تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
كلهم «حسن الصباح»
«الحشاشون» فكرة، والفكرة لا تموت.
الحشاشون بيننا، وعلى كل شكل ولون.
وحسن الصباح الذى مات منذ قرون، لدينا منه «عُشرميت» حسن الصباح. الحشاشون، لكل من يسأل لماذا ننتج مسلسلا ضخما عنهم الآن، هم مصيبة منطقتنا. هم كل من كفّر غيره، واستعلى بغبائه، و«كيّف» الدين على هواه، وصنع من نكرات ومجرمين ومصاصى دماء قديسين وأيقونات، ولعب على وتر «الظروف»، ودغدغ المشاعر والعواطف، وأظهر خلاف ما أبطن، وتقرب إلى الفقراء والجهال بالمكر والخديعة و«المسكنة» والمظلومية، واستحل القتل والدم والشر والفتنة والغش والخداع والخيانة، وأوجد لها مليون مبرر. الحشاشون هم كل من خرج على الحاكم، وعلى الدولة، وعلى النظام، وعلى القانون، وعلى صحيح الدين، ومنهجه المعتدل، ورأى أنه وحده على حق، والآخرون طغاة، وفسدة. الحشاشون هم خوارج كل عصر. هم داعش، والقاعدة، والإخوان، والسلفية الجهادية، والعملاء، والخونة، والجواسيس، ونشطاء الربيع العربى الذين جلبوا الخراب والفتن والفرقة للمنطقة، إلا من رحم ربى.
كلهم حسن الصباح. خذ عندك الإخوان مثلا. كانوا صنيعة الإنجليز، ثم ارتدوا ثوب الوطنية وحاربوهم. تقربوا من فاروق، ثم كانوا أول من انقلبوا عليه. ساندوا الضباط الأحرار، ثم كفروا عبدالناصر، ولقبوه بالديكتاتور، و«الطاغوت الأكبر»، ورقصوا فرحا لهزيمة مصر ومشروعه فى 67. آمنوا بالسادات، وسبحوا بحمده، ثم غدروا بالرئيس «المؤمن»، وكفروا به، وكفّروه أيضا، ولقبوه بـ«الخائن العميل»، وأهدروا دمه بغير حق، وقتلوه مرتين، مرة فى 6 أكتوبر 1981، ومرة عندما حشدوا قتلته فى ذكرى الحرب نفسها إبان حكم الإخوان، فى أحد أسوأ وأسود مشاهد العبث فى تاريخ مصر الحديث. استفادوا من مبارك، ووُجدوا تحت سمعه وبصره فى الشارع، والبرلمان، والنقابات، والمساجد، وعندما سنحت لهم الفرصة، غدروا به، وسبوه وأهانوه فى الميدان، ولقبوه بـ«المخلوع»، وحاكموه، ورفضوا خروجه من السجن إلا على القبر. وعندما تولوا السلطة فى مصر، قتلوا، وخانوا، وضحوا بخير أبنائها، وكادوا يبيعون مصر بأكملها، لولا ستر الله وحده، ورحمته بهذا البلد، وتدبيره للأسباب، وعندما أطيح بهم، خرجوا فى الشوارع شاهرين أسلحتهم، وأوهموا العالم بأنهم «ثوار كيوت» و«بتوع ديمقراطية»، رغم أنهم فى واقع الأمر، أطيح بهم كما أطاحوا بمبارك، بل وبشكل أكثر سلمية مما حدث فى «فوضى» يناير، ولم يأت رئيس منهم للحكم إلا بانتخابات الزيت والسكر والجنة والنار و«تقفيل» اللجان، فلم تكن حرة، ولا ديمقراطية، ولا نزيهة، ولو كانوا استمروا سنة أخرى فى السلطة، لكانت مصر الآن غير موجودة على الخريطة. الحشاشون الجدد، الذين يبتسمون فى وجوهنا ليل نهار، ويزعمون أنهم بتوع ربنا، ويريدون الخير لمصر، ومع البسطاء والغلابة، هم أنفسهم الذين كفروا المجتمع، وعادوا كل الحكام، وحاولوا تفجير القناطر الخيرية، وخططوا لاغتيال عبدالناصر، وقتلوا السادات، وهتفوا لمبارك «ارحل يا ...».
هل نسينا أن من خرجوا من ممر «رابعة» الآمن، هم أنفسهم الذين فجروا المساجد والكنائس، واستحلوا دماء المصريين فى مظاهرات واغتيالات وعمليات إرهابية سرقت من عمر واقتصاد هذا البلد سنوات عديدة؟ هل نسينا المظاهرات الأسبوعية التى كانت تخرج فقط لتصوير «اللقطة»، وبثها للخارج، وقبض الثمن، لإيهام العالم بأن هناك شعبا يثور؟ هل نسينا شائعات إغلاق البنوك وسرقة الودائع وإفلاس مصر، وتفجير محطات المياه، وأبراج الكهرباء؟ هل نسينا إلقاء الزيت فى الشوارع، وإبطاء سير السيارات على الطرق السريعة؟ هل نسينا السب والبذاءة والتطاول فى حق مصر ورئيسها وجيشها ووزرائها وعلمائها وفنانيها، بل وشتيمة الشعب بالكامل؟ هل نسينا سحب الدولار وتخزين السلع؟ من تلاعبوا بالدين وعلقوا ورقة «هل صليت على النبى اليوم» فى كل مكان، هم أنفسهم الذين قاوموا بضراوة دعوة بريئة للصلاة على النبى فى المساجد! من قدموا لنا مسلسل «الريان» فى رمضان عام 2011، هم الذين يرددون الآن أن المسلسلات حرام، وتضييع وقت وفلوس! من استحلوا دماء المصريين، واحتفلوا بمقتل بشار، وأمهم جبريل فى رابعة، وجمعوا الملايين من التبرعات عبر التليفزيون و«اختفوا»، هم الذين يتطاولون الآن على العلماء، وآخرهم الشيخ على جمعة، مثلما نعت الحشاشون الغزالى بـ«عالم السلطان» لـ«حرقه». من طبلوا لسنوات لسخافة الدراما التركية، و«سماجة» الدوبلاج الشامى، هم الذين ينتقدون الآن العامية المصرية! أبعد كل هذا نسأل لماذا مسلسل عن «الحشاشين»؟ هل كان يجب تسميته «الاختيار4» حتى نفهم الرسالة؟ ونعرف المطلوب؟ نوبة صحيان، وارتقاء، وقراءة للتاريخ، يا مصريين، فـ«الحشاشون» ينتظرون مجرد ثغرة، أو هفوة، أو غفوة، للعودة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية