تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
هنا طوكيو!
هنا اليابان، حيث العمل حتى الثمالة، والنظافة حتى البريق، والانضباط حتى «الكمال»!
هنا اليابان، حيث الإبداع والحداثة، جنبا إلى جنب مع القيم، والأمانة، والأدب، وحب الوطن، واحترام الكبير.
هنا طوكيو، حيث الطابور «أسلوب حياة»، والبقشيش «عيبا»، والتسول والتسكع «عارا»، والانحناء والشكر والتفخيم لمن تعرفه ومن لا تعرفه.
هنا اليابان، حيث يطلب الموظف العمل ساعات إضافية بلا مقابل، وحيث يخجل اللص، إن وجد،من سرقة الغرباء!
القضايا هنا «هى هى»، والشواغل متقاربة، والمعاناة أيضا متشابهة، لا فارق بين طوكيو ولندن ودبى والقاهرة، غير أن التفاصيل تختلف.
السياسة، الاقتصاد، الحرب، حتى قضايا الأسرة!
قبل الوصول إلى طوكيو مباشرة، تصدرت قضية «المناخ» اهتمامات اليابانيين مجددا، بعد عاصفة ثلجية رهيبة أصابت النقل الجوى والبحرى والبرى بالشلل، بل وتسببت فى إيقاف قطار الـ«شينكانسن»، أو «الطلقة»، الذى تصل سرعته إلى 360 كيلومترا فى الساعة، مع درجات حرارة تحت الصفر.
وقبل الوصول، وبعد الوصول أيضا، لا ينقطع الحديث مطلقا عن «عاصفة» من نوع آخر، وهى خطة السياسة الدفاعية اليابانية الجديدة «غير المسبوقة»، والتى تتضمن تخصيص 320 مليار دولار لتقوية قدرات اليابان العسكرية، والتزود بصواريخ قادرة على ضرب مناطق مجاورة، مع إمكان شن «ضربات مضادة» بشروط معينة ضد دول «معادية»، وهى رسالة أقلقت الجيران، رغم أنها بالتأكيد نتاج واقع إقليمى ودولى مرير، عنوانه تهديدات كوريا الشمالية، وتفاصيله حسابات وصراعات إقليمية دفينة.
هذا التحول اليابانى، جاء متزامنا مع فوز اليابان بمقعد غير دائم لمدة سنتين فى مجلس الأمن الدولى، علما بأنهاتملك خطة طموح لتعزيز دور الأمم المتحدة، ونقل قضية إصلاح مجلس الأمن الدولى من مرحلة «النقاشات»، إلى مرحلة «الإجراءات»، وفقا لتعبير وزير الخارجية يوشيماسا هياسي.
قضية أوكرانيا وتداعياتها تبدو «أم القضايا»، صحيح أن موقف اليابان الرسمى فيها واضح ضد الغزو الروسى، ولكن هذا لم يمنع خروج تصريح مغاير من رئيس الوزراء الأسبق يوشيرو مورى، المثير للجدل دائما، ينصح فيه حكومة بلاده بعدم «الإفراط» فى تأييد زيلينيسكى، «لأن روسيا لن تخسر هذه الحرب»!
اليابانيون أصحاب ثالث أكبر اقتصاد فى العالم، يكتوون أيضا بنيران التضخم!
بعد الارتفاعات التى شهدتها أسعار السلع الأساسية فى 2022، يتحدثون الآن عن موجة ارتفاعات جديدة متوقعة فى فبراير، مما يعنى مزيدا من الضغوط على الأسر اليابانية، التى تشكو تآكل الرواتب، وعدم كفاية زيادات الأجور لتغطية تكاليف المعيشة.
الحديث الآن يدور أيضا عن ارتفاع محتمل فى أسعار الطاقة بنسبة 32%، بناء على طلب شركات الكهرباء، وهو ما يدفع الإعلام اليابانى إلى نشر «إرشادات» يومية عن أحدث طرق ترشيد استهلاك الكهرباء، مثل ارتداء الصوف شتاء بدلا من استخدام أجهزة التكييف فى التدفئة.
قضايا الأسرة والمجتمع أيضا تشغل بال اليابانيين، فهم شعب شرقى محافظ بطبعه، مهما تكن موجات «التغريب»، بدليل أن رئيس الوزراء فومو كيشيدا حذر أمام البرلمان قبل أيام من دعوات لإباحة زواج المثليين، لخطورة ذلك على هيكل الأسر اليابانية، حتى وإن ظلت اليابان طويلا هى الدولة الوحيدة بين مجموعة الـG7 التى لا تزال تحظر هذا العبث.
كيشيدا أيضا يواجه صداع قضية «شيخوخة» المجتمع اليابانى، فعدد السكان يتناقص، والمواليد الجدد فى انخفاض، والأعمار تتقادم، فاليابان التى يقل عدد سكانها الآن عن ١٢٦ مليون نسمة استقبلت أقل من 800 ألف مولود فقط العام الماضى، وهو انخفاض قياسى، ويناقشون الآن تقديم دعم نقدى للأسر التى تنجب أكثر من طفل!
والطريف أن مما يدعم تنامى هذه الظاهرة فى اليابان الارتفاع الفائق فى مستوى الرعاية الصحية للسكان!
حتى «بند» حوادث الطرق يستحق التأمل، فنظام المرور هنا فى اليابان لا يسمح بغلطة، واليابانى الذى يتجاوز لم يخلق بعد!
ولذلك فاليابان من أقل دول العالم فى حوادث الطرق، ووفياتها 2610 فقط عام 2022، بانخفاض 26 ضحية عن العام الذى سبقه، والحكومة الآن «راسها وألف سيف» أن ينخفض هذا العدد إلى ألفى وفاة سنويا أو أقل بحلول 2025!
فى توترات عام ٢٠٢٢، وما قبله، عانى اليابانيون مثل غيرهم، ولكنهم مع ذلك يعملون، ويبدعون، ولا يشتكون، ويتفاءلون بالعام الحالى، لأنه عام «الأرنب»، الذى يحمل معه دائما فرصا كثيرة للهدوء وراحة البال!
لا تقلق أبدا على شعب يقرأ، ويعمل، ويتخذ «الذوق» عقيدة له!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية