تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
عجائب العوينات في عيد وفاء النيل
منطقة العوينات المعروفة ببرج المياه القديم في جنوب مصر، حملت للمصريين مفاجأة طبيعية استثنائية قبيل موعد الاحتفال بعيد وفاء النيل في ١٥ أغسطس، حيث هطلت أمطار غزيرة لم تشهدها المنطقة لأكثر من قرن، فكانت بارقة أمل لتحقق عهد مائي جديد يرفع عن كاهل المصريين ثقل حمل مخاوف حدوث أزمات مائية، وحيث اعتبر خبراء المياه حجم الأمطار الساقطة بمثابة عودة بمنطقة الصحراء الغربية المصرية إلى العصر المطير، حيث تحقق معها ثلاثة من العجائب دفعة واحدة.
1- الصحراء الغربية مروجًا
اجمعت كل التقارير الصادرة عن مراكز المناخ التابعة لوزارتي الري والزراعة، وكذلك الهيئة العامة للأرصاد الجوية، على أن هذه التحولات المناخية في منطقة جنوب مصر مؤخرًا، ودخولها حزام الأمطار المدارية، إذا استمرت في الأعوام القادمة، فإنها تأذن بتحول منطقة الصحراء الغربية من صحراء قاحلة إلى مروج خصبة وأنهار جارية. ونبه العالم الدكتور إسماعيل عبد الجليل، مدير مركز بحوث الصحراء الاسبق، إلى أهمية هذه التغيرات، متحدثًا عن إمكانية أن تشكل جزءًا من نمط عالمي أوسع يتأثر بتغيرات المناخ.
ووفقًا للتقديرات، فإن متوسط تساقط الأمطار في العوينات خلال الأول من اغسطس قدّر بحوالي ٢.٥ مليار متر مكعب، في منطقة عانت طويلاً من جفاف مرعب.
وتستفاد من هذه المياه بشكل مباشر عدد من المشروعات التنموية كانت ندرة الميه تمثل تحديا أمام تحقيقها في الصحراء الغربية، أبرزها مشروع الساحل الشمالى الغربي، ويهدف إلى توطين نحو خمسة ملايين نسمة، وربط المنطقة بمحافظات مصر كافة، ودمجها مع دول حوض البحر المتوسط والدول العربية المجاورة.
والمشروع الثاني هو مشروع منخفض القطارة، لتوفير طاقة كهربائية تبلغ نحو 2500 كيلووات/ساعة سنويا، وتوطين نحو أربعة ملايين نسمة من سكان الدلتا والوادي، وتوفير فرص عمل لهم فى المجال الصناعي، أما المشروع الثالث فهو مشروع توشكي، لتنمية جنوب الصحراء الغربية، بإضافة 540 ألف فدان للرقعة الزراعية حتى مليون فدان.
2- إنعاش خزان الحجر النوبي
لم تكن الأمطار مجرد زخات عابرة، بل كانت بمثابة هبة من السماء، حققت إعجازًا آخر، حيث ساهمت في إعادة شحن خزان الحجر النوبي بمياه وفيرة، ويُعتبر هذا الخزان، الذي يمتد على مساحة تتجاوز مليوني كيلومتر مربع في أربع دول أفريقية، واحدًا من أكبر نظم الخزانات الجوفية في العالم ومصدرًا حيويًا يزود مصر وليبيا والسودان وتشاد بالمياه. وقد وصلت مستويات المياه بالخزان إلى درجات تنذر بتدهوره خلال السنوات الماضية، وهو ما دعا التقارير الأممية لتشير إلى أن هناك حاجة ملحة للحفاظ على هذا المورد النادر والتأكد من استدامته للأجيال القادمة.
ووفقا لبيانات وزارة الزراعة فإن الامطار الاخيرة أدت لإعادة شحن وتجديد مياه الخزان الجوفي النوبي وتقليل نسبة الملوحة خاصة فيما يسمى لدى مزارعي محافظة الوادي الجديد بالعيون السطحية التي تتدفق منها مياه الخزان الجوفي المستخدمة بالزراعة. وتشير التنبؤات الأولية إلى أن استمرار موجة العاصفة المطرية غير المسبوقة ١٢ يوما متواصلة يؤكد أنها ليست حدثا عارضا لن يتكرر، بل هي بداية دخول جنوب مصر إلى حزام الأمطار السنوية بالمنطقة المدارية، وذلك بحسب الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة.
3- زيادة مخزون بحيرة ناصر
جاءت أمطار العوينات لتثبت للجميع أن المياه الجارية في النيل هبة ربانية بامتياز، حيث أسهمت الأمطار الغزيرة في زيادة مخزون بحيرة ناصر، مما يعزز من موارد مصر المائية ويطمئن قلوب المصريين على حصتهم الربانية من مياه النيل. وقد عززت أمطار العوينات مستوى بحيرة ناصر بما يصل إلى ٢٠٠ مليون متر مكعب من المياه.
وما يبعث على المزيد من التفاؤل هو أن غزارة الأمطار لم تُسجل أي خسائر بشرية أو أضرار في المنشآت، ويعود الفضل في ذلك إلى الجهود المصرية السابقة في تحسين البنية التحتية لمواجهة السيول، مما يعكس مستوى من المسؤولية والاستعداد لمواجهة التحديات الطبيعية.
إن العجائب الثلاث التي شهدتها العوينات ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي تجسيد للقدرة الإلهية في عدالة الطبيعة، مما يضع البشرية أمام مسؤولية الحفاظ على هذه الهبات الربانية الطبيعية، ومعرفة كيفية الاستفادة القصوى من هذه النعم دون العبث بمقدراتها لضمان استدامتها ودرء أي مخاطر مستقبلية ناتجة عن هذا العبث، الذي أثار غضب الطبيعة، وأدى إلى ظهور تلك الموجات العنيفة للتحولات المناخية في مناطق كثيرة من العالم.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية