تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«العمل» مع وزيرة الفنون الجميلة!
عندما قال الشاعر الانجليزى (شيللى) إن غبطة الروح مبعثها العمل، عبر عن جوهر الوجدان والعواطف الداخلية فى الإنسان عند ارتباطها بالعمل، فمكانته تتعدى مجرد الكسب، وإضافة قيمة جديدة للأشياء للانتفاع بها بشكل أفضل، ولكن تعزيز للوجود، وإحساس عميق بالذات عند إنجاز العمل، فالسعادة فى الإنجاز! وبدونه الخواء الروحى الأقسى من الخواء المادي!
وورد فى القرآن الكريم (360) آية عن العمل و(190) آية عن الفعل، وكلها تحث على العمل الصالح، والتعاون على البر والتقوى، فهو أساس الحياة الفاضلة للإنسان وعليه يكون الثواب والعقاب، الحكمة الربانية أوضحت طريق السعادة فى العمل الصالح، لشفاء الروح والوصول للسعادة، فقد يكسب الإنسان الدنيا، ويخسر نفسه، فتضل روحه، ويعيش العذاب، ولا يذوق طعم السعادة، ومن ذاق عرف!.
وأعتقد أن عقدة مجتمعاتنا فى تصنيف العمل، بأن هناك عملا راقيا وآخر حقيرا، مما يخلق أزمة اجتماعية نفسية بين الناس، فيتولد التكبر ويقابله الحقد، وبالتالى تنتشر الكراهية والبغضاء والأحقاد، وما يترتب على ذلك من خلل فى العلاقات البينية بين الناس، بسيادة الروح الانتقامية، بعدم الإتقان أو المغالاة فى الأجور!
ولتفادى هذه الروح الشريرة، يتدرب الأطفال فى المدارس المتقدمة على احترام مختلف مراحل العملية الإنتاجية، من أعقدها لأبسطها، ويتناوبون العمل فى مختلف الأدوار الإنتاجية للشعور بأهمية كل دور واحترامه، التحفيز على العمل واحترامه العامل الأساسى ليصبح العالم أفضل، وما أصاب العمل فى مقتل ترهل الجهاز الإدارى، وفقدان روح المنافسة والتحفيز على التطور وبذل الجهد للتميز، وهذه الروح المتراخية لا تتفق مع سمة العصر والتغير السريع، حيث الإدارة التى تنظمها روح المشاركة فى العمل الجماعى والتى تسمح بالحوار والإبداع والخيال،
والثورة التكنولوجية فى عالم الاقتصاد العالمى المتقلب تحتاج إلى إدارة واعية، لاستقطاب المهارات والاستفادة من المواهب، التى تجد إغراءات فى عالمنا المفتوح من جهات خارجية بعيدة النظر، فتغوى المتميزين عندنا لينجحوا بعيدا عن البيروقراطية والأحقاد والترهل الذى لا يسمح بالتميز، كأن بلادنا تربى أولادنا للخارج لا الداخل، فالتحدى الآن كيف يصبح المجتمع بيئة خصبة لاحتضان المهارات والمواهب بالإدارة الواعية بعيدة النظر، والقادرة على علاج الترهل الإدارى المتراكم من سنين بلا علاج،
من بادرات الأمل فى الإصلاح الإدارى موظفو خدمة العملاء فى الشركات الجديدة والخاصة، حيث يحرص الموظف على إثبات إتقانه عمله واحترام العملاء بكل ما تتفضل به قريحته، ليؤثر فى العميل لينال رضاءه، ثم يوصيه بالاستبيان الذى سيصله بعد المكالمة عن مدى رضائه، وعن قضاء ما يلزمه بعد الاتصال، كذلك فى الشركات الكبيرة الحريصة على مكانتها تهتم برضاء العميل وتذليل جميع العقبات، لتضمن لنفسها مكانتها السوقية فى ظل المنافسة، فأصبح الطرفان فائزين، بعد إعلاء قيمة العمل كمعنى يخدم المجتمع، وليس لمجرد الكسب السريع، ولكن الكسب المركب والدائم، بالإدارة الواعية بالتنظيم والرقابة، مع الحافز والمكافأة وكذلك الاحترام.
البطالة تهدد روح الإنسان لا معيشته فقط، فالعمل قيمة فى حد ذاته، يحتاجها الإنسان ماديا ومعنويا، وفى عالم شديد التقلب، وكذلك التغيرات التكنولوجية والاقتصادية السريعة، نحتاج إلى مبادرات إبداعية للتكيف مع الواقع القهرى
ومن روائع الإبداع مبادرة «أزرع» التى أطلقها التحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموى والهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية مع وزارة الزراعة، للتوسع فى زيادة الرقعة الزراعية والنهوض بالمزارع المصرى، ودعمه فنيا ليساعد المجتهدين فى زيادة إنتاجيتهم وتقليل تكاليف الإنتاج، وقد بث المؤتمر الأول للتحالف الوطنى للعمل الأهلى بحضور الرئيس (عبد الفتاح السيسى)، الأمل فى النفوس، لإعلاء قيمة العمل الجماعى، والإبداع فى خلق فرص عمل جديدة ومثمرة، كانطلاقة على طريق الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، التى تسير عليه مصر لتضمن مكانتها التى تليق بها فى المنطقة والعالم!.
فى الظروف الاقتصادية الصعبة لا يوجد خلاص إلا بالعمل، وعلى كل فرد ومؤسسة بذل الجهد فى الابتكار والإبداع، وتعتبر المرأة المصرية وزيرة فى الحكومة ولكن وزيرة الفنون الجميلة، التى تجعل من منزلها ورشة عمل صغيرة لتلبية احتياجات أسرتها الصغيرة بالعمل وتصنيع احتياجاتها بأقل التكاليف لتستر أسرتها بدلا من الاتكال على جشع التجار!
ويرى الكاتب الاقتصادى (ويل ماكينيس) فى كتابه ثورة فى ثقافة الأعمال أن الأسلوب الأفضل للقيادة فى الشركات، ليس القيادة البطولية، التى يرجع إليها فى كل الأمور، ولكن أسلوب "البَستَنة" أى المنسق والمشرف الذى يساعد كل القطاعات على الإبداع والابتكار، ويذلل الصعاب أمامهم ليغرى المواهب والمهارات بتنمية مجتمعها، عوضا عن الهروب للخارج، وأعتقد أن هذا ما تحاوله الدولة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى! «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون..» صدق الله العظيم.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية