تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
صفقة إنهاء الحرب الأوكرانية
بعد ثلاث سنوات، تدخل الحرب الأوكرانية منعطفا جديدا وخطيرا بالنسبة لأوكرانيا، بعد تصاعد التوتر بين كييف وواشنطن، مقابل التقارب المفاجئ بين إدارة ترامب وموسكو. إعادة رسم السياسة الأمريكية تجاه روسيا، تثير مخاوف القادة الأوروبيين الذين يخشون أن تقوم الإدارة الأمريكية الجديدة بتقديم تنازلات كبيرة لموسكو وإعادة صياغة الترتيبات الأمنية فى القارة.
خلال الاجتماع الذى جمع وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا، فى العاصمة الرياض، وغابت عنه كييف، المعنية الأولى بهذه الحرب، والدول الأوروبية، تم الاتفاق بين البلدين على تسمية فريقين تفاوضيين رفيعى المستوى من أجل رسم مسار لإنهاء الحرب فى أوكرانيا، فى أقرب وقت ممكن، بطريقة دائمة ومستدامة ومقبولة من جميع الأطراف.
بهذا الخصوص، تطالب روسيا بأن تتنازل كييف عن 4 مناطق أوكرانية، أعلنت موسكو ضمها، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم، وبألا تنضم أوكرانيا أبدا إلى حلف شمال الأطلسي.
اما أوكرانيا، فهى تعتبر هذه الشروط غير مقبولة، وتطالب حلفاءها بضمانات أمنية قوية تردع روسيا عن غزوها مجددا.
وبالنسبة لترامب، فهو يعتبر أن انضمام أوكرانيا إلى الناتو لن يكون «واقعيا»، لكنه يؤيد بالكامل نشر قوات حفظ سلام أوروبية فى أوكرانيا، فى حال تمكن من الوصول الى صفقة مع روسيا تنهى الحرب، دون أن تشارك فيها القوات الأمريكية، على اعتبار بعد المسافة الجغرافية بين البلدين.
فى الواقع، هناك الكثير من التحديات التى يمكن أن تواجه نشر قوات حفظ السلام فى أوكرانيا.
أولا، هناك حاجة لموافقة مجلس الأمن، وأى قرار بهذا الخصوص سوف يعارضه فيتو روسيا والصين، وسوف يكون مصيره الفشل منذ البداية.
ثانيا، افتقار دول الاتحاد الأوروبى إلى القوى البشرية الكافية، خاصة أننا نتحدث عن الحاجة الى حشد ما بين 50 و 150 ألف جندي.
ثالثا، قد تواجه القوات البرية تهديدا على الأرض، بالإضافة الى التهديدات التى سوف تواجهها بلدانها.
رابعا، ستكون هناك حاجة إلى الدعم الاستخباراتى الأمريكى من خلال الاستطلاع عبر الأقمار الصناعية.
لهذه الأسباب وغيرها، يبدو أن تشكيل قوة حفظ السلام هذه سيكون أمرا يصعب تحقيقه بالنسبة للأوروبيين بمفردهم.
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الاثنين الماضى، قرارا صاغته أوكرانيا بدعم أوروبى يدعو إلى خفض التصعيد ووقف الأعمال العدائية، وإيجاد حل سلمى للحرب ضد أوكرانيا. وأقرت أيضا مشروع قرار أمريكى، رغم تحفظات حلفاء كييف الأوروبيين، يدعو إلى إرساء سلام فى أوكرانيا فى أسرع وقت ممكن، لكن من دون أن يتضمن أى إشارة إلى وحدة أراضى هذا البلد، بعد اعتماد تعديلات أوروبية عليه تتضمن تبديل عبارة «الصراع بين روسيا وأوكرانيا» بعبارة «الغزو الكامل لأوكرانيا من قبل روسيا».
مما لا شك فيه، لم تعد توجهات الأوروبيين والولايات المتحدة واحدة تجاه أوكرانيا. عودة ترامب للبيت الأبيض بعثرت كل الأوراق وأدخلت دول الاتحاد فى مأزق أمنى حقيقي. ربما كان ينبغى للاتحاد الأوروبى أو بعض الدول الأوروبية أن تقترح إجراء محادثات لإنهاء الحرب فى اوكرانيا قبل أن يطلق ترامب مبادرته الثنائية مع روسيا.
ومع غياب مثل هذه المبادرات تجاهل ترامب حلفاءه الأوروبيين، وتوجه مباشرة الى روسيا. ويبدو عازما على انهاء الحرب من خلال صفقة تعوض أمريكا خسائرها فى اوكرانيا. فى حال تم التوصل إلى اتفاق بين بوتين وترامب، سوف يتم تكريس أوكرانيا كبلد محايد، وسيكون من المستحيل استرجاع المناطق الأربع التى ضمتها روسيا فى 2022، لأن دستور البلاد لا يسمح بالتفاوض على أراض أصبحت روسية بموجب الدستور. وهو الامر الذى توافق عليه واشنطن.
يبدو ترامب مصرا على إدارة كل القضايا الدولية بعقلية «الصفقة»، حيث لا مجال الا لحسابات الربح والخسارة. ترامب يسعى للحصول على فرص استثنائية للشراكة مع روسيا وتطوير التعاون الاقتصادى بين البلدين، وهو ما يحقق، أيضا، أهداف موسكو. كما أنه يسعى للحصول على حق الوصول إلى 50% من المعادن الاستراتيجية لأوكرانيا، مقابل المساعدات الأمريكية التى تم تقديمها.
ترامب يبدو مقتنعا بقراراته، وأنها تخدم مصلحة أمريكا أولا. لكن، فى الواقع، سياسته الخارجية قد تؤدى إلى زعزعة الاستقرار العالمى وإضعاف مكانة أمريكا العالمية مقابل تقوية أعدائها. موقف ترامب من الحرب فى أوكرانيا سيدفع الأوروبيين الى المزيد من التسلح والاستقلال بحاجاتهم الدفاعية عن الولايات المتحدة. وقد بدأت دول الاتحاد الأوروبى، فعليا، البحث عن سبل لجعل استراتيجيتها الدفاعية أقل اعتمادا على الولايات المتحدة. ويتفق أغلب المسئولين الأوروبيين على ضرورة استثمار المزيد فى الدفاع. ومع الوقت، ربما سيتم التوجه نحو السلاح النووى، مما يزيد من الصراعات والحروب مستقبلا.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية