تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
تداعيات استئناف العلاقات السعودية ــ الإيرانية
بعد سلسلة محادثات مباشرة بدأت منذ 2021؛ خمس جولات كان جزء منها فى سلطنة عمان، وجزء فى العراق، وجزء آخر فى مفاوضات أمنية فى البحر الميت بالأردن، ثم هناك مفاوضات غير معلنة تمت فى الصين؛ وعقب مباحثات جرت مؤخرا مع الرئيس الصينى شى جين بينج، توصلت الرياض وطهران الى اتفاق يقضى باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
يشمل الاتفاق إعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية فى غضون شهرين، وينص بشكل أساسى على احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، واستئناف الاتفاق الأمنى الموقع بينهما عام 2001 والمعروف باتفاقية نايف – روحاني. وتعتبر هذه النقطة الأخيرة ذات أهمية على اعتبار ان معظم الخلافات بين البلدين تخص قضايا الأمن القومى، وطالما كانت الأجهزة والمؤسسات الأمنية هى الأكثر تحفظا فى مسألة فتح قنوات اتصال سياسية قبل تأكدها من صدق النوايا وجدية الأفعال التى تبدأ باتخاذ خطوات وقرارات واضحة ومحددة.
لا شك فى أن الاتفاق الأخير، الذى جاء بعد قطيعة دامت لمدة سبع سنوات، يعكس رغبة المملكة فى التوصل إلى اتفاق عملى يجسد واقع وأساس الخلافات القائمة مع إيران. وهو يعكس جدية الرياض فى الانتقال من القطيعة الرسمية إلى مسار علاقات طبيعية بكل ما تحمله هذه العلاقات من فرص وتحديات.
وقد تكون حالة عدم الاستقرار الراهنة فى المنطقة والعالم، أحد العوامل المحفزة لدفع السعودية لاستئناف علاقاتها بإيران، تفاديا لخروج الصراعات المشتعلة عن نطاق السيطرة، خاصة فى اليمن، التى تبحث المملكة عن مخرج عاجل وآمن من الحرب الدائرة هناك منذ سنوات، ولن يتم ذلك الا من خلال دور إيرانى فاعل.
الاتفاق، فى ذات الوقت، يعتبر تكتيكيا بالنسبة للجانب الإيرانى الذى يمر بظرفية اقتصادية وسياسية وأمنية واجتماعية حرجة، خاصة مع استمرار الاحتجاجات، وتهاوى العملة الإيرانية، وتوتر علاقات ايران الإقليمية والدولية نتيجة سياستها التوسعية وتدخلها فى الشئون الداخلية لبعض الدول، بالإضافة الى ملف ايران النووي. أيضا، إيران لديها مصلحة مؤكدة فى تطبيع علاقاتها مع السعودية، خاصة فى هذه المرحلة المضطربة من مراحل تطور النظامين الإقليمى والدولى، وهى فى حاجة لتأمين عمقها الاستراتيجي. كل هذه العوامل تجعل من الاتفاق الإيرانى – السعودى اتفاق هدنة ستحاول طهران أن تبدو من خلاله أقل حدة وأكثر التزاما.
مستقبل الاتفاق الراهن مفتوح على كل الاحتمالات. من ناحية، ما يدعو للتفاؤل بخصوصه هو الظرفية الدولية والإقليمية والداخلية التى قادت إليه، وأيضا وجود الصين كعراب وضامن له، وهو ما يمكن ان يشكل عنصر ضغط وتأثير فى حال عدم التزام طهران. وتعكس رعاية الصين للاتفاق:
أولا، رغبتها فى التأثير فى الملفات الدولية الكبرى من خلال لعبها أدوارا دبلوماسية ووساطة نشيطة فى مختلف الأزمات الراهنة. وقد سبق واقترحت بكين مبادرة من خمس نقاط لتحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط من خلال الحوار. كما قدمت، قبل أسابيع، مبادرة للسلام وإنهاء الحرب الأوكرانية الروسية.
ثانيا، اعتماد الصين على مصادر الطاقة فى الشرق الأوسط، حيث السعودية وإيران تمسكان بأهم مفاتيح تحقيق الاستقرار فى المنطقة.
من ناحية أخرى، من المهم أن تغير إيران من سياساتها وتراعى الشواغل والمخاوف العربية, خاصة أنه قد أثبتت مواقف سابقة بأن الإيرانيين عادة يمارسون سياسة تبادل الأدوار ما بين مؤسسات الدولة ومؤسسات الثورة. فى هذه الحالة، من المحتمل ان تتبنى طهران الرسمية سياسة إزالة التوتر مع دول الجوار وترويج خطابات حول احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، بينما قد ستستمر فى تبنيها نظرية المصدات وما يسمى بحروب الوكالة، فى وقت ستستمر سياسات ما تسمى بمؤسسات الثورة، فى التدخل فى الشئون الداخلية لدول المنطقة دون مراعاة لأى اتفاقات او التزامات رسمية.
على كل حال، إيران أمام اختبار حقيقى لحسن نواياها، والمنطقة أمام مرحلة جديدة فى العلاقات الخليجية الإيرانية، خاصة أن الإمارات قد سبقت السعودية بهذه التفاهمات. فإما سيفتح الاتفاق والالتزام الإيرانى الباب لانفتاح وتعاون أكبر ليس فقط بين البلدين ولكن بين ايران وبلدان أخرى بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، او سيسقط القناع فى أول مواجهة وستعود العلاقات الى مربع الصفر.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية