تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
حجر رشيد فى المتحف الكبير!
أيها السادة. هذا هو وقت الحديث عن حجر رشيد!
لا يوجد في رأيي وقت أفضل من هذا لإثارة الموضوع بكل جدية، مع بريطانيا، والمجتمع الدولي، والدول الصديقة لمصر، واليونسكو.
هذا الزخم العالمي المصاحب لحفل الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير يجب أن يستغل جيدا. ودور مصر في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، والمكانة الرفيعة التي بلغتها بعد اتفاق شرم الشيخ، يجب أن يستفاد منهما. وقوة العلاقات بين مصر وبريطانيا حاليا يمكن أن تمهد لإعادة فتح الحديث حول هذا الموضوع الشائك، الذي يجب ألا يكون شائكا بالنسبة لنا كأصحاب حق، بل يكون شائكا لهم!
إن اللحظة الحالية التي تشهد فيها مصر افتتاح أحد أعظم صروحها الثقافية، لهي بكل تأكيد اللحظة الأنسب لإطلاق حملة دبلوماسية شعبية جادة لاستعادة حجر رشيد. فهذا الحجر ليس مجرد قطعة أثرية، بل هو رمز للهوية المصرية وشاهد على إنجاز حضاري قدم للإنسانية أعظم الخدمات باكتشاف أسرار الكتابة الهيروغليفية.
ولا شك في أن عودة حجر رشيد إلى موطنه الأصلي، مصر، ستكون رسالة قوية للعالم بأن مصر استعادت إرادتها، وقادرة على استرداد تراثها، وأن حقوق الشعوب في تراثها لا تسقط بالتقادم.
فالمتحف المصري الكبير ليس مصمما فقط ليكون بيتا لتوت عنخ آمون وكنوزه، وتماثيل أحمس ورمسيس وتحتمس وحتشبسوت، بل يجب أن يكون المقر الحصري والطبيعي جدا لكل الآثار التي تمت لمصر بصلة.
يجب أن يكون بيتًا يعود إليه الابن الضال «حجر رشيد»، أو Rosetta Stone، وغيره من الآثار المنهوبة، فيكون الاحتفال بالافتتاح اكتمالاً للحلم وتحقيقًا للعدالة التاريخية التي تنتظر منذ أكثر من مائتي عام. فحجر رشيد، هذا الأثر الذي مثل مفتاح لغز الحضارة المصرية القديمة، لا يزال محتجزًا بعيدًا عن أرضه التي أنجبته، بسبب خروجه من مصر خلال فترة احتلالها.
ويأتي الافتتاح المرتقب للمتحف المصري الكبير بمنزلة انطلاقة لصرح حضاري يعيد كتابة تاريخ المتاحف العالمية. ولا مبالغة إذا قلنا إن الافتتاح يوم السبت المقبل هو «حدث القرن»، ومشروع قومي تاريخي يضاهي في أهميته بناء هرم جديد.
.. في هذه اللحظة الفارقة، حيث تكون أنظار العالم مصوبة نحو مصر وحضارتها، يكون من المنطقي أن نطلق حملتنا الدبلوماسية والشعبية لاستعادة حجر رشيد، ليأخذ مكانه الطبيعي في «بيت مصر الجديد» بين آلاف القطع الأثرية التي تروي قصة حضارة شكّلت ضمير الإنسانية.
إن المطالبة باستعادة حجر رشيد ليست مجرد مطالبة عاطفية، بل هي قائمة على أسس قانونية وأخلاقية متينة.
فالحجر، لم يخرج بموافقة الحكومة المصرية، ولم يكن ضمن إجراءات رسمية أو نتائج حفائر بعثات أجنبية، بل أخذه الإنجليز عنوة من مصر في أثناء الحملة الفرنسية عام 1801، بعد مفاوضات بين دولتي احتلال. وهنا تكمن قوة الموقف القانوني المصري.
فحجر رشيد لم يخرج بطرق مشروعة، ولم يتم بيعه أو شراؤه، مما يضعفه أمام القانون الدولي والمواثيق الدولية التي تلعب لمصلحة مصر في هذه القضية، و«استرداد الآثار المسروقة والمنهوبة حق لا يسقط بالتقادم»، وفقًا للقانون الدولي وقرارات اليونسكو.
والأمر قد يكون صعبا، ولكنه ليس مستحيلا، فهناك نجاحات سابقة تعزز الأمل.
فقد قطعت مصر شوطًا كبيرًا في مسيرة استعادة آثارها المهربة، حيث استردت نحو 30 ألف قطعة أثرية في الفترة من 2014 حتى أغسطس 2024. هذا النجاح في استرداد الآثار يعزز الأمل في إمكان استعادة حجر رشيد، خاصة مع تطور آليات التعاون الدولي لمكافحة تهريب الآثار.
وما يقال عن حجر رشيد يجب أن يقال أيضا على أشهر الآثار المصرية في الخارج.
لا أتحدث فقط عن المسلة الفرعونية الشهيرة الموجودة في قلب باريس، وإنما أيضا عن تمثال نفرتيتي النصفي، البالغ ارتفاعه 50 سنتيمترا تقريبا، والموجود في متحف برلين، ليس فقط لأنه تحفة تدل على مدى تطور فن النحت في مصر القديمة، ولكن لأن ملابسات نقله إلى ألمانيا كانت غريبة أيضا، فقد تم إحضار التمثال إلى ألمانيا عام 1913 بموافقة مصلحة الآثار المصرية، كما يقول الألمان، وهو عذر أقبح من ذنب، لأن مصر لم تكن وقتها دولة مستقلة ذات سيادة. وعلى الغرب المتحضر أن يثبت ولو لمرة واحدة أنه قادر على اتخاذ قرار جريء بإعادة الحقوق إلى أصحابها.
فقط، علينا أن نتحرك بقوة.
.. الآن وليس غدا.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية