تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

هل هذا وقته؟

تسليح الجيش «مش وقته»، الإصلاح الاقتصادي «مش وقته»، تحديث التعليم «مش وقته»، فتح ملف الدعم «مش وقته»، فض الاشتباك بين المالك والمستأجر أيضا «مش وقته»!

كله «مش وقته»، و«فيه أولويات»، و«الناس مش مستحملة»، و«الدنيا ها تولع».

طيب، أمال إمتى «وقته»؟ وأي وقت هو الآن؟ وما هي الأولويات بالنسبة لنا؟

هل هناك قوة خفية لا تريد لهذا البلد أن يفعل شيئا في أي شيء؟

هل هذه القوة المعطلة، من مصلحتها أن تبقى مصر هكذا «محلك سر» في كل المجالات، وعلى كل الأصعدة؟

هل ما يحدث من تخويف وتيئيس وتبكيت مع أي خطوة إلى الأمام مجرد «أنانية»، أم «صراع مصالح»، أم خوف زائد مما هو قادم؟ أم أن الموضوع تحول إلى «مرض نفسي»؟

أحسن البرلمان صنعا ببدء مناقشاته لمشروع قانون «الإيجار»، الذي طال انتظاره عقودا طويلة، ظلم فيها من ظلم، وسرق فيها من سرق، وطفش فيها من المستثمرين ورجال الأعمال من طفش!

سيصدر القانون، الآن، أو غدا.

ولا ننسى أن حكم المحكمة الدستورية الصادر في التاسع من نوفمبر العام الماضي 2024 كان واضحا وصريحا وصارما، إذ قضى بعدم دستورية ثبات الأجرة السنوية اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام بالقانون رقم 136 لسنة 1981.

ليس هذا فحسب، بل إن المحكمة الدستورية حددت أن تكون بداية نفاذ آثار حكمها هذا في اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي. يعني «قضي الأمر الذي فيه تستفتيان»!

إذن، القانون سيصدر، سيصدر.

ولم يعد هناك من مفر سوى أن يصدر بأفضل صورة ممكنة، وبأكبر قدر من التوازن بين مصلحة المالك، وحياة المستأجر، مع مراعاة العدل، والبعد الاجتماعي.

البرلمان أمامه واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في التشريع العقاري المصري.

فهذا القانون ليس مجرد نص قانوني عادي، بل هو نقطة تقاطع بين عدالة اجتماعية، وحقوق تاريخية، وواقع اقتصادي.

وإذا كانت جذور أزمة الإيجار القديم تعود إلى القوانين التي صدرت في منتصف القرن العشرين، والتي جمدت عقود الإيجار القديمة، ومنعت الملاك من زيادة القيمة الإيجارية، أو استعادة ممتلكاتهم إلا في حالات محدودة، فإن هذه القوانين تحولت، مع مرور الوقت، إلى عبء على الملاك، حيث أصبحت القيمة الإيجارية زهيدة جدا، لا تتجاوز بضعة جنيهات في بعض الحالات، بينما ارتفعت أسعار العقارات والإيجارات الجديدة بشكل كبير، وأدى ذلك إلى تدهور العديد من المباني القديمة.

ولا يبدو إرضاء الطرفين في أي تشريع جديد أمرا سهلا.

فالملاك يقولون إن القوانين القديمة انتهكت حقوق ملكيتهم، وحرمتهم من الاستفادة من عقاراتهم لعقود طويلة، ويريدون تحرير العلاقة الإيجارية، ورفع القيود المفروضة على زيادة الإيجارات، وإعطاءهم الحق في استعادة ممتلكاتهم.

والمستأجرون يرون أن أي تغيير في القانون سيهدد استقرارهم المعيشي، خاصة كبار السن وأصحاب الدخل المحدود، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، والتعويضات المقترحة قد لا تكون كافية لإيجاد مساكن بديلة بأسعار مناسبة. 

الحديث الآن في البرلمان يدور، وبصورة راقية للغاية، حول «حل وسط»، مثل زيادة الإيجارات بشكل تدريجي على مدى سنوات لتخفيف الصدمة على المستأجرين، مع منح الملاك حق استعادة العقارات، ودفع تعويضات مناسبة للمستأجرين، ربما عبر صندوق حكومي، وإعفاء كبار السن وذوي الدخل المحدود من الزيادات المفاجئة.

.. طبعا البرلمان أمام مشكلة حقيقية، ومهمة صعبة. فإذا انحاز للمستأجر، بحجة البعد الاجتماعي وأنه الفئة الأضعف والأكثر عددا، بقي الحال على ما هو عليه، من تشوهات، وبخس حقوق، ولا ننسى حكم «الدستورية».

وإذا انحاز للمالك، لاتهم بأنه رضخ لمطالب فئة قليلة، وخضع لضغوط رجال الأعمال وصراخ ملاك العقارات، ولتسبب في تشريد ملايين الأسر. والأمر المؤكد أن التوازن مطلوب، والتدرج في الحل أيضا مطلوب.

والأمر الأكثر تأكيدا هو أن إصلاح هذا الخلل العتيق سيكون في مصلحة الاقتصاد بصفة عامة، والاستثمارات بصفة خاصة، والسوق العقارية بصفة أكثر خصوصية، حيث سيشعر الملاك بالأمان في استثمار أموالهم في العقارات دون خوف من تجميد قيمتها، فضلا عن تحسين حالة المباني القديمة، لأن الملاك سيكون لديهم موارد مالية لصيانتها وترميمها، وكذلك تقليل النزاعات القضائية، حيث سيتم حل المشكلة جذريًا بدلًا من استمرار الصراع لعقود أخرى.

.. والخلاصة:

القانون قادم قادم.

وعصر «التشوهات» انتهى.

وكان الله في عون البرلمان، المطالب بـ«العدالة» و«التدريج» معا، دون الانحياز لطرف دون آخر.

والتفاصيل ستقول كل شيء.

.. وهذا هو «وقته».

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية