرف الدينى هى فى الأساس اختلاف على التأويل.. وعلى العلل فى الأحكام.
مثلا العلة فى الأصنام.. هى علة فى الغرض من إقامة التماثيل.
وفى الفقه أن التحريم نوعان إما لذاته وإما لسبب.
علة التحريم فى التماثيل لسببها ليست لذاتها، وحالة التشوش الفكرى التى غيبت لدى التطرف السبب إشارة إلى عدم قدرة آراء التطرف على معرفة المقصد من الشريعة، وبالتالى الجهل التام بمقاصد الدين، وبالأسباب التى أنزل الله من أجلها الإسلام.
الاحتفاء بالأثر يعنى احتفاء بالهوية، واحتفاء بالقومية، والاحتفاء بحضارة جابت الشرق والغرب، شاهدة على ما برع فيه الأقدمون من قدرة على الإبداع ما زالت تبهر العالم.. حتى تلك اللحظة.
مرة بعد مرة يظهر التطرف نفسه، ويكشف عن وجهه، وينزع مزيدًا من الأقنعة عن أساليب فى التفكير، تظهر أنه لا يمكن لذلك المنطق إلا أن يصطدم بمجتمعاته، ويصطدم بالحضارة، ويصطدم بالتاريخ وبالجغرافيا.
خطيئة أفكار المشايخ إياهم، أنهم إما استخدموا مقاصد الشريعة فى تحقيق الغرض، أو أولوا تلك المقاصد بالمرض، فأخرجوها عن سياقها الصحيح، ونشروا الكوارث على المشاع، وطعنوا فى كل ما يمت للمنطق أو الحضارة أو التقدم أو التطور بصلة.
-3-
هؤلاء ليسوا مسلمين.
لماذا؟
لأن الإسلام وصف دال على موصوف.
فإذا كانت شريعة الله فى دينه لم تدع لتطرف ولم تحض على عنف.
ولما كانت شريعته سبحانه حضرية حضارية، تحتفى بالجمال، وتنشد حفظ ما للشعوب من ماضٍ، لتبنى عليه، وتقوِّم ما كان فيه، وتعمل على ما فات منه، فإن من يخرج عن تلك الخطوط، لينزوى فى أركان ضيقة يصب اللعنات ويرفث ويبصق ثم يقول إنه من عند الله.. وما هو من عند الله.. لا يمكن حسبانه على الدين!
مشكلات التاريخ الإسلامى كثيرة، والتشابكات فى قضاياه عديدة، لذلك استقر أسوياء الفقه على تفسير الأحكام بناء على الغايات التى جاءت لأجلها، وبناء على المستهدفات منها.
لماذا المشايخ إياهم ليسوا مسلمين؟
لأن استغلال مقاصد الله فى غير محلها، ومحاولة الإيحاء بأن الخبيث من القول أو الفعل هو الامتثال لإرادة الله، هو تقول عليه سبحانه بغير علم.
والتقول على مقاصد الله من شريعته بغير علم هو تعدٍ على الشريعة وتشويه لصورة الإسلام فى مجتمعات، وانتقاص من رسالته، وحط من قدره.
فهم الصحابة الدين كما أنزله الله.
فهموا المراد من آياته، والمقاصد من شريعته، لذلك احتفوا بآثار الفراعنة لما دخلوا مصر، ولما وصلوا الهند، لم يهدموا معبدًا، ولم يشوهوا وجوه التماثيل، وبقيت آثار فارس والعراق والمدائن والبتراء ومعابد سومر وبقايا معابد وتماثيل آشور كما هى لتصل إلينا فى عصور حديثة، ساءت بأهلها الخطوب ليظهر فيها من ينهى عن النظر إلى تمثال رمسيس الثانى، بينما يدعو آخرون لهدم الأهرامات!
التشوش فى فهم علل الدين يسقط عن صاحبه فهم الدين كله.
التشوش فى إدراك علل التحريم، يسقط عن صاحبه الاعتبار، فيخلع عنه رداء الثقة، فتقبل دعوته للإسلام، لكن لا تقبل روايته.
فرَّق الصحابة رضوان عليهم بين الأثر والوثن.
فالأخير فى التعريف هو كل ما خر له الإنسان ساجدًا من دون الله، بينما الأول هو كل رمز تاريخى حضارى، وقره الصحابة، ونهى النبى صلوات الله وسلامه عنه أو عن هدمه أو العبث به.
فى الأثر أن النبى صلوات الله وسلامه نهى الصحابة عن «أطام المدينة». والأطام هى بقايا أسوار وحصون قديمة كانت لليهود، ولأقوام قبل اليهود.
وصف النبى أطام المدينة «بالزينة» وأحسن فيها القول.
وفى مصر، قال الصحابة إنهم افتتنوا بالآثار الفرعونية واستحسنوها. وكتب عمرو بن العاص للخليفة عمر فى كل شىء، يطلب رأيه، ولم يكتب رسالة واحدة وحيدة يسأل حكمًا شرعيًا فى أثر أو تمثال، فى عصور سبقت زمنًا أتى فيه من يرى فى نفسه أعلم فى الدين من الصحابة، وأحرص على حدود الله من الله نفسه، وأكثر فهمًا للإسلام من نبيه ورسوله.
كارثة أن يظهر فى عصور الآى باد والإنترنت من يرى أن هدم الهرم دعوة للإسلام.. وأن تمثالًا لرمسيس الثانى فى بهو المتحف الكبير.. يغضب الله!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية