تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > هاني عسل > مصر وفلسطين و«بق الفراش»

مصر وفلسطين و«بق الفراش»

هات ورقة وقلما، واكتب على اليمين أسماء الدول، وعلى الشمال مواقف كل دولة مع مصر ومن مختلف القضايا الدولية والإنسانية، ثم فى خانة ثالثة، أو على الهامش، ردود أفعال كل دولة بعد «طوفان الأقصى»، وما تلاه من أحداث، تجد «العجب». إسرائيل التى كانت «أبواقها» الإعلامية تقاتل على المنصات الإلكترونية، وتنتج أفلاما سينمائية خبيثة من نوعية «جولدا» و«هاميزاح»، لإقناع العالم بأنها الفائزة فى أكتوبر ٧٣، وبأنها لا تقهر، ولديها قبة حديدية وقوة تكنولوجية وديمقراطية تحمى «أرضها»، لا تجد الآن ما تبرر به نكبة ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ على يد شعب لا يملك من العتاد سوى «الحق»، وحاربت بالبنادق والخفافيش الطائرة.

 

الاتحاد الأوروبى الذى صدع أدمغتنا بأنه يدافع عن الحقوق الفلسطينية ويتبنى حل الدولتين، ويقوم بدور حامى حمى الإنسانية والحريات فى العالم، يخرج علينا بعد «الهبة» الفلسطينية، ليعلن تضامنه الكامل مع إسرائيل فى هذه «الأوقات الصعبة»، ويصف مسئولوه منفذى الهجمات الفلسطينية بـ«الإرهابيين»، ويؤكدون حق إسرائيل فى «الدفاع عن نفسها».

البرلمان الأوروبى الذى ترك أعضاؤه مشكلة «بق الفراش»، واستأسدوا على مصر، وفضحوا بسذاجة شديدة أسماء «رجالهم»، تحولوا بين يوم وليلة إلى «قطط»، لا تسمع لهم كلمة، ولا حتى «همسة»، عما يجرى فى فلسطين، وكأن القضية خارج إطار اهتماماتهم الإنسانية النبيلة!

بريطانيا وألمانيا وفرنسا، «كبار ممولي» النضال الأوكرانى ضد روسيا، والذين قدموا أسلحة وعتادا بمليارات الدولارات لإبقاء هذه الحرب المجنونة مشتعلة لأطول وقت ممكن، يدافعون الآن عن حق «الاحتلال» الإسرائيلى فى الرد على الهجمات الفلسطينية، رغم أن الفلسطينيين تحت الاحتلال أيضا.

ماكرون أقر صراحة بحق تل أبيب فى «الانتقام»، وسوناك تعهد لإسرائيل بتقديم «كل الدعم الذى تحتاجه».

أمريكا، «كبيرة» العالم، وراعية إسرائيل، والتى علقت مساعداتها لمصر بضغوط لوبى الإرهاب والفوضى، عقابا للمصريين على «استقلالية» قرارهم، هى نفسها التى أعلنت بوضوح مع بدء طوفان الأقصى أن الحديث مع مصر «أساسي» للتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

منظمة «العفو الدولية» ومنظمة «هيومن رايتس ووتش»، وباقى «أكشاك» حقوق الإنسان، التى تقيم الدنيا وتقعدها إذا أصيب ناشط «ما يسواش مليم» بـ«خربوش» فى مصر، لم تصدر منهم بيانات، ولا تصريحات، ولا حتى «تنهدات»، بشأن جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى منذ عقود، ولا بشأن غاراتها الانتقامية ضد المدن الفلسطينية بعد بركان 7 أكتوبر.

إيران المتهمة من أمريكا وإسرائيل بـ«تخطيط» العملية الفلسطينية، سارعت لنفى مشاركتها فى الهجمات! تركيا، صارت الملاذ الأكثر شعبية للسكان الإسرائيليين الفارين من «المعركة»!

دول أخرى، منها من توخى الحياد، أو تابع فى صمت، ومنها من تبنى مواقف «مائعة».

قليلون جدا من تبنوا مواقف معقولة. موقف الصين وروسيا مثلا يحترم. الأولى دعت لحل الدولتين «الآن»، وهو ما أغضب إسرائيل، والثانية دعت للتسوية، ولم تقر بحق إسرائيل فى الدفاع عن النفس. «المطبعون» ضربوا «لخمة». امتلأت ورقتنا الآن بالمعادلات الصعبة، والمعطيات الغامضة، وبكثير من الأقنعة أيضا. وخارج هذه الورقة، يستحق موقف مصر كل التقدير، والإعجاب أيضا، فلم يكن موقفا بقدر الأحداث فحسب، بل كان أيضا بقدر ومكانة مصر وقيمتها وشرفها، وأمانة وقوة قادتها. الرئيس تابع الموقف لحظة بلحظة. التحركات المصرية لم تهدأ دفاعا عن الشعب الفلسطيني. الاتصالات التى تلقاها وزير الخارجية سامح شكرى، كانت غير مسبوقة، ولم تحدث مع أى دولة أخرى. بيان الخارجية المصرية كان حاسما من اللحظة الأولى، فدعا صراحة الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى للتهدئة، وحذر من خطورة التصعيد على المنطقة، والعبارة الأوضح هى «حث إسرائيل على وقف الاعتداءات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطينى، والالتزام بقواعد القانون الدولى الإنسانى فيما يتعلق بمسئوليات الدولة القائمة بالاحتلال». هذا هو الكلام، فقد بحت أصوات مصر وهى تحذر على جميع المستويات من «انفجار» الوضع الفلسطينى بسبب تكرار الانتهاكات الإسرائيلية، وها قد حدث الانفجار فعلا. حتى على المستوى الشعبى، تعامل الرأى العام المصرى مع أحداث فلسطين بوعى شديد، وبمزيج من الحماسة الوطنية والحكمة، بدليل رد فعله تجاه حادث الإسكندرية العارض، الذى حاول البعض استغلاله، أو تأويله. وتبقى كلمة: باستثناء «الرئيس» السيسى، لم نسمع حتى يومنا هذا آراء أى من مرشحى الرئاسة فى الحرب الجارية على حدود مصر الشمالية، لعل المانع خيرا! وأخيرا.. الحمد لله على نعمة الوطن، و«الشرف».

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية