تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

بضاعة أتلفها الإنجليز!

هذه بضاعتهم ردت إليهم! وبضاعتهم، من أردأ الأنواع، ومن النوع الذي لا يسترد ولا يستبدل! طبعا عن «الناشط» إياه أتحدث! هذا الشاب الذي أرادوا أن يصنعوا منه مانديلا، وفشلوا. أذكر جيدا أنه قبل سنوات، وفي لقاء بين دبلوماسي بريطاني كبير ومجموعة من الصحفيين المصريين، فوجئنا بالدبلوماسي يفتح موضوع هذا الناشط المسجون، بدعوى أنه نقطة سلبية على صعيد العلاقات المصرية البريطانية.

الدبلوماسي، وهو بريطاني مسلم من أصل هندي بالمناسبة، سأل قائلا: هل هذا الشاب – وقال اسمه بوضوح - خطر على مصر لهذه الدرجة، إلى الحد الذي يستمر حبسه طوال هذه السنوات؟!

وبقدر ما كان السؤال «فجا»، بقدر ما كانت الإجابة قاطعة وواضحة، وهي أن الشخص المذكور عبر عن آرائه ومواقفه بنفسه من خلال أفعاله في الشارع، وعبر تدويناته وتغريداته الواضحة على وسائل التواصل الاجتماعي، وحالته لا تختلف كثيرا عن حالة «الأخ» المناضل الذي اعترف على الهواء بجريمة حرق المجمع العلمي!. طبعا بعد الإجابة، «تكهرب» الجو، وتم تغيير الموضوع سريعا، إلى التعاون في مجالي التعليم والطاقة، وأشياء أخرى، من بينها «صلاح و«النني»، اللذان كان تألقهما وقتها في الملاعب الإنجليزية نقطة بيضاء نادرة في تاريخ علاقات البلدين!. لقد بذلت حكومة لندن جهدا خرافيا على مدى سنوات للمطالبة بالإفراج عن هذا الناشط، الذي لا يعرف أحد له عملا أو مهنة أو مصدر دخل، مجرد «ناشط»، أو «مؤثر»، أو «مدون»، يحمل الجنسية البريطانية! ومورست ضغوط من دول ومؤسسات وأذرع إعلامية و«دكاكين» حقوقية من شتى أنحاء العالم من أجل إطلاق سراحه، وكأنه «ملاك طاهر». وفعلت أسرته كل ما أمكن من وسائل وحيل، من أجل إقناع السلطات بالإفراج عنه، أو العفو عنه، أو تخفيف حكمه، وكأن أي متهم في أي قضية يمكن الإفراج عنه بناء على طلب أسرته! وفي النهاية، صدر العفو عنه، «بمزاج» الدولة المصرية، وليس رغما عنها، وفي التوقيت الذي أرادته هي. ولكن بعد وصوله إلى الأراضي البريطانية، فتح بريطانيون «ولاد حلال» ملفات تدويناته القديمة، التي يحرض فيها على العنف والقتل، ويدلي بآراء يعاقب عليها القانون في بريطانيا تحديدا. وأصبح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر «في نص هدومه»، وهو يقرأ بنفسه مانشيتات الصحف البريطانية، وهي تحتوي على نصوص تدوينات «مانديلا» المزعوم، وترجمتها بالإنجليزية، بالحرف.

ووصل الأمر إلى درجة مطالبة سياسيين من المعارضة البريطانية بترحيله من جديد إلى المكان الذي جاء منه! ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل بدأت سلطات مكافحة الإرهاب في بريطانيا التحقيق فيما نسب إلى الناشط من تدوينات «إرهابية» صريحة. وساء الأمر أكثر عندما تعالت أصوات تطالب بمقاطعة عدد من الفنانين والمثقفين البريطانيين الذين جاهروا على مدى سنوات بالدفاع عن هذا الـ«بني آدم»، والمطالبة بإطلاق سراحه في مصر! وبدأ الشارع البريطاني يتحدث عن «المقلب» الذي شربته بريطانيا، وعن الجريمة التي ارتكبها «ستارمر»، وعن «البضاعة البايظة» التي اشترتها حكومته من المصريين!

واضطر الناشط بعد ذلك للخروج ببيان اعتذار هزيل، عن تدويناته السابقة، بدعوى أنه «كان لسه صغير ومندفع»، عندما نشرها، وهو بالطبع تبرير «أبله»، وكاذب، لأن التدوينات في معظمها نشرت في الفترة ما بين عامي 2008 و2014، أي عندما كان «شحطا» طويلا عريضا، يتنقل بين عواصم العالم لحضور مؤتمرات ومنتديات يشارك فيها مؤيدون وداعمون له من دول مختلفة، وهو يروي قصته مع «النظام» في مصر، الذي تغير ثلاث مرات في تلك الفترة بالمناسبة، وبقي هو على حاله، علما بأنه «من يومه»، و«نضاله» المزعوم هذا يحظى بدعم ومساندة واضحة من لندن!. طبعا، فضيحة ما بعدها فضيحة!. وستكون الفضيحة أشد، إذا ما توصلت السلطات البريطانية إلى نتيجة مفادها أن هذا الناشط غير مرغوب فيه، وأنه يجب ترحيله. ترحيله إلى أين؟! ما هي الدولة التي يمكن أن تقبل باستقبال «بضاعة» بهذه الرداءة؟!

إن الدرس المستفاد من فضيحة «البضاعة التي أتلفها الهوى» هو أن أي مأجور هو قنبلة موقوتة ستنفجر يوما ما حتما في وجه الدولة التي استضافته وآوته. ودرس آخر، يخصنا نحن، وهو: لماذا السكوت على أولئك الذين كانوا يوقعون العرائض وينظمون الوقفات للمطالبة بالعفو عن الناشط إياه، وهم في واقع الأمر ليس لهم توصيف قانوني سوى أنهم يجب تقديمهم واحدا واحدا للمحاكمة، بتهمة تمجيد العنف والإرهاب؟! وللمرة المليون، نقولها «إحنا صح»!.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية