تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > هاني عسل > المصريون فى الخارج .. «الرسالة وصلت»

المصريون فى الخارج .. «الرسالة وصلت»

المصرى العائد من الخارج تستطيع أن تميزه بين ملايين البشر.

 

ملابسه مختلفة، سواء ارتدى بدلة كاملة، أو قميصا وبنطلونا «كاجوال»، أو حتى ارتدى جلبابا. صوته خفيض، سلوكياته أهدأ، مقارنة بغيره. طريقة كلامه مميزة، «مطعمة» ببعض المصطلحات الخليجية أو الغربية، بنسب متفاوتة، كل حسب سنوات اغترابه، والفترة العمرية التى اغترب فيها.

بسهولة، يمكنك أن تفرق بين المصرى العائد من أمريكا، والعائد من الإمارات.

وبـ«الخبرة»، يمكنك أن تميز بين المغترب العائد من السعودية، والعائد من الكويت!

«لا راحة لمغترب»، عكس ما يتصور البعض، فأعباء الغربة ونقماتها لا حصر لها، مهما كان العائد المادى، والسبب أن المصرى بالذات هو المهاجر الأكثر التصاقا ببلده فى غربته، والأشد رغبة فى العودة يوما ما إلى وطنه.

اسم «مصر» يعنى له الكثير فى غربته، وأبناء الجنسيات الأخرى يدركون حقيقة أن المصرى هو الوحيد الذى اغترب ليعود!

تسرى القشعريرة فى بدنه إذا التقى أحد أبناء وطنه مصادفة، أو شاهد فيلما مصريا، أو استمع إلى أغنية تذكره بما فات، ولذلك، تجد أغلب المصريين فى الخارج حريصين على العيش فى أجواء مصرية شبه كاملة، فتجدهم يتابعون كل ما يجرى على أرض مصر من أخبار سياسية واقتصادية، وأسعار السلع والعقارات والدولار والذهب، وأخبار الأهلى والزمالك والدورى والمنتخب، و«أحدث النكات»!

حتى لو انجذب المصرى إلى المجتمع الثانى، أو حصل على جنسية دولة أخرى، تجده مصريا حتى النخاع، لا يخفى هويته الأصلية، ولا يتبرأ من جذوره، بعكس جنسيات أخرى كثيرة، ولذلك، لا أظن أن مصطلحى Diaspora أو Expats، يعبران بدقة عن حالة المغتربين المصريين، حتى وإن كان معناهما اللغوى كذلك، فالمصرى هو المصرى أولا، وثانيا، وعاشرا. هو زويل ومجدى يعقوب وهانى عازر ومحمد العريان وفاروق الباز ومصطفى السيد ونعمت شفيق وداليدا وعمر الشريف ورامى مالك ومينا مسعود ومحمد الفايد ونايل نصار وصلاح، وغيرهم!

ومصر تملك كنزا حقيقيا اسمه «المصريون فى الخارج». عددهم يصل إلى 14 مليونا وفق أحدث تصريح لوزيرة الهجرة. وأكثر من نصف هذا العدد موجود فى البلاد العربية، وعلى رأسها السعودية، وهناك ما يقرب من مليونين فى أمريكا وحدها، ورغم انخفاض أعداد مصريى الخارج عموما فى فترة كورونا، فالأعداد مرشحة للزيادة الفترة المقبلة، نظرا لتزايد الطلب على العمالة المصرية الماهرة المدربة، وبخاصة من دول الاتحاد الأوروبى، التى تتحدث الآن كثيرا عن الهجرة «المنظمة» أو المشروعة.

منذ فترة، زار القاهرة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكى للشئون التعليمية والثقافية، وهو أمريكى من أصل مصرى اسمه رفيق منصور، وكان هناك حديث عن إشادة الأمريكيين أنفسهم بإسهامات الجالية المصرية فى نهضة وتطور المجتمع الأمريكى، فمنهم كثير من العلماء والأطباء والجامعيين، والأمر نفسه يمكن أن تسمعه من أى بلد آخر يستضيف مصريين.

والمصرى بطبيعته مثابر، عاشق للتفوق والنجاح، وأكثر ما يميزه عن الجنسيات الأخرى أنه ملتزم و«محافظ»، و«مالوش فى اللخبطة»، كما أن له خفة ظل و«تاتشات» غريبة ومميزة ليس لها نظير، والمشاهد الرائعة و«الصادقة جدا»، التى قدمها مصريو الخارج خلال انتخابات الرئاسة كانت دليلا على ذلك، وعلى كل ما سبق.

صورة المصريين فى الخارج فى الانتخابات كانت «عظمة على عظمة»، وأفضل ما فيها الرسائل البليغة التى نقلوها إلى العالم بأكمله، بل وإلى الداخل المصرى أيضا.

ألقوا بدعوات المقاطعة فى صندوق القمامة، وقالوا كلمتهم بكل حسم ووضوح:

قالوا إن مصير مصر فى أيدى مصر وشعبها وقادتها وحدهم، لا تؤثر فيه مؤامرات، ولا مخططات، ولا تتلاعب به عواصم وفضائيات و«هاشتاجات». قالوا إن مصر هى الماء، والهواء، والهوية، والكرامة، والحياة كلها، وليست مجرد حفنة من تراب، كما يروج بتوع «اللهم هجرة»، ممن لا يعرفون هوية ولا كرامة. قالوا إن مصلحة مصر مقدمة على أى مصالح شخصية، بعكس ما روج له بعض أصحاب الولاءات المزدوجة. قالوا إن المصرى سيبقى دائما «فى ظهر» وطنه، «ع الحلوة والمرة»، لا يحدد علاقته به سعر دولار أو كيلو بصل أو كيس سكر.

جعلوا من انتخابات الخارج أيام «عيد»، والمشهد الاحتفالى المبهج كانت جزءا مهما من رسائلهم، فقد كان «مفحما» للمشككين، و«محبطا» للمتآمرين، و«محفزا» أيضا للمترددين، وقبل انتخابات الداخل، وموقفا «واعيا» مساندا لوطنهم فى وجه المخاطر الآنية.

وكما كانت هذه هى «وقفة» المصريين فى الخارج مع وطنهم، على وطنهم أيضا أن يضع رضا هؤلاء ومصالحهم دائما على رأس أولوياته.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية