تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
على الطريق الصحيح
لماذا الإصرار على «شيطنة» الصندوق؟
هل اعتدنا على هذا الخطاب من باب الاستسهال؟
قالوا قديما إن صندوق النقد الدولى إما أن يكون «الملاك الحارس» أو «المنقذ» لدولة ما، وإما أن يقدم لها «قبلة الشيطان»!
ولكن، من يحدد ذلك هو «الزبون» نفسه!
..
نعترف بأن اقتصادنا محاصر بالضغوط والتحديات التى لا ذنب لنا فيها، ومليء بالتشوهات التاريخية القديمة، ونحتاج بالفعل لمن يساعدنا.
بالتأكيد، مساعدات «الصندوق» لمصر ليست دواء مرا فحسب، وإنما «حقنة»، بل مجموعة حقن مؤلمة لابد منها، لمواجهة التحديات، وعلاج التشوهات.
لماذا الصدمة دائما إزاء أى قرارات اقتصادية تؤثر على أسعار سلع وخدمات.
علينا أن نقر بأنه ما زال أمامنا الكثير جدا لكى نضع اقتصادنا على المسار الصحيح، وأيضا لكى نعالج أزمات وأوضاعا تاريخية «عميقة»، يحسب للحكومة الحالية أنها اختارت التصدى لها، ومواجهة آثارها بشجاعة.
لماذا الشكوى و«العويل» كلما ارتفع سعر سلعة أو خدمة، بالتزامن مع اتفاق جديد بين مصر والصندوق، رغم أن كلنا متضرر، ولكن الفارق فى «الوعي» و«الثبات».
فى وقت الأزمة، إما أن «تلطم»، وإما أن تبحث عن حل.
إما أن تلعن الظروف، أو أن تضغط على نفسك وتعالج مشكلاتك بهدوء وصبر و«جلد».
إما أن تعتمد على نفسك، أو أن تستعين بصديق، أو كليهما!
هذا الكلام ليس الهدف منه «تزويق» الأمور، وتبرير علاقة مشروعة ومنطقية تماما بين مصر و«الصندوق»، لكن الهدف رؤية الأشياء بشكل منطقى وعقلانى، بعيدا عن لغة مغازلة الشارع، ودغدغة مشاعر الناس بشعارات اشتراكية ثورية لم تعد تصلح لزمننا، ولم يعد يطبقها حتى من وضعوها ونادوا بها، ولم تعد تجدى لحل أى شيء.
تقرير المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولى حول برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، تضمن دون أدنى شك الكثير من الجوانب الإيجابية جدا بالنسبة للأوضاع الاقتصادية فى مصر، وتناول أيضا عددا من الجوانب السلبية التى نعرفها وندركها ونتحدث عنها ونحاول علاجها. تقرير المراجعة، وكل تقارير المراجعة السابقة، والقادمة أيضا، يجب أن ننظر إليها على أنها «لحظة حقيقة» وتحديد مسار.
فإما المكاشفة، ومد الأيادى فى «أعشاش دبابير» عتيقة لم يقترب منها أحد.
وإما إرضاء الجماهير، وترديد موال «الغلابة»، و«الناس تعبانة»، ومن ثم زيادة الأعباء على الدولة.
تقرير المراجعة الرابعة للصندوق «يشهد» بأن مصر حققت كثيرا من الإيجابيات فى الفترة الأخيرة، فقد نجحت فى القضاء على فجوات سعر الصرف، بين السوق الرسمية والسوداء «الموازية»، ونجحت فى تقليل الطلب على الدولار، مما أسهم فى تلبية احتياجات المستوردين والأفراد بشكل أكثر استقرارا.
زادت الإيرادات الضريبية لتتجاوز 900 مليار جنيه فى النصف الأول من العام المالى الجارى (لا اقتصاد ولا دولة بدون ضرائب).
زادت تحويلات المصريين بالخارج (30 مليار دولار العام الماضى).
زاد الاحتياطى النقدى (47.394 مليار دولار).
زادت إيرادات السياحة (15 مليار دولار).
زادت الاستثمارات الأجنبية المباشرة (46 مليار دولار).
زادت الصادرات (45 مليار دولار).
...
الصندوق يرى جوانب إيجابية كثيرة فى هذه الأرقام، لأن كل هذا تحقق فى ظل ظروف جيوسياسية سيئة للغاية، أبرز تداعياتها استقبال ما يقرب من 12 مليون «ضيف» أجنبى، دون مساندة دولية حقيقية، فضلا عن تراجع إيرادات قناة السويس بنحو ستة مليارات من الدولارات.
وفى المقابل، لا نغفل أن تقرير الصندوق تناول أيضا نقاطا سلبية، أو مواضع خطر حذر منها، فهو يرى ضرورة تعزيز مرونة سعر الصرف، لأنه لا يزال يتقلب فى نطاق محدود، ويرى أن الأمر يتطلب مزيدا من الإجراءات لتحقيق سعر صرف مرن بشكل «كامل».
ويرى أيضا ضرورة تعزيز الإيرادات المحلية من خلال زيادة الضرائب، ورفع أسعار الكهرباء والمحروقات والاتصالات، فضلا عن أهمية دعم قطاعات الإنتاج، وخلق موارد دولارية جديدة، وترشيد الإنفاق العام، وهى أمور تعمل عليها الحكومة بالفعل، ولكن بحرص، لكى لا تزداد الأعباء على المواطن أكثر من ذلك، علما بأن عدم معالجة هذه الجوانب بسرعة تعنى أيضا مزيدا من العبء على الاقتصاد، يعود على المواطن نفسه لاحقا. إن شهادة صندوق النقد لمصر إيجابية، وتعنى أن الدولة تسير على الطريق الصحيح. بقى فقط أن يستوعب المواطن فكرة أن العالم يتغير، والتضخم موجة عالمية، والتحديات المحيطة بمصر هائلة.
وكلنا أمل فى أن تتحسن الأمور، وأن يلهمنا الصبر على آلام «حقن» لا مفر منها، ولا بديل عنها، ولم يكن مفروضا أبدا أن تتأخر كل هذا الوقت.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية