تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
القلب المكسور!
عندما هجرها زوجها فجأة دون أسباب طلب منها أن توقع على قسيمة الطلاق، فرفضت، وحتى يقنعها بما أقدم عليه، فقال لها آسف فطوال الـ 30 عاما لم أكن سعيدا، رغم ميزاتك المعروفة للجميع، وأقرها شخصيا، لذلك لا أطلب إلا أن توقعى على القسيمة لأرتبط بمن أحب، وسأترك لك كل ما جمعناه سويا طوال فترة زواجنا، حتى لا تتأثرى بغيابي،
ورغم شخصيتها المتماسكة،فإنها قالت له : إنك تخرب حياتي، فحرمتنى من الماضى السعيد الذى كنت جزءا منه، أما ما بقى من عمرى فيكرس لنسيانك، فأضعت علىّ الماضى والمستقبل!
هذه قصة فيلم لا أتذكر اسمه وإن أردت أن أسميه لقلت «القلب المكسور» فقد كسر قلبها. ومتلازمة القلب المكسور مرض يأتى من الصدمات العاطفية، وفيها يقع الإنسان فى خطر فقدان الثقة والضياع والخذلان، مما يشكل ضغطا نفسيا يسبب آلاما تشبه النوبات القلبية، من تسارع دقات القلب وضيق التنفس، لتعرض القلب لتدفقات مفاجئة من الهرمونات وزيادة فى الإنزيمات تصل إلى خطر الموت المفاجئ، من فرط التأثر من الصدمة.
والقصة على بساطتها لكنها تعبر عن فكر الراحل الكبير (سلامة موسى) فى كتابه «المرأة ليست لعبة الرجل» و نصح الناس بالزواج عن حب، لا عن احترام، والحب لا يقوم إلا بين شريكين متساويين، ورأى أن العلاقة الزوجية يجب أن تقوم على الزمالة لا الرئاسة، فالحب أبر أو أمن أو دعم للعائلة. ولا حب إلا بين متساويين متكافئين، وتغير العلاقة ضمان لسلامة الوطن كله لأن انقراض الأمم المتخلفة ليس خرافة بل حقيقة من حقائق التاريخ، وإصلاح تلك العلاقة أساس تطور المجتمع!
فأى تطور ممكن أن يحدث على القلوب المكسورة!
القلب المكسور قد يكسر من الأوطان أيضا، عندما يحب المرء بلده ويخدمها ثم يتعرض للنكران، لذلك تكريم شهداء الوطن وأسرهم واجب وطنى مقدس، للحفاظ على الأوطان، وقد شعر الفارس والشاعر النبيل (أبو فراس الحمداني) بالخذلان عندما ناضل للحفاظ على الدولة الحمدانية، ضد غزوات الروم، ووقع فى الأسر وأرسل لابن عمه (سيف الدولة الحمداني)، ليدفع الفدية وينقذه، فتباطأ لإنصاته لوسوسة المنافقين، بأن (أبى فراس) نال منزلة كبيرة عند الناس، قد تنال من عرشه، فحزن(أبو فراس) وكتب قصيدته الشهيرة «آراك عصى الدمع شيمتك الغدر» ومن يقرأها يظن أنها لحبيبة هجرته، وهى (نجلاء الخالدية) صاحبة الجمال مع الذكاء والكياسة والثقافة، وكانت تعذبه بدلالها، ولكنها كانت لابن عمه وصديقه المقرب (سيف الدولة) الذى كسر قلبه، لكنه وما أن سمع القصيدة حتى تأثر بها، وأرسل لإنقاذ الفارس صاحب القلب المكسور،
والقصائد المليئة بالألم والحنين ! يظن بعض الإخوة العرب أن مصر تحت وطأة الأزمات الاقتصادية وكوارث هوجة «يناير» قد أصابها كسر القلب، ويتساءلون عن النموذج الذى تقدمه الآن، وأجيبهم بأن النموذج الذى يعبر عنها هو «طائر الفينيق» الكائن العجيب، الذى يجدد نفسه ذاتيا ويخرج من رماده أكثر شبابا وتألقا،
لقد مرت أوقات عصيبة انكسر فيها قلب مصر، وكادت تروح ضحية التطرف والإرهاب والانقسامات، وتجرأ عليها الأعداء، وبنوا «سد النهضة» ليهددوا نيلها ومجرى الحياة فيها، ثم استردت عافيتها بفضل المؤسسة الوطنية المنظمة الممثلة فى الجيش، ليلملم الخلافات تحت راية وطنية واحدة ويبدأ طريق التنمية من جديد،
طائر الفينيق المصرى هو الشعب الصابر المكافح، الذى يساند قادته عندما تتوافر فيهم الثقة، أساس جميع العلاقات الإنسانية من سياسية إلى اقتصادية واجتماعية، فمن يسأل عن المصريين يسأل عنهم ملايين السودانيين والسوريين والعراقيين وحتى الإثيوبيين، الذين يحتضنهم المصريون بكل حب واحترام،
وتجد المصرى البسيط يقتسم اللقمة مع شقيقه العربي، الذى تعرض بلده للانكسار بفعل الفتن وغدر الخونة، فالشعب واع متعلم، فالمدارس والجامعات على امتداد الخريطة المصرية، وتصب التجارب المريرة والأفكار فى مجال الخبرة العامة والتطور الإيجابي،
فنتمنى أن يعى الأشقاء العرب أن مصر العروبة بشعبها وطاقاته وإبداعاته، وهى تفرح وتعزز من تطور أشقائها، لأنه يصب فى تطورها لشدة التأثير والتأثر فيما بيننا، وبدلا من أن تأتينا موجات التطرف والتصحر الفكرى باسم الصحوة الإسلامية، نرحب بالانفتاح على العالم والمستقبل بالتنظيم والإدارة والثقافة والفنون والطموح العربي، الذى يزدهر فى ملايين الفرص الاستثمارية المتاحة فى مصر فى ثوبها الجديد!
عواقب كسر القلوب وخيمة فى العلاقات الإنسانية والوطنية والقومية، علينا بالوعى بها بدلاً من أن ينشد كلّ للآخر قول (أبى فراس):
وفيت وفى بعض الوفاء مذلة / لفاتنة فى الحى شيمتها الغدر!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية